سؤالُ أرينْ : عمّانُ وأخواتها


حوار قصير دار بيني وبين ابنتي أرينْ - ذاتُ السنواتِ الخمس - في إحدى القرى الأردنية.
" سؤالُ أرينْ بلغتها، بابا: ليش هيك بيوتهم مش مزبّطات؟ ، الجواب: اللهُ أعلم يا بابا، بس يمكن ما في معهم مصاري! هذا جوابي ولا أدري إذا كُنتُ موفقاً فيه أم لا! فإذا أصبتُ فبها وإذا أخطأتُ فمَنْ يُجيبكِ يا أرينْ؟.

كلما يممتُ وجهي اتجاه قريةٍ أردنية – قد لا تبعد –عن عمّان مسافةَ 20 كليومتر أو أقلَ أو أكثر،أُصابُ بالذهولِ للفرقِ الكبيرِ في مستويات الحياة والخدمات، ونوعية المرافق وطريقة الحياة والمعرفة فضلاً عن الوعي.. الناسُ هناك هي مثل الناسِ هنا ، وفيهم مزايا وطِيْبةٌ نحتاجُها في عمّان. والناسُ هناك يتبعثرونَ على مساحاتٍ أكثرَ اتّساعاً ولديهم أفقٌ أكثرُ جمالاً، ولديهم أحلامٌ كبيرة. يرفعونَ العلمَ الأُردنيّ على بيوتهم بلا مناسبة، ويرددونَ "الأغاني الوطنية" من دون حتى أن يسمعهم أحد. هؤلاء الناس هم أهلُنا وعشيرتُنا ولهم حقُ الأهلِ وحقُ القُربيْ.

هناك، حيثُ الأهلُ و ذوو القُربىْ، تغيبُ بنسبٍ متفاوتةٍ أو قد تنعدمُ مظاهرُ الحياة "طالعمّانيّة"، والنهضةِ "العمّانيّة"ط، والطُرقِ "طالعمّانيّة" والمرافقِ "العمّانيّة"، والمدارس والمتاجر والملاعب والحدائق والمكتبات "العمّانيّة، وتمضيْ الحياةُ رتيبةً في جُلِّ أوقاتها، الغريبُ حقاً، أن مواردَ الأردنِ الإستراتيجية ُكلها تأتي من خارج عمّان، لتُساهم في نهضةِ عمّان تاركةً القليلَ من مكاسبِ التنمية لتتوزعَ على باقي المناطق. فلماذا لا يكونُ هناك مشروعٌ واحدٌ على الأقلِ في كل قريةٍ. وإذا كانت العواصمُ في كل العالم تحظى بالنصيبِ الأكبر من التنمية لأنَ العواصمَ قلوبُ الدول، فهذا لا يجبُ أن يعني إغفالَ تنميةِ الأطرافِ ونهضتها والاهتمامَ بها.

قد يكون المطلوبُ مِمَنْ يعيشونَ هناك أن يبادروا من جهتهم بالعملِ وتنظيم جهدهم والمطالبةِ بمساعدتهم على النهوضِ بمجتمعاتهم المحليّة، وفيهم كثيرون مِمَنْ نالوا حظاً أوفرَ من الفرُصِ والحياة. ويُمكنهم أن يقدموا الكثير لمناطقهم وفقَ معاييرَ محايدةٍ وعادلةٍ في توزيع الخدمات والمرافق وتوزيعِ الأدوارِ والفُرصْ.

أقولُ لكلِ مسؤولٍ ُيريدُ أن ينجحَ فعلاً في الإدارة وأن يصنعَ فرقاً في حياة الناس، لا تتركوا عمّان فهي محافظةٌ أردنيةْ، ولكن اعلموا أن لعمّانَ احدى عشرةَ أختاً شقيقةً في الشمالِ والجنوبِ والوسط، فأعطوا عمّان حقها وأعطوا الشقيقات الأخرياتِ حقهن، وإلا فسوف تمرونَ في تاريخِ الأردنِ عابرينَ بلا فرقٍ صنعتموه، فالإنجاز في عماّن "طالمتطورة" قد لا يظهرُ بذاتِ شكلِ وحجمِ الإنجازِ الذي يُمكن لكم أن تحققوه في– واسطةُ العِقدِ- عمّان، وشقيقاتِ عمّان -باقي حلقات العقد الأردني "الفريد"-. أذهبوا هناك، لتعرفوا ماذا هناك، وقد "عملتم"ط هنا فاعملوا هناك، فالخيرُ آتٍ من هناك، ومَنْ يدري إذا عملتم هناك، فقد يختلفُ الجوابُ على سؤالِ أرينْ ، أو ربما لن يكونَ هناك سؤالٌ لأرينْ عن البيوتِ اللي "مش مزبّطات".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات