شهداء وطن


ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل اللهامواتا بل احياء عندربهم يرزقون
( صدق الله العظيم)


الرقيب الممرض الشهيد علي سليمان العياصرة من شهداء الخدمات الطبية الملكية

لم يعرف بالضبط التاريخ الذي ولد فيه الشهيد نظراً لضعف التوثيق في بدايات القرن الماضي إلا أننا نستطيع أن نحصر فترة ولادته في بلدته ساكب بالأعوام 1926 ، 1927 ولا يتعدى عام 1928 وقد كان عمره عند استشهاده لا يتجاوز الأربعين ربيعاً.
التحق بالقوات المسلحة الأردنية عام 1949 في الخدمات الطبية الملكية بمهنة ممرض وخدم في مستشفيات الخدمات الطبية الملكية في أوائل الستينيات ثم خدم في الميدان وكانت آخر وظيفة له هي مسؤول عيادة كتيبة الأمير الحسن الآلية/4 الملكية التي كانت متمركزة في القدس.
عرف عن الشهيد علي سليمان عياصرة خلال طفولته الذكاء وسرعة البديهة دل على ذلك تميزه في الدراسة على أقرانه، كما تميَّز أيضاً في دورات التمريض التي اشترك فيها والتي كانت تعقدها الخدمات الطبية الملكية ، كما عرف عنه وطنيته الصادقة وإخلاصه في عمله وحبه له فأتقنه وبرع فيه لدرجة أنه أصبح يعالج الكثير من الحالات المرضية سواء في وحدته العسكرية أو في قريته "ساكب" التي كان يعالج أبناءها أثناء إجازته وكثيراً ما كان أبناء القرية ينتظرونه ليعالج مرضاهم نظراً لعدم توفر الأطباء والعيادات والمستشفيات في ذلك الوقت. عرف العياصرة بأنه لم يتذمر لحظة أثناء خدمته للآخرين ، كما أنه لم يتوان عن مساعدتهم لأن مهنته كانت إنسانية بحتة وهو بطبعه يميل إلى الخدمة والمساعدة التي كان يقدمها.
كان طليق الوجه ضاحكاً بشوشاً الأمر الذي أدخله إلى قلوب الناس ممن عرفه وتعامل معه سواء من بين زملائه في القوات المسلحة أو من أبناء عشيرته وأهل بلدته الذين لا يزالون يذكرونه بخير ويترحمون عليه، بل وذهب بعضهم إلى القول بأن الله أحبه لذلك اختار له طريق الشهادة في سبيله تلك النهاية التي طالما تمناها وباح بها بصوت عال فقد ذكرت زوجته أنه قال لها قبل المعركة التي استشهد فيها عام 1967 انه يتمنى أن يقتل في سبيل الله وتحقق له ما أراد.
قصة استشهاده

كان الشهيد مسؤول عيادة الكتيبة الرابعة في حرب الأيام الستة عام 1967 ، ويروي بعض ممَّن كانوا معه في الكتيبة والذين عرفوه وتعاملوا معه في مدينة القدس أن أحد مواقع الكتيبة تعرض لقصف جوي أدى إلى استشهاد وجرح عدد من جنود الموقع فصدرت الأوامر إلى مسؤول العيادة في الكتيبة الرقيب علي عياصرة بالتحرك مع سيارة الإسعاف لإنقاذ الجرحى فلم يتردد رغم سخونة الموقف ومشاهدته لطائرات العدو تجول في سماء المنطقة وعلى الفور تحركت السيارة باتجاه الموقع وقبل وصوله أغارت طائرة إسرائيلية على سيارة الإسعاف فأصابتها إصابة مباشرة الأمر الذي أدى إلى استشهاد الرقيب الممرض علي سليمان عياصرة وسائق السيارة وهذا بطبيعة الحال يدل على إصرار إسرائيل ومخالفاتها للمواثيق والمعاهدات الدولية التي تحرّم وتمنع استهداف سيارات الإنقاذ والإسعاف والطوارىء.
لم يعرف مصير الشهيد علي سليمان عياصرة مباشرة ولم يعثر على أي اثر له لذلك اعتبر لفترة في عداد المفقودين غير أن عدداً من زملائه أكدوا قصة استشهاده بهذه الطريقة وعلى ما يبدو أنه دفن في مكان ما في القدس الشريف كما هو الحال مع عدد من الشهداء البررة الذين رووا بدمائهم الطاهرة ثرى القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
رحل الشهيد علي سليمان عياصرة مخلفاً ذكراً طيباً وسيرة حسنة يذكرها أصدقاؤه وزملاؤه وأبناء قريته وأهل بيته الذين أثنوا جميعهم على حسن معشره ووفائه ونقاء سريرته وكما قال بعض من عرفه أنك تحبه لمجرد رؤيتك له ، لم يغضب منه أحد ، ولم يكن سبباً ، دائم الابتسامة التي تنبىء عن قلب طيب ونفس زكية.
للشهيد رحمه الله خمسة أبناء رعتهم القوات المسلحة الأردنية وتكفلّت بتعليهم فالأبن الأكبر "روحي" معلم متقاعد من وزارة التربية والتعليم ، والثاني "محمد فتحي" عميد متقاعد من القوات المسلحة ، والثالث "سمير" عقيد في القوات المسلحة ، والرابع "مروان" مهندس موظف في وزارة الصحة ، والخامس "محمود" معلم في وزارة التربية والتعليم ، وللشهيد أيضاً ابنتان متزوجتان ، وزوجته ما زالت تذكره صبح مساء وتترحم عليه وتدعو الله أن يتقبله شهيداً في سبيله وأن يجمعها به في جنات الفردوس الأعلى رحم الله الشهيد وجعله مع الصديقين والابرار.
Emal_ hassan_abo_zaid@yahoo.com



تعليقات القراء

الطهاروة
حسن بيك اشهد أنك اردني اصيل وابن اصل كذلك رغم انك من ابناء سحاب لم تتطرق الى احد منهم بل ذهبت وتكلمت عن شهيد من احد القرى الاردنية وبهذا الحس والشعور الكبر اتجاه هذا الشهيد الذي يستحق منا جميعا كل تكريم



اخي حسن بيك كتابتك رائعة وانسانية وتلامس وجدان طبيعتك وخلقك الكريم

هكذا عرفناك في سحاب شهم وكريم وصاحب خلق ووطني من طراز رفيع
12-04-2012 01:42 PM
خالد المصري/سحاب
حسن بيك..بارك الله فيك وجزاك الله على المقالة المميزة..ونسأل الله ان يكتبنا واياكم من الشهداء والصديقين..
12-04-2012 02:06 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات