تنقلات رؤساء الجامعات بين الموضوعية والاستحقاقات


بداية لا بد من الاعتراف بان دهشتي بقرار مجلس التعليم العالي الموقر إجراء تنقلات بين أربع رؤساء جامعات أردنية, ممتدة من شمال الأردن إلى جنوبه قد كانت كبيرة جدا. لقد كان متوقعا أن تجري بعض التغيرات على رؤساء بعض الجامعات الذين انتهت فترة رئاساتهم, وكان متوقعا ومتأملا في الوقت ذاته أن يجري تغذية التعليم العالي بدماء جديدة كما نقول دائما. خاصة وان التعليم العالي الآن قد بداء يلفظ أنفاسه الأخيرة جهارا نهارا وبرغم تزلف وكذب بعض أزلامه, والذين لا يفتئوا يحاولون إبقاءه كهيكل سيدنا سليمان عليه السلام جسدا ميتا, بلا روح وحتى يبقى الجسم التعليمي العام عاكفا على تبجيله واحترامه وتقديره حتى وهو ميت , وننتظر حتى يخر لندرك انه قد مات حقا. التعليم العالي شئنا أم أبينا هو مستقبلنا ومستقبل أردننا الحبيب, التعليم العالي هو مصنع الرجال والطاقات الشابة التي ستقودنا وتقود مستقبلنا وعلى كافة الأصعدة. إن موقع رئيس الجامعة كراسم وصانع للسياسية التعليمية للجامعة ,وكقائد أكاديمي لمؤسسة نخبوية هامة يحتم أن يتم اختياره وفق أسس دقيقة ومعايير عالية الجودة بعيدا عن حسابات الجغرافية تارة, والتاريخ تارة أخرى, ناهيك عن المحسوبية والاعتبارات الهزيلة الأخرى. إن التعليم العالي خطا احمر لا ينبغي تجاوزه ولا ينبغي المحاباة فيه, لأي كان ولأي سبب, إذا ما أردنا أن نتقدم في ركب الحضارة الإنسانية. إن حركة التنقلات التي حدثت بين رؤساء الجامعات تشير إلى كثير من مواقع الخلل الموجودة في نظامنا التعليمي والتي يجب التنبه لها وتصويبها, إن الجامعات ينبغي أن تكون مؤسسات تعليمية مستقلة, مستقلة في إداراتها ومستقلة في رأسمالها وقرارها. إن حركة التنقلات التي جرت بين رؤساء الجامعات على هذا النحو يعيد الجامعات إلى الوراء, ويجعل منها مديريات مهمشة تتبع لوزارة التعليم العالي, وفي هذا خطر كبير على رسالة التعليم العالي والجامعات كمؤسسات تعليمية تهدف إلى خدمة المجتمع المحلي, وإعداد جيل متميز من الخريجين والطاقات الشابة المبدعة. إن منصب رئيس الجامعة يجب أن يخضع لاعتبارات ومعايير علمية صارمة وليس كما أشرت سابقا لاعتبارات جغرافية وتاريخية هزيلة. إن منصب رئيس الجامعة موقعا مهما يجب أن لا يتسلمه أي أستاذ إلا إذا تحققت فيه شروط علمية واضحة, ويكفي أن اذكر أن السيدة كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وروبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي كانا رؤساء جامعات قبل توليهما وزارتي الخارجية والدفاع. واذكر مرة أني سمعت حوار مع احد الأساتذة الامريكين والذي قال إن اختيار رئيس جامعة في أمريكا أكثر صعوبة من اختيار الرئيس الأمريكي. إن رؤساء الجامعات والذين تم نقلهم, ربما لاعتبارات هنا أو هناك, إلى جامعة أخرى قد جُربوا في الجامعات التي عملوا فيها, ولقد اثبت بعضهم كفاءة عالية وقدموا الكثير لجامعاتهم, واثبت بعضهم أيضا عجزا وترك خلفه أرثا من المعضلات والمشكلات الإدارية والأكاديمية لا يمكن لأي رئيس خلفه أن يحله. وهنا أحب أن اطرح سؤلا, لماذا يصار إلى إعادة مكافئة من ثبت فشله؟ ولماذا نمنحه فرصة أخرى لكي ينشر فشله في مواقع, وما الذي سيقدمه الرئيس هنا في الموقع الجديد ولم يقدمه هناك في الموقع القديم؟ وهل هناك فعلا مبررات لنقل الأساتذة رؤساء الجامعات من جامعة إلى أخرى على هذا النحو؟ وما الفوائد التي ستعود على الجامعات والتعليم العالي جراء هذه التنقلات؟ أتمنى أن يصار إلى تقييم عمل رؤساء الجامعات بصورة دورية سنوية بشفافية وحياد من قبل العاملين في الجامعة أو من قبل جهات أخرى, وفتح الباب أمام الراغبين بعد تحقيق شروط معينة للترشح لمثل هذه المناصب العليا وانتخاب الرئيس من قبل العاملين في الجامعة مباشرة. ا نتمنى لرؤساء الجامعات القدامى الجدد كل التوفيق والنجاح في مواقعهم الجديدة, كما نتمنى أن يصار إلى الاهتمام بالتعليم العالي وقضاياه بصورة أكثر جدية ومصداقية. إن التعليم العالي يجب أن يبقى كما يريده جلالة القائد الباني الملك عبدالله الثاني منارة تهدينا إلى سبل التقدم والنجاح والتطور, ومنبعا غزيرا لتخريج الطاقات الخلاقة المبدعة, خاصة في ضوء الدعم الملكي السامي غير المحدود للجامعات بشكل خاص والتعليم بشكل عام.

abdallahazzam@yahoo.com



تعليقات القراء

محمد قفيس(من خريجي اليرموك)
نبارك لجامعة اليرموك ولاهل اربد رحيل ابو قديس و عودة الدكتور سلطان ابو عرابي الى ربوع اربد التي احبته...هنيئا لك يا يرموك بالدكتور سلطان ابو عرابي
17-02-2009 06:31 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات