ارفعوا القبضة الأمنيّة


ارفعوا القبضة الأمنيّة؛ كي يصول ويجول، ويحوس ويدوس ويجوس، الشّواذ والمنحرفون والزّعران في دروبنا وبين أفنية منازلنا، يستظلون بهذا الشعار ويختبئون وراءه ليعيثوا في الأرض فسادا على فساد. ارفعوها؛ كي نملأ شوارعنا إطارات محروقة، وحاويات مقلوبة، ومحال منهوبة. ارفعوها؛ كي نرى الدّماء تنساب، والعوائل تُهجّر، والأوطان تُمزّق، والأعراض تُنتهك. ارفعوها؛ حتى نكون وجبه شهية للحصينيّات في أوكارها والأفاعي في جحورها. ارفعوا القبضة كي يسهل علينا هدم المسجد وردم الكنيسة وتسوية الصومعة والغار بالأرض.

ارفعوا تلك القبضة؛ كي يرتحل الخُلّاس واللصوص والسّماسرة بما نهبوا وبما جمعوا. وإن لم يرتحلوا فاتركوهم هانئين آمنين مطمئنين في فللهم ومزارعهم التي سلبوها. ارفعوها؛ كي نظلّ نواطيرَ، هم يتراكضون في فعل الموبقات والسرسرة ووجوه النّواطير قد مُلئت غبارا. هم يكدسون مصارف وبنوكا، ونحن الحماة والحرّاس على أموالهم وضِياعهم قد أفرغت جيوبنا.

تلكما طرفا المعادلة؛ فاسدون بين أظهرنا ما زلنا ننتظر فيهم يوما أسودَ، ومروّجو فتنة ودعاة خراب وممتهنو سياسة ترى الوطن والمواطن أضحية لتنظيم أو حزب أو شخص مباع بثمن بخس لقوى إقليمية أو عالمية، أو ناشط يستجدي أمام بعض السفارات كي يؤلّب الشارع على الأجهزة الأمنية وأفرادها ومنتسبيها الذين يشاركوننا الألم والوجع والدم والسَّحنة والملامح. وآخرون هم مِحراث للشرّ ينتقلون به من هنا إلى هناك، وآخرون استمرأوا الاستفزاز والمماحكة في وجوه أخوتنا من نشامى المخابرات ورجال الدّرك والأمن العام، في محاولات يائسة بائسة لإخراجهم عن طورهم الذي اختطوه لأنفسهم في المسايرة والمهادنة؛ مسايرة ومهادنة القوي الحليم لا الضعيف المهزوز.
وبعد عام على الحراك الذي بدأ مباركا طاهرا عفيفا في وجه الفساد وأزلامه، نلاحظ تسلل أفراد وشخوص هدفهم حرف النّبع الصافي عن مسيره، شخوص غايتهم تعكير مائه ومزجه بالعوالق والدماء، أشخاص يحرثون في ماء بحيرة دون جدوى.

وسيعود الحراك الوطنيّ بعد أن وضحت الصورة خلال عام قضى وانقضى، وبانت النيات على حقيقتها. سيعود الحراك أردنيّ الهوى والهوية، وسيبقى مِخرزًا في عيون وعقول اللصوص وأبناء آوى من مسؤولين استأمناهم فخانوا، واستودعناهم وديعتنا فباقوا؛ فهم جيران لا نأمن بوائقهم وخديعتهم بعد اليوم. مسؤولين ذوي ألقاب برّاقة كشف زيفها الحراك الأردني الوطنيّ لا غيره ممن استهووا الركوب على أكتاف غيرهم.

إنّ الضغط الشعبيّ هو الحصن المنيع في وجه كلّ مغامر أو سمسار، إنّه حصن بحاجة إلى تحصين بين فترة وأخرى من لهو اللاهين وعبث العابثين، سواء كانوا جلاوذة في السياسة أو مراهقين يدرجون على عتباتها. هذا الضغط هو الذي يردع الأيدي الطويلة ويشل حركتها أن تتطاول على المال العام بعد اليوم. لذا، لا بدّ وأن يعاد النظر مرة بعد أخرى في منسوب الهتافات والشعارات والمطالب الشعبية التي تلامس شغاف المواطن، وأن ينظر إلى الجهات الأمنية كافة نظرة التقدير والإجلال والاحترام التي تستحقها؛ فهذه الأجهزة ليست بحاجة إلى أحد يدافع عنها؛ وما دفاعها إلا مسلكها الحضاري الوطني الذي جنّب بلدنا دسائس أو سوء تقدير ولو كان بحسن نيّة.

وللعلم؛ القبضة الأمنية هي قبضة أبنائنا وأخوتنا من وقاص وبلعما والقويرة والطّرّة والرويشد . إنهم منا ونحن سنبقى، عهدا علينا، منهم.



تعليقات القراء

حويطي
كلام يستحق التقدير من رجل شريف,وطني , واعي
24-04-2012 01:18 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات