كانت بيضاء .. ثم اتسخت


ما أجمل قول الرب العظيم : (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم* ثم رددنه أسفل سافلين* إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون*))

ثم قال حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم : (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)

هكذا نحن البشر
نولد أوراقاً بيضاء ناصعة البياض، ثم تبدأ هذه الأوراق الناصعة بالتعرض لغبار الزمن لتبدأ بالاسوداد بخربشات و نقاط سوداء و حروف مفهومة و أخرى غير مفهومة!! لتتحول الصفحة البيضاء بالتحول شيئاً فشيئاً للون الأسود المنفر للنفوس، و كلما ازدادت مساحة البقع السوداء كلما زاد فسادها و كلما زاد عدد الصفحات السوداء كلما اقترب الدفتر الذي يحملها من النهاية، فتراكم اللون الأسود على جميع صفحاته يعني حكماً بالإعدام أو التقاعد! ربما لذلك اخترع أحدهم الممحاة و اخترع آخر حبر الطمس، في محاولات متكررة لاستعادة اللون الأبيض النقي الجميل الذي بدأنا نفقده شيئاً فشيئاً! أو على الأقل لتصحيح الخربشات الخاطئة المنفرة!

و لربما يرى المراقب في زمننا هذا أن صفحاتنا عموماً باتت تتسخ سريعاً و سريعاً جدا أحياناً و أن كميات كبيرة من البقع السوداء صارت تغطيها حتى لم يعد أحداً يجرؤ على تقليب أوراق دفاتره، و صرنا نشتاق للون الأبيض.
فهل نقف متفرجين ؟؟ و هل لدينا السلطة لاستخدام الممحاة أو حبر الطمس لنعيد بريق الصفحات؟

ما أنا متأكد منه تماماً أن كلا منا يمكنه –على الأقل- الحفاظ على صفحة واحدة و حمايتها من غبار الزمن السوداء، احم نفسك! نق روحك! اغسل قلبك!، كن أبيضاً و لا تهوي إلى أسفل سافلين، كن مسلماً فعلا و ليس قولاً (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)

كن الصفحة الأولى لنشكل كتاباً أبيض نظيفاً، فليكن كل منا لبنة البناء لمجتمع محب قوي متعاون، دعونا لا نبيع القيم الجميلة النبيلة لنشتري نقوداً تقودنا للرذيلة، لا نخسر إخواننا من أجل منصب يطغنا، و لا نبع آخرتنا لنشتري دنيانا
" أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير" ؟؟
لعمري تلك تجارة خاسرة، و ضياع أكيد، و تدمير للأشخاص و المجتمعات
فلنستيقظ قبل أن تمزق الأوراق قطعاً صغيرة فلا نستطيع تبييضها ولا حتى لملمتها

تحية معطرة بالياسمين ... و السلام عليكم و رحمة الله



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات