رسالة الى من يهمه الاردن


يتحدث البعض عن وجود علاقة تاريخية خاصة بين نظام الحكم في الاردن وبين العشائر الاردنية يعود تاريخها الى بدايات تأسيس الدولة، وهذا مناقض لتاريخ العلاقة بين النظام والعشائر في العقود الاولى من تاريخ المملكة ، والتي شهدت تغييب أبناء العشائر الاردنية عن تولي أهم المناصب في البلاد ، بما يتضمن موقع رئيس الوزراء ، وبما يتضمن مناصب الطبقة الثانية ، وكانت العشائر الاردنية التي تقطن الاراضي القريبة من مملكة آل سعود تشكل إستثاءا محدودا للقاعدة السابقة ، لاسباب لا تخفى ، وترتبط بتجنب تكرار حالة الشيخ عودة ابو تايه .
وفي السنوات الاخيرة من عهد الإمارة والسنوات الاولى من عهد المملكة ، أطلق الأمير عبدالله الأول تحولا في سياسة النظام نحو أبناء العشائر الاردنية ،فكان الغاء قانون العقوبات المشتركة ، والذي كانت العشيرة الاردنية بكافة أفرادها تتحمل بموجبه تبعات إساءة أحد أبناءها ، ومن مؤشرات ذلك التحول ما تضمنته رسالة تكليف الامير عبد الله الاول لابراهيم هاشم من تعبير الامير عن رغبته بتقديم أبناء البلاد على سواهم في التوظيف وشغل المناصب العامة ، ومما جاء في تلك الرسالة قوله " مع لفت النظر الى رغبتي القلبية ، كما أشرت آنفا الى الاستعانة بابناء البلاد وترجيحهم على من سواهم " (1939) ، ولكن مضت عدة سنوات قبل تولي أردني لمنصب رئيس الحكومة .
وبعد توليه سلطاته الدستورية ، تبنى الملك الحسين بن طلال السياسة التي أطلقها جده الملك عبد الله الاول في السنوات الاخيرة من حكمه ، فتولى أبناء البلاد منصب رئاسة الحكومة وسواه من المواقع الهامة في الدولة ، وأثبتوا كفائتهم وقدرتهم فكان منهم رجال دولة مثل هزاع المجالي ووصفي التل ، أثبتوا أن أبناء الوطن هم الأجدر بحمل الأمانة والحرص على مصلحة الوطن .
تقاليد العلاقة بين النظام والعشائر الاردنية وابناء الوطن ، من كافة الأصول والمنابت ، هي أحد حقوق أبناء الوطن التي لا يمكن التنازل عنها . ليس لرغبة أبناء الوطن في الوجاهة وتولي المناصب الهامة في الدولة ، بل لحرصهم على مصلحة الوطن وتحملا لمسؤولياتهم نحوه ونحو مستقبل أبنائهم من بعدهم . ويدرك أبناء الوطن بأنه لا يجوز إجتزاء الديمقراطية والتوجه نحو تفصيل قانون إنتخاب يقود الى سيطرة حزب على البرلمان والحكومة والسطو على النظام السياسي.
فالديمقراطية التي تعني تمثيل إرادة الشعب تكون مجتزأة إذا تحقق السيناريو السابق في ظل غياب الثقة بالأحزاب القائمة ، حيث لا يوجد حزب أردني يمثل أكثر من 1% من المواطنين الاردنيين ، وحيث تتميز تلك الأحزاب بارتباطاتها الاقليمية او الدولية المشبوهة . فتشكيل حكومات حزبية يتطلب أولا وجود أحزاب وطنية تحظى بثقة المواطن الاردني ، والا فإن الديمقراطية لن تتحقق .
وفي هذا السياق ، نتسائل حول موقف رئيس الحكومة الحالي ومحاولاته المحمومة لإسترضاء الحركة الإسلامية والتي كانت تعمل " في منطقة رمادية " غير واضحة خلال العقود الثلاثة الماضية كما وصفها الملك عبدالله الثاني في مقابلته مع صحيفة ديرشبيغل الالمانية في حزيران 2006 ، وحيث وجه اليها الدعوة في تلك المقابلة لإعادة تصويب علاقتها بالدولة الاردنية ، وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن. ولا يجوز عقد صفقات إسترضاء مع أحزاب أو حركات لا تملك من المؤهلات والبرامج سوى إطلاق اللحى والعمل بعقلية الهوموراكتوس (حول الهوموراكتوس إنظر كتاب المفكر المرحوم الصادق النيهوم "فرسان بلا معركة") .
إستقواء الحركة الاسلامية بالقوى العالمية ، التي كانت تصفها سابقا بقوى الشر ، لا يجوز أن تتمثل الإستجابة له بتقديم تنازلات على حساب الوطن وأبناؤه . ولا يجوز التزام الصمت حيال مواقف الحركة الخطيرة ، وهي التي باتت تعمل كدولة داخل الدولة ، فكان من أخطائها التي مرت دون حساب ، إجبار شباب الحركة الاسلامية بعض المواطنين والصحفيين المتواجدين في الشوارع العامة في وسط البلد إبراز هوياتهم في مسيرة "طفح الكيل " في الجمعة الاخيرة من العام الماضي ، والتي شهدت إستعراض قوة بشكل مشابه لإستعراض القوة الذي يقوم به حزب الله في الضاحية الجنوبية من بيروت بين فترة وأخرى .
من الواضح أن مرحلة التعايش بين الحركة الاسلامية والنظام السياسي في الاردن قد إنتهت ، وقد لا يكون ذلك هوقرار أعضاء الحركة الاسلامية في الاردن بالضرورة ، إذ نرجح بأن ذلك القرار مصدره الولايات المتحدة والجماعة الام في مصر ، ولكن بكافة الأحوال يتوجب على النظام السياسي إدراك حقيقة أن الشعب الاردني لن يقبل الرضوخ للضغوط الإقليمية والدولية ، ولن يقبل التراجع وإستعادة الوضع الذي كان قائما في سنوات بداية تأسيس الدولة ، والاصلاح الذي يطالب به الشعب الاردني لم يكن ابدا ولن يكون التحول نحو العطب والفساد "الملتحي" وهذه هي الرسالة العاجلة التي يتوجب على النظام السياسي إدراكها .



تعليقات القراء

الى..
يا زلمه غير هالصوره
08-04-2012 06:27 PM
علي مهدي
من كتاب التدخل السيع.....
09-04-2012 10:35 AM
قارئ ميتدئ
مش قادر افهم شو المفصود بالفقرة الثانية من مقالك حيث تقول(ومن مؤشرات ذلك التحول ما تضمنته رسالة تكليف الامير عبد الله الاول لابراهيم هاشم من تعبير الامير عن رغبته بتقديم أبناء البلاد على سواهم في التوظيف وشغل المناصب العامة ، ومما جاء في تلك الرسالة قوله ' مع لفت النظر الى رغبتي القلبية ، كما أشرت آنفا الى الاستعانة بابناء البلاد وترجيحهم على من سواهم ' (1939) ، ولكن مضت عدة سنوات قبل تولي أردني لمنصب رئيس الحكومة )
وكاني بك تقول ان رؤساء الحكومات السابقة لتاريخ 1939 ليسوا اردنيين بمفهومك طبعا.....
ارجوا ان تعود الى قانون الجنسية الاردني الاول فبل التعديل... وكيف عرف الرعايا المتواجدين شرق الاردن قبل تاسيس الامارة
ثم عدت تقول ان الاردنيين من مختلف الاصول والمنابت لهم الحق في تولي المناصب ثم صببت جام غضبك على الاسلاميين واطلقت التحذيرات..... هل بجب على الاردني ان لا يكون اسلاميا....


بالمجمل مواضيع متضادة ومتشعبة في مقالك لا تجتمع في مقال واحد..
مع الاحترام
09-04-2012 12:19 PM
الى 3
وهل ترى ان رضا باشا ..... ؟ ولماذا كان يطالب الوطنيون في المؤتمرات الاردنية منذ المؤتمر الاول في مقهى حمدان باردنة المناصب والادارة الاردنية؟ يمكنك العودة الى كتاب الفكر السياسي في الاردن(وثائق ونصوص 1916-1946) لعلي محافظة للاطلاع على تاريخ الفترة المشار اليها في المقال ...الاسلاميون لا يمثلون الاردنيون من كافة الاصول والمنابت ومحاولة السيطرة على البرلمان والحكومة مع ضعف الثقة بالاحزاب والانخراط بها يعد تجاهل لتركيبة وتكوين المجتمع الاردني ..المطلوب اولا تقديم برامج وطنية مقنعة للمواطن تقوده الى الانضمام للاحزاب وبعد ذلك تشكيل حكومات عبر الاحزاب
09-04-2012 02:42 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات