أمام حكومتين انتقاليتين


الحكومة التي كانت تعوّل عليها شريحة كبيرة من المجتمع في إصلاح بعض أحوال الناس رحلت بطريقة فاجأت الجميع دون استثناء، رحلت دون أن تنجز ما كان ينتظره الشعب على أحر من الجمر غير آبهة بالإرباك الذي سيسببه هذا الرحيل المفاجئ في المشهد السياسي الأردني لعدة أشهر قادمة.

بالطبع أنا شخصياً لم أكن أعول عليها كثيراً لأنني على قناعة مطلقة بأن رئيس الحكومة ـ أي حكومة ـ يأتي فقط لينفذ ما هو مطلوب منه دون أن يكون له أي رأي فيما يتوجب فعله أو عدم فعله، وأن الحرية الوحيدة الممنوحة له هي في الأسلوب الذي سيتبعه لتنفيذ ما جيء به من أجله.
إنما المأزق الذي وضع رئيس الحكومة السابق البلد فيه، هو أننا أمام حكومتين انتقاليتين؛ حكومة تنجز قانون الانتخاب وتحل البرلمان وترحل، وحكومة تجري الانتخابات ثم ترحل هي أيضاً، ومتوسط عمر كل منهما شهرين إلى أربعة أشهر، أي أننا أمام نصف سنة أخرى وربما أكثر لن يكون فيها سوى انجاز قانون انتخاب (لا نعرف إلى مدى سيكون عصرياً ويلبي طموح الشعب)، وإجراء انتخابات (لا نعرف إلى مدى ستكون نزيهة وشفافة)، وهو ما يعني أن بقية الملفات التي كان بعضها يسير ببطء ومماطلة كمكافحة الفساد، وبعضها الآخر غُيّب تماماً كالإصلاح الاقتصادي سيتم ترحيلها إلى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية.

وخلال هذه "المعمعة" الانتخابية سيدخل كثير ممن تحوم حولهم شبهات فساد إلى نادي "الفاسدين المنسيين" وسيمنحون حصانة من "النبش والبحبشة" وراءهم، لأن في النادي أباطرة فساد سيحمونهم كي لا يصل البلل إلى ذقونهم، كما أن الوضع الاقتصادي للبلد سيزداد سوءاً ومعيشة المواطنين ستصبح أكثر ضنكاً في ضل غياب تام للإصلاح الاقتصادي الذي تم تهميشه بشكل كبير خلال الستة عشر شهراً الأخيرة على حساب إصلاح سياسي لم نلمس منه شيئاً حتى الآن.

في بلدنا مجلس نواب لا هم له إلا المنافع الشخصية والحصول على الامتيازات، وحكومات إما منقادة ولجامها بيد غيرها، وإما مغرورة ترى نفسها أكبر من الدولة ذاتها تدخل البلد في داومة فقط من أجل فروسية زائفة وبطولات لم تعد الشعوب تأبه لها...... في بلدنا شعب ما يزال يعض على ما تبقى من صبر بنواجذ سيخلعها الصبر في لحظة لن ينفع معها ندم من عوّلوا كثيراً على محبة وإخلاص شعب مهمّش وجائع ينتظر اليوم الذي يشتم فيه رائحة العدل والمساواة بين أفراده.
Tariq.Hayek@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات