أزمة الهيكلة الأردنية أمام وزراء التطوير العرب .. !!


وددت لو يتعطّف علينا وزير تطوير القطاع العام ويُعلمنا ما الذي عَرَضَه على وزراء التنمية الإدارية العرب في مؤتمرهم الذي انعقد قبل أيام في دولة الإمارات تحت عنوان (المؤتمر العربي الأول للموارد البشرية)..!؟ فالأخبار أشارت إلى أن الوزير عَرَضَ التجربة الأردنية الحديثة في التطوير الإداري، فما هي أبرز ملامح هذه التجربة التي أثراها الوزير الخوالدة بتنفيذ الحكومة لمشروع الهيكلة العتيد، وكلنا نعلم أن هذا المشروع كان الشرارة التي أشعلت فتيل أزمات خانقة في مفاصل الدولة المختلفة، ولا تزال تداعيات الهيكلة قائمة إلى الآن، وسوف نظل نشعر بنتائجها الضارّة والمؤذية لجسم الدولة لعقود قادمة.. ولو حاولنا عبر أحدث أجهزة الحاسوب إحصاء الكلفة غير المباشرة لهذه الأزمات لعجزت الحواسيب عن ذلك..!! وهذا ما حذّرنا منه الحكومة الحالية منذ بدايات شروعها بتنفيذ هذا المشروع الخطير قبل أن تستكمل دراسته من كافة جوانبه القانونية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية، ما أدّى إلى خلق حالة من الفوضى "الخلاّقة" في أجهزة الدولة ناجمة عن شعور عارم بعدم الرضا لدى معظم موظفي الدولة وقطاعاتها المختلفة كنتيجة للتطبيق الفجّ للهيكلة..!! ولو أن هذا المشروع كان عادلاً لما كنّا شهدنا كل هذا الغضب والاحتقان وما تبعه من إحباط ملأ فضاء الأردن، وعرقل مسيرة التطوير والإنجاز في جنبات الوطن..!!
هل أخبر الوزير الخوالدة الوزراء العرب بأن مشروع الهيكلة الأردني، الذي يفتخر به معاليه كأحد أبرز إنجازاته الخلاّقة، لم يميّز في قضايا الإصلاح والتطوير الإداري بين مجموعة الإدارة العامة أو الخدمة المدنية متمثلة في الوزارات والدوائر الحكومية، وبين مجموعة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التابعة للقطاع العام أو ذات النفع العام والتي لا يستقيم أمرها ولا يمكن أن تعمل مُحركاتها بكفاءة إلاّ إذا تمت إدارتها بنوع من الاستقلالية الإدارية والمالية ووفقاً لمبادىء المحاسبة الاقتصادية..!!؟
هل أطْلعَ الخوالدة وزراء التطوير العرب الذي ناقشوا مسألة تطوير الموارد البشرية بأن مشروع الهيكلة الأردني قد رفع من مستوى القيود والبيروقراطيات داخل أروقة مؤسسات القطاع العام بصورة غير مسبوقة، وبدأ الموظفون والجمهور يشعرون بلعنة البيروقراطية وانعكاساتها السلبية عليهم، بينما كان يؤمل من مشروع كهذا أن يحرّر القطاع العام من البيروقراطية ويرفع من كفاءة الجهاز الإداري للدولة..!!
هل أخبر الخوالدة وزراء التطوير العرب بأن مشروع الهيكلة، الذي قام على تنفيذه بإصرار وافتخار، ضَرَبَ بعرض الحائط التطورات التشريعية والعلمية الاقتصادية والاجتماعية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي المعمول بها في إدارة أنواع معينة من المؤسسات والمرافق المهمة في الدولة..!!
هل أخبر الوزير الخوالدة المؤتمرين في "دبي" أن الهيكلة الأردنية خالفت عدداً من القوانين النافذة في الدولة، واعتدت على حقوق بعض موظفي المؤسسات ذات النفع العام، مثلما أنها خلقت تفاوتاً طبقياً لدى بعض الفئات، ولم تُميّز بين مؤسسات ناجحة ومؤسسات طارئة كانت ولا تزال عبئاً ثقيلاً على الدولة بعد أن تم تفصيلها على مقاس أشخاص بعينهم، ولم تفصح عن المسؤول عن الاختلالات والإفراط في إنشاء المؤسسات والمجالس والهيئات والمفوضيات التي شوّهت صورة القطاع العام ورفعت من مستوى بيروقراطيته، وكانت أثمان ذلك باهظة على الوطن والإنسان!!
هل كشف الخوالدة لوزراء التطوير الإداري العرب عن الإرضاءات والتنازلات والأعطيات و "التزبيطات Tuning" التي قدّمتها الحكومة لشرائح واسعة من موظفي الدولة الذي غضبوا وأضربوا واعتصموا احتجاجاً على هيكلتهم غير العادلة، وأن التنازلات كانت تُقدّم فقط لتلك الفئات من الموظفين المنضوين تحت مظلة نقابات مهنية وعمالية انبرت للدفاع عنهم بجسارة، فيما لم يحْظَ الموظفون غير النقابيين بأي رحمة أو عطف حكومي، وقد أدّت هذه التنازلات إلى إفراغ مشروع الهيكلة من مضمونه وأهدافه، لا بل أدى ذلك إلى زيادة الأعباء المالية على الدولة، ففيما كانت تقديرات الحكومة لكلفة هذا المشروع لا تتجاوز (72) مليون دينار، إذا بالرقم يقفز بفعل التنازلات والإرضاءات إلى أكثر من (220) مليوناً..!؟
هل عرض الوزير الخوالدة أسلوب الحكومة في التعاطي مع الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات التي أفرزتها الهيكلة، وخصوصاً أسلوبها في إخماد احتجاجات سلمية طالبت بعدم التدخل في شؤون مؤسسات ناجحة لها تشريعاتها وأدواتها وإداراتها وموازناتها ونجاحاتها وإنجازاتها المشهودة على مساحة الوطن..!!
هل كشف الخوالدة لوزراء التطوير العرب بأن رواتب بعض موظفي القطاع العام لم يتبيّن أمرها ولم تتضح كافة معالمها بعدْ، وأن حقوقاً مكتسبة لأعداد من الموظفين تم مصادرتها دون وجه حق أو سند قانوني واضح..!!؟
وهل أخبر وزير التطوير مؤتمري "التنمية الإدارية" في دبي بقيمة الزيادة التي طرأت على بعض الرواتب "المُهيكلة" والتي بلغت (45) قرشاً أضافتها الهيكلة الخلاّقة على راتب موظف يعمل مؤذناً وخادماً في مسجد، وهو مثال بسيط يصوّر لنا مستوى العدالة التي حققتها الهيكلة بين موظفي القطاع العام.!!؟
هل كان بإمكان الوزير الخوالدة أن يخبر وزراء التنمية الإدارية العرب عن توقعاته بحجم ونسب إنتاجية الموظف العام بعد تنفيذ مشروع الهيكلة في ضوء حالة الإحباط وعدم الرضا التي تجتاح غالبية مؤسسات الدولة وقطاعاتها وموظفيها..!؟
أخيراً، أرجو أن يكون الوزير الخوالدة العائد من مؤتمر الموارد البشرية العربي الأول قد أوصى بتعميم التجربة الأردنية الخلاّقة والرائدة في التطوير، والتي يمكن أن نطلق عليها نظرية "الإدارة بالهيكلة" على كافة الأشقاء العرب، كونها تجربة جديرة جداً بالاقتداء، وتساعد الدول التي تشهد ساحاتها فصلاً ربيعياً على ميلاد عهد إداري عربي جديد، مع حفظ كامل حقوق الابتكار للوزير الخوالدة ورئيس حكومته..!!

Subaihi_99@yahoo.com



تعليقات القراء

موظف
وزير لا يفقه شي واكبر دليل هيكلة الجمارك
05-04-2012 10:10 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات