إزدواجية المعيار الدولية والعربية


الكتابة في مجال السياسة موضوع مهم جداً، خاصة في هذا الزمن الرديء الذي يشهد صراعا فكرياً وثقافياً محموماً، فأصبح امتلاك المعلومات سلاحاً فتاكاً ، ولهذا اهتمت دول العالم بهذا الجانب ، وخصصت له مكاتب وخبراء. وللسبب نفسه، أولت الولايات المتحدة الجانب المعلوماتي أهمية كبيرة، وأنشأت له مؤسسات خاصة، لممارسة الدعاية السوداء وغزو الأذهان

ولما كان المسلمون المخلصون والمجاهدون لا يمتلكون ما تمتلكه الدول المعتدية من أجهزة إعلام كبيرة تهدف إلى نشر الأفكار وغزو العقول والتأثير على القلوب، اكتسبت الكتابة في كل المجالات أهمية كبيرة، ولا سيما في المجالات السياسية. لذلك كان لا بد من الاهتمام بالكتابة وتشجيع أبناء الأمة عليها، فنحن بحاجة إلى كتَّاب يعملون على توعية الأمة، وتعبئة أبنائها، وإيقاظ الغافلين وتحريك الساكنين.
ازدواجية التعامل الدولي مع ما يسمى بالثورات العربية دفعني دفعا للحديث بهذا الشأن، وقد تعجبت كثيرا حين سمعت الخارجية الفرنسية وهي تنتقد نظام القذافي ونظام بشار، بدعوى رفض قمع المتظاهرين، علما أنها اقترحت من قبل على نظام بن علي ـ قبل سقوطه ـ مساعدتها في قمع الاحتجاجات، فهل حلال على بن علي قمع المحتجين وحرام على بشار والقذافي؟!

ولا يعني هذا أني أقف موقف الدفاع عن الدكتاتورية وقمع الاحتجاجات وإراقة الدماء، بالعكس نحن لا يمكن أن نقف إلا في صف الديمقراطية لأننا تعلمنا في الأردن الحرية بكل أشكالها، ونحمد الله على غياب أي شكل من أشكال القمع عندنا، ولا نرضى القمع لأي أحد في أي بلد شقيق، لكن لا نقبل في نفس الوقت أي تدخل أجنبي في شؤون الدول العربية ، لاسيما عندما يكون هذا التدخل بمعايير مزدوجة ، فالماذا تدخل حلف الناتو في ليبا وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الخليج الثانية عام 1991، التي شاركت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا ، برغم المعارضة من قبل موسكو وبكين ولكنهما فشلا بسبب الهيمنة الأمريكية الصهيونية .

ومن جانب أخر ، نرى المثال السعودي يقينا بتفشي ازدواجية المعايير الدولية، فالسعودية تدخلت عسكريا لقمع الاحتجاجات في البحرين، رغم الصور البشعة التي شاهدناها على شاشات بعض الفضائيات، ولكن السعودية أرسلت جنودا لها للمشاركة في استخدام القوة المفرطة لقمع الاحتجاجات، وبعد أقل من شهرين من قيامها بذلك، ها هي تتدخل لتدافع عن المحتجين في سوريا، فلماذا لم تتعامل مع سوريا وليبيا بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع البحرين؟

وعندما يدعو مجلس التعاون الخليجي المغرب للانضمام إليه، مع كل ما يقوم به من قمع للصحراويين، نشعر بحجم النفاق والتضليل، فأين هؤلاء من المضطهدين؟ وأين هؤلاء مما حدث ويحدث في فلسطين من قمع؟ أم أن هؤلاء لا ينظرون إلا في الاتجاه الذي يريدون؟!
لقد أبادت إسرائيل شعبا كاملا في غزة، فلماذا لم تظهر نخوة هؤلاء؟.. وأين كان المدافعون عن حقوق الإنسان في فرنسا والسعودية وغيرهما.
إن تغيير المشهد الاستراتيجي في منطقة الخليج العربي ، نما في الأونة الأخيرة في المزيد من إزدواجية المعاير برغم الغضب الشعبي السعودي بعدم التدخل بشأن السورية مثلما تدخل في البحرين .

وكذلك غض المجتمع الدولي العالمي عن المجازر التي تقشعر لها الأبدان في كل يوم ، وعدم انصياع هذا النظام لمبادرة كوفي انان إن غض الطرف عن حالات أخرى ربما مماثلة أو أكثر سوءا (سوريا أو اليمن)، حيث قال أمين عام الحلف "إن الحلف ليس لديه خطط للقيام بمهمة عسكرية في سوريا".

وأضاف أن "تحرك الناتو ضد النظام الليبي كان بمقتضي تفويض قوي من مجلس الأمن ودعم واضح من دول المنطقة، وهو مزيج نادر لم نشهده في مواقف أخرى.
ولاشك في أن السيطرة الأوروبية علي المنطقة، إبان أعوام القرنين التاسع عشر والعشرين، من شأنها تعزيز استمرارية مشاعر الشك والريبة في السياسات الغربية عموما تجاه المنطقة العربية، حتي وإن كانت بغطاء أممي مدعوما بتأييد عربي .
ما أود قوله بأن هذا التهميش الدولي العربي للقضية السورية لمن ولصالح من .
الم يحرس هذا النظام السوري الخائن (الطفل المدلل) للولايات الامريكية ردحاً من الزمن .

إن المشهد الخليجي من موقف النظام السوري ، فإن الجميع يعلم علم اليقين بأن مواقفه مربوطة بيد الولايات المتحدة الأمريكية ولا يستطيع التحرك إلا بمشورتها ، وهذا الإرتباك الخليجي ما هو إلا خشية التمدد الشيعي فقط .
أما حديث الساعة ما هي السيناريوهات المطروحة أمام المجتمع الدولي بعد إنتهاء مبادرة كوفي أنان ؟
Abosaif_68@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات