طافت أرجاء المملكة منذ بداية الحراك الشعبي ما لا يقل عن خمسة ألاف مسيرة واعتصام وإضراب, كانت الجهات الأمنية خلالها تقوم بمهمتها بوطنية عالية التهذيب والإتقان , أبهرت العالم وحيرته بفنون إدارة الأزمات , إلى درجة وصل الأمر بها إلى تقديم الشراب والماء والأطعمة للمشاركين , مما اغضب نفر منهم لم يستسيغوا ذلك الإجراء , لأنهم كانوا يتوقعون استخدام الأمن للقبضة الحديدية , لكي يؤلبوا العالم على الدولة الأردنية , فأفشلت الجهات الأمنية بامتياز تلك الرغبات الشيطانية.

واليوم أجد نفسي مضطرا للقول : كيف لا تستطيع نفس الجهات الأمنية التي أدارت أكثر من خمسة ألاف مسيرة واعتصام وإضراب باقتدار, إدارة مسيرة الدوار الرابع التي شارك بها حوالي 100 ناشط يزيدون قليلا أو ينقصون, هتفوا ما هتفوا من شعارات , يعلمون بأنها لم ولن تغير حقيقة الشارع الأردني مهما علا سقفها, وقد يكون هناك هتافات في مسيرات سابقة أقذر من تلك التي خرجت من مسيرة الدوار الرابع بكثير ولكننا رأينا كيف غضت الجهات الامنية الطرف عنها بحنكة وحسن تصرف ؟.

يا جلالة الملك أنت راعي المسيرة وعليك اليوم مسؤولية كبيرة ,فتذكر جيدا للآخرة حديث رسول البشرية الشمس صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " , ونحن رعيتك أبناء ذلك الجيل الذي روى بزاكي دمه ارض الأردن ,ولن أزيد هنا تفسيرا وتوضيحا تاركا المعنى في بطن الشاعر.

يا سيد البلاد وراعي العباد , نقول لك ناصحين في زمن كثُر فيه المنافقين , أن الصف الأول في الدولة الأردنية مهترئ وبالٍ لا ينفع لإدارة الأزمات الدولية والمحلية, فهم يعملون لتهييج الشارع وتجييشه عليك , متخندقين خلف سور العرش وكأنهم الاوفياء له وغيرهم خائن وعميل, فلا تصدقهم , ولا تثق بهم , ففي حنانهم إليك وخوفهم عليك سم العقارب الشقراء, فأنت تعلم أكثر من غيرك أن عرشك مقدس عند غالبية الشعب الأردني , وان غالبية المعتصمون وان نادوا وهتفوا بشتمك أو غير ذلك من هتافات , فهم في قرارة أنفسهم متيقنون بشرعية حكمكم ولن يقبلوا بحكم غيره وسيدافعون عنه كما دافع الاباء والاجداد عنه من قبل .

ومن هنا عليك الانتباه جيدا يا سيد البلاد لمن يرغب بتجييش الشارع ضدك بحجة الغيرة عليك , فلقد سئمنا صناعة ألأبطال على ظهر الشعب الأردني, من اولئك الذين سرعان ما سيتخلون عنك في عز الأزمات, ويطيرون الى البلاد التي يحملون جنسيتها .

يا سيد البلاد أنت اليوم الأقدر والأجدر والاحرص في ظل هذه الظروف على مد اليد لإستصال أولئك الذين يرغبون في أداء دور البطولة في فيلم الربيع العربي الصهيوني, الذي بدأت نتائجه الأولية تظهر في الحرب الأهلية الليبية وفي نزعات الأحزاب التونسية والرئاسة المصرية وعلى حدودنا الشمالية وفي بغداد الأبية وصنعاء اليعربية.

فيا سيد البلاد وراعي العباد يقف عليك وحدك اليوم انقاذ الاردن من الخطر الداهم عليه , فلا تصدق ان هناك اردني واحد او اردنية يكرهونك , بل يمجدونك لعلمهم الاكيد انكم يا ال هاشم تمثلون بيضة القبان لميزان الحكم في هذا الوطن الغالي.

وقفة للتأمل:" الشعب الأردني لم يَعُد قِطع غيارٍ لغيره, فمن ينصفه لأول مرة بالتاريخ, بأن يكون له تاريخا حقيقيا غير مزور ومنقوص, يعترف بدور كل من كان له دور في نشأة هذا الوطن منذ تأسيسه ؟".