فوائد جانبية للربيع العربي


عند شراء علبة دواء وقبل استعمالها يحرص غالبية الناس على قراءة النشرة المرافقة لها ، ومن الأشياء التي تلفت الانتباه البند المتعلّق بالأضرار والآثار الجانبية لاستعمال الدواء . هذه التأثيرات قد تزيد أو تقلّ إلاّ أنّها تبقى موجودة ولا تمنع استعمال الدواء إلاّ في حالات خاصّة . فالأطباء والصيادلة يدركون ذلك فهم لا ينصحون استعمال دواء إذا كانت أضراره الجانبية تفوق الفوائد المتوقعّة .
وثورات الربيع العربي حققت للمواطن فوائد وخيرات كبيرة أهمها الحرية التي كان محروما منها ، ومن أهما حرية التعبير المقدسة والتي يشعر فيها المواطن بإنسانيته . واسترداده لحقوقه السياسية في اختيار قيادته ومن يمثّله . وإحساسه بكرامته الشخصية والوطنية واعتزازه بانتمائه والتي سُلبت منه ردحا من الزمن . كل هذه وغيرها كثير فوائد هامة ورئيسة .
إلا أن هناك فوائد جانبية حصل عليها المواطن العربي نتيجة متابعته للربيع العربي . منها مثلا التعرّف على جغرافيا مناطق ودول ما كان له أن يعرفها . فكلنا أصبحنا نحفظ أسماء المدن ومعرفة مواقعها وعدد سكانها ونمط حياتهم . كذلك اشتهار بعض الأماكن والأسماء ورمزيّتها كسيدي بوزيد وشارع الحبيب بورقيبة والبوعزيزي في تونس . وميدان التحرير ومداخله ، وأسماء شوارع ومدن وجسور وأحياء في مصر . ومثل ذلك في ليبيا أو اليمن أو سوريا .
ومن ذلك أيضا التوحّد في استعمال الشعارات والمصطلحات . فمثلا شعار الشعب يريد .. أصبح متداولا و يتردد في المظاهرات والمسيرات والأعتصامات ويستعمله الكتّاب عنوانا لمقالاتهم . أو مصطلح البلطجي الذي شاع وأصبح يطلق على كل من يحاول الاعتداء على النشاطات السّلميّة مع التحوير قليلا في الكلمة مع احتفاظها بنفس المعنى .
كما لا يخلو الأمر من المواقف الفكاهية المغموّسة بالدماء . فما زلنا نتندر بالخطابات التي كان يلقيها القذافي وعصبيته وأحوال التلفزيون ومذيعيه وأكاذيبهم . فمن العبارات التي شاعت وحفظها الناس ورددها الأطفال وأصبحت مثلا ، من أنتم ؟ ولقد فهمتكم ، وفاتكم القطار ، ولم أكن أنتوي التّرشّح !!
ونتيجة لحالات الفساد التي اكتُشفت في الطبقة الحاكمة وعائلاتهم والمقربين منهم وحياة الترف ومستوى البذخ وحجم ثرواتهم المنهوبة ، في الوقت التي يعاني نسبة كبيرة من الشعب من البطالة والفقر وتدني مستوى المعيشة ونقص الخدمات والبنية التحتية ، أدى إلى خلل في الثقة ، وكثُرت الإشاعات والاتهامات حول حالات الفساد .
ومنها انكشاف مجموعة من الكتّاب والإعلاميين من حملة المباخر والذين يقلبون الحقائق ويُزيّنون القبيح ، كانوا يخدعون الناس بمواقفهم . في المقابل كان هناك الكثير من الشرفاء الحريصين على مصالح الوطن ويحملون هموم الناس .
ومن أهمها تسامي العلاقات الاجتماعية وسيادة روح التعاون والتكافل ، والوحدة الوطنية بين مختلف طبقات الشعب واندماج الجميع في مشروع وطني جامع زالت فيه الفروق والاختلافات . كل ذلك وغيرها لن تنسينا روح العزة والكرامة الوطنية وما يرافقها من ولاء وانتماء للأوطان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات