طوبى للغرباء


اخبرني أحد الأصدقاء ويعمل خبيراً في الشؤون الإسرائلية في معهد الدراسات الإستراتيجية بأنه قد أعد بحثاً طويلاً ، ويحمل أرقام ومعادلات ، يراهن فيها على أن نظام الأسد لن يسقط أبداً .
فأجبته بمعادلات أقوى وأعمق من كل المعدلات والدروس التي حاضرني بها . من المنهج الكتاب والسنة ومقتطفات من بحثي المتواضع الذي أضعه بين يدي القارئ الكريم ليحكم ويستنتج .
كانت بداية بحثي من صحيفة (نييورك تايمز)
( لم يخطئ الرئيس بشار الأسد عندما أرسل ابن خاله، وأقرب الناس إليه، إلى أميركا في شهر مايو (أيار) العام الماضي، أي بعد شهرين من اندلاع الثورة السورية، ليعترف صراحة للجارة إسرائيل أن أمنها سيتعرض للخطر إن تعرض نظام الأسد للسقوط. رامي مخلوف قال كل هذا وزاد عليه، ونشرت تصريحاته المثيرة حينها) .
إن الشعب السوري الحر يعلم كل هذه الأمور ، ويعلم مدى خيانة النظام لشعبه ووطنه قبل إندلاع الثورة العارمة، كما يعلم بأن الموساد الإسرائيلي قام بحمايته عدة مرات ، وحذره من مغبة حضوره بعض المؤتمرات الدولية ، خشية اغتياله من بعض الحركات .
كان سقوط حسني مبارك ضربة موجعة لإسرائيل فلقد خسرت عميلاً قام على خدمتها فترة طويلة من الزمن ، ومع بدأ تساقط الأقنعة العربية في ظل الصحوة الإسلامية تغيرت ملامح الساسة العرب .
إن بدأ تأثير حركة الأخوان المسلمين على المستوى الإقليمي والدولي قد أتاحت الفرصة ، لدى المجتمعات العربية في تغير إتخاذها القرار السياسي.
فالدول التي لم تصلها الثورة بدأت في عمليات الإصلاح انسجاماً مع المعطيات الأقليمية التي فرضت نفسها على الساحة العربية .
أعتقد بان التغير سيكون شاملاً وكاملاً في بضع سنين ، من خلال ما يجري على أرض الواقع من تحديات أطاحت بحكامها العملاء ولمتأمرين على شعوبهم وخيانتهم لدينهم ووطنهم .
إن وصول بعض الحركات الإسلامية لسدة الحكم في تونس ومصر والجزائر والمغرب بعد سقوط الأنظمة ، شكل مفاجئة لمن لا يعرف خارطة القوى السياسية والاجتماعية في معظم البلاد الإسلامية.
إن العارف بتفاصيل المشهد الاجتماعي والديني في البلاد الإسلامية ومدى النفوذ السياسي والاجتماعي للحركات الإسلامية خصوصا، لم يفاجئ بهذه النتيجة المتوقعة والتي تعبر عن مدى النفوذ الواسع التي تتمتع به الحركات الإسلامية، بل إن عدم وصول تلك الحركات لسدة الحكم، في حال جرت انتخابات حرة ونزيهة، سيكون هو المثير للدهشة والاستغراب، وليس العكس.
وكما صرح الدكتور رشاد البيومي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في مصر بأن القضية الفلسطينية ستكون على سلم أولويات جماعته في المرحلة القادمة، وأن الجماعة ستعمل بشكل حثيث على دعم قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من سنوات عديدة ، وفتح معبر رفح بشكل دائم أمام حركة المسافرين.
بدأ الموقف السياسي الأردني يستشعر بقوة نفوذ الحركة الإسلامية ، مع تحول المطبخ السياسي العربي من السعودية إلى مصر ، إلا أن الأخرى أمريكيا ومن والها تنظر إلى الموضوع العربي من زويا ضيقة بطرح عطاء (موسى عمرو) لتولي الرئاسة في مصر ، ما زال الحكام العرب بزعامة الصهيونية ينظرون إلى تأرجح ميزان القوى الصهيوني الإسلامي ، وأنا ومن خلال وجهة نظري أود أن أبين ما يلي للمجتمعات العربية والمجتمعات الدولية بأن الثورات العربية التي جرت وما زالت مستمرة إنما هي بمثابة التأكيد على أن الفكر العربي الإسلامي قد نضج وتغير ولم تعد تنطلي عليه الحيل والمؤمرات الدولية والأقليمة وإذا لم يستجب ما تبقى من الحكام العرب لإرادة القوى الإسلامية فستدور عليهم الدائرة ، وسيعلمون أي منقلبٍ سينقلبون .

ذلك مع تغير الموقف الأوربي حيال قضية الإسلام والمسلمين ، فإن أوروبا لم تكن هدفاً أساسياً في الصراع ما بين الجماعات الإسلامية المسلحة والهيمنة الأمريكية و"الإسرائيلية" على منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي وجدت أوروبا نفسها تنساق إلى حرب ليست هي هدفاً فيها، وإنما جرّتها إليها الولايات المتحدة لتوسيع جبهتها ضد الإسلام والمسلمين.
أصبحت بعض الدول الأوروبية بعد هذه السياسة؛ هدفاً لتلك الجماعات المسلحة، بسبب تبعيتها اللاحقة للسياسية الأمريكية الخارجية، من احتلال العراق وأفغانستان ودعم للكيان الصهيوني. فحدثت تفجيرات مدريد في إسبانية، وتفجيرات لندن في بريطانيا، فيما لا تزال التهديدات تفزع معظم أجهزة الأمن الأوروبية في بقية الدول.
وجدت أوروبا نفسها في مواجهة مع أمة كاملة، يقدر عدد أفرادها بنحو 1.5 بليون مسلم.
إن التمدد الإسلامي ليس على مستوى الدول العربية فقط بل إن هناك صحوة إسلامية إمتدت حتى الدول الغربية التي بدأت فعلياً في المصالحة بدل العداء مع الأمة الإسلامية التي غدت تؤثر بشكل أو بأخر على هذه الدول ، وفك ارتباطها التدريجي مع الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية .
ان المنطقة الان مهيئة لقيام مشروع اسلامى سني (اهل السنة والجماعة ) وسيتم قبوله عالميا فى منطقة الشرق الاوسط على الاقل مرحليا لعمل توازن سياسى بعد سقوط العراق وتفتيتها والتى كانت تمثل حائط الصد لتغول الدولة الفارسية فى منطقة الخليج بل حتى على المستوى الشرق الاوسط كله بعد ان فقدالغرب السيطرة على القوى الشيعية المتنامية فى المنطقة والتى تم مساندتها فى البداية وتم العمل على انجاح ثورتها الخبيثة الخومينية .. وكان الغرض منها عمل اتزان لعدم قيام دولة اسلامية سنية كبرى .. ولكن يبدو ان السحر انقلب على الساحر وتم اضعاف الدول السنية اكثر من اللازم امام هذه القوى الخبيثة ولم تستطيع القوى العالمية اضعافها بنفس قدر اضعاف الدول السنية مما احدث صدام ولو مرحلى بين التوسع الصهيونى بحماية امريكية والتوسع الفارسى الذى تقوده ايران ..مدعومة من الدب الروسى المكسور الذى يتحين فرصة الانتقام من صياده الامريكى ولذلك لن يكون رد الفعل العالمى السياسى شديد فى حالة اكتمال شكل المشروع الاسلامى في الشرق الأوسط .
وقد حدثنا معلمنا وقائدنا محمد بن عبدالله (ص))بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء) ومعنى الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات