واذا اتتك مذمتي من ناقصٍ


بحروف الخزي والعار، فوق سطور العداء والبغضاء، انطلقت خلال الشهور القليلة الماضية، جوقات الاقلام الخسيسة في تدبيج المقالات الحاقدة، وتلفيق الكتابات المغرضة التي تستهدف النيل من رمزية ومهابة ومكانة ليث المقاومة العربية المغوار، وقاهر العدو الصهيوني مرتين، ومحرر التراب اللبناني بصليل "ذو الفقار"، السيد حسن نصر الله، الامين العام لحزب الله، والمجاهد المكلوء بعناية المولى وسورة "تبارك"•

ورغم ان هجمات هذه الجوقات الباغية قد اتسمت بالغلو المذهبي والشطط الوهابي، واتصفت بالتخلف والانحطاط في المبنى والمعنى، واستندت الى مصفوفة الخلافات التاريخية والثأريات المنسية، واتخذت صيغة الغيرة الشديدة على الحرية والعدالة والديمقراطية•• الا انها، في واقع الامر وحقيقته، ليست سوى هجمات او تهجمات عبرية مكتوبة باقلام عربية، ومدونة بلغة الضاد، وتصب اولاً واخيراً في صالح العدو الصهيوني الذي اوكل لعملائه، بعد انهزامه مرتين، مهمة التصدي لهذا الفارس الشجاع، وتصفية الحساب مع حزبه المشهود له بالبطولة والاقتدار•

لن يغفر العدو الصهيوني لهذا السيد المجاهد "خطيئته" الكبرى بحق كيانه اليهودي والتلمودي، ولن يتسامح قط مع هذا الرائد والقائد الذي عزف سمفونية النصر على شفرات السيوف، وشق للتحرير دروباً واسعة عبر فوهات البنادق، واثخن حيفا وما بعد بعد حيفا براجمات الموت وزئير الصواريخ، وقهر غير مرة جيش داود الذي توهم انه لا يُقهر، ووضع دولة بني اسرائيل - لاول مرة في تاريخها المعاصر - امام مصيرها البائس، وانهيارها الحتمي، ونهايتها التي باتت تلوح في الافق•
ولن يعدم هذا العدو الليكودي وجود الكثير من العملاء والاجراء الاعارب والمتأسلمين الذين يمكن تحريكهم بواسطة "الريموت كنترول"، وتسخيرهم لاداء المهمات القذرة والحقيرة، وانتدابهم لينوبوا عنه في قلب الحقائق، وتزوير الوقائع، وتشويه القناعات، ونبش ذاكرة الخلافات والصراعات القديمة، وفق ذرائع ومزاعم عنصرية ومذهبية وطائفية بالية لا هدف لاستحضارها غير خلط الاوراق، وتبديل الاولويات، وتحريف الكلم عن موضعه، وافتعال معارك ظالمة وآثمة مع هذا السيد النبيل الذي قدم فلذة كبده فداءً للوطن، ومع حزبه الفدائي والكربلائي الذي رفع عالياً رؤوس العرب والمسلمين•

مستحيل ان نصدق ان فينا، وبين ظهرانينا، عاقلاً واحداً يمكن ان يختلف مع حزب الله حول رواسب التاريخ، ولا يتفق معه حول تحديات الحاضر•• يأخذ عليه شيعيته، ولا يعترف ببطولته وينحني اجلالاً لتضحياته وانتصاراته•• يرفع راية التحاور والتفاهم مع المراكز الامريكية والاوروبية والصهيونية، ثم يرفض الجلوس مع قادة هذا الفصيل المقاوم الذي كسر شوكة العدو، ورد كيده الى نحره، وافقده الثقة بنفسه ومستقبله، بعدما كان مارداً يتحدى العرب اجمعين، وطاووساً يختال في الارض غطرسة وتيهاً وغروراً•

مفجع هذا التوظيف السياسي للفتاوى الدينية، ومؤلم هذا النفخ اليومي في الخلافات المذهبية بغية تمزيق شمل المسلمين، ومغرض هذا البرنامج الخليجي والعثماني والامريكاني لتحويل دفة العداء العربي نحو ايران بدل اسرائيل، ونحو الشيعة بدل اليهود، ونحو محور الممانعة والمقاومة بدل محور الصلح والتطبيع والاستسلام والاستقواء بحلف الناتو•
كلنا يعرف حجم التآمر المتعدد الاطراف على محور المقاومة والصمود، وكلنا ما زال يذكر حجم الاستهداف الامريكي - الصهيوني - الرجعي لهذا المحور منذ اجتياح العراق عام 2003 حيث كانت سوريا اول المستهدفين آنذاك، وحين صمدت وتسلحت بشجاعة الرفض لكل تهديدات بوش وكولن باول ورامسفيلد، عادوا اليها مرة اخرى من بوابة لبنان بعد العراق، وحاولوا تقويضها بجريرة اغتيال الحريري عام 2005، وحين ثبتت مجدداً وردت غائلة المؤامرة، جاء دور حزب الله الذي تعرض عام 2006 لاشرس واطول حرب صهيونية في تاريخ الصراع العربي - الاسرائيلي، ثم فوجئ - وفوجئ معه العرب عموماً - بانحياز السعودية العلني الى جانب اسرائيل، عبر اتهامها له بالمغامر، وتحميله مسؤولية اشعال فتيل تلك الحرب•

بعد الانتصار - المعجزة الذي احرزه حزب الله على جيش داود، جاء دور قطاع غزة الذي حاول الصهاينة سحقه عام 2008، والقضاء على حكومة حماس التي تديره، غير ان حسابات الحقل لم تطابق حسابات البيدر، ذلك لأن قوى المقاومة قد استبسلت في الدفاع عن هذا العرين المكين، واحبطت مساعي العدو ومكائده وحماقاته•• وهو الامر الذي دفع التحالف الصهيوني - الامريكي - الرجعي الى التوجه مباشرة الى "رأس الافعى" الايراني، واستبدال القوة الناعمة بالاخرى الخشنة في معترك التصدي لها، وفقاً لما يتلاءم مع عهد اوباما المنافق الذي خلف بوش الاحمق•
لدى الانتخابات الرئاسية الايرانية عام 2009 شعر تحالف الاعداء ان الفرصة المواتية قد حانت، وان لحظة تصفية الحساب مع هذه "الدولة المارقة" قد ازفت، وان "ارننة" الصراع الذي من شأنه تمزيق الجبهة الداخلية، واضرام نيران الحرب الاهلية الايرانية، هي السلاح والمفتاح لضرب انصار احمدي نجاد بازلام خاتمي وموسوي وكروبي•• غير ان العتمة لم تأت على قدر يد الحرامي - كما يقال في الامثال - فسرعان ما القى مرشد الجمهورية بثقله، ووضع البلاد والعباد على سكة الوئام والانسجام•

قبل عام دارت الدائرة مجدداً على سوريا التي تكابد اليوم اقسى المعارك والتحديات، فيما تتنافخ عليها ومن حولها قطعان الذئاب والضباع التي تأخذ على السيد نصرالله انتصاره للقيادة السورية، وتضامنه معها، ليس فقط على سبيل الوفاء الاخلاقي لمواقفها السالفة والمشرفة معه، ولكن ايضاً من قبيل الادراك الاستراتيجي لاهمية وجودها وضرورات الاستناد المستقبلي عليها، خصوصاً بعدما اعلن المأفون برهان غليون صراحة وعلى الملأ ان اول "انجازاته" لدى تسلمه دفة الحكم السوري، سوف تتمثل في فك التحالف مع حزب الله، وبدء التفاوض مع الكيان الاسرائيلي•
مؤكد ان هذه الجوقات القلمية والاعلامية البغيضة والمريضة التي تحاول النيل من "ابي هادي"، لا تعبر عن قناعاتها، او تنطلق مع تلقاء ذاتها، وانما هي محض ادوات مرتهنة لارادة الآخرين في الحلف الامريكي - الصهيوني - الرجعي، وموظفة بالكامل لحساب اجنداتهم ومؤامراتهم ومخططاتهم الارهابية والتخريبية، وممولة من خزائنهم التي تفيض هذا الاوان بكل سخاء لشراء الذمم، واستئجار المحاسيب، وتسليح المعارضات، واثارة الفتن، ونشر الفوضى في كل ارجاء الجسد العربي والاسلامي•
ولكن، الا خاب فألهم، وطاش سهمهم، وساء سعيهم وما يقولون ويفعلون، فليس هناك عقل او ضمير عربي حر يمكن ان يصدق تقولات غلام مثل سعد الحريري، او تخرصات مجرم مثل جعجع، او مزاعم حرباء متقلبة مثل جنبلاط، او ادعاءات بعير نفطي مثل حمد او سعود، ضد هذا السيد القائد المؤمن والامين الزاهد في الشهرة والنجومية واطايب العيش وملذات الحياة، والناسك المتروي في محراب التقوى والفضيلة والفداء والتصوف الوطني، والغني في ذاته المستغني بما لديه من خلق وذكاء واباء ومضاء عن كل فبارك التلميع والتفخيم والتعظيم والطرب السياسي والمحسنات الاعلامية•
ليس "ابو هادي" من يحتاج الى مداحين يتصدون للرداحين، والى هيئة دفاع ترد على المشككين والاتهاميين، فهو علم شامخ من اعلام العرب، وهو عالم جليل من علماء المسلمين، وهو معلم اجيال وابطال في اكاديمية الكفاح المسلح•• وهو - بكل ولكل هذا - النبع وليس الفرع•• الصوت وليس الصدى•• الاصل وليس الظل•• الحكم وليس المتهم، علاوة على انه الاساس او المقياس الذي تقاس به الحقائق والمواقف، والمرجعية التي تملك تقييم وتعريف وتوصيف الآخرين، بينما هم لا يملكون•



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات