فشل الهراش مع الحراك


النظام الاردني يبدو أنه يفتقد لرؤية حقيقية للتعامل مع المشكلة الوطنية ، فالحكومة تعلن عن نيتها الافراج عن المعتقلين المتهمين بجرائم كبيرة حسب توصيف المحكمة ، والأمر ليس مسامحة من ولي الأمر لابن عاق ، فكيف تفرج عنهم وقضيتهم عند القضاء؟؟ والقضاء يفترض انه مستقل ، كما تقول الحكومة دائما ؟! الأمر من اساسه سياسي بحت ، وهو نهج الحكومة الاردنية في امتطاء ظهر القضاء لمحاولة تدجين وتخويف أي حراك سياسي لتبقى الامور كما كانت من قبل ، وهذا نظنه قد اصبح مستحيلا ، أن يستمر النظام بنفس جلده ، مالم يبادر لاجراء التغيير المطلوب بخطوة حقيقية وذكية ومؤثرة فعلا في واقع المجتمع الاردني . فالافراج عنهم ليس فرجا للنظام كما أن اعتقالهم ليس وأدا للمشكلة الاساسية .
نود أن نتذكر احداث 89 وان اختلفت الظروف والاسباب ، لكنها تبقى احداثا مميزة في تاريخ الاردن الهادي سياسيا حيث شق عصا الطاعة عدة محافظات ، في خضم الاحداث كان معظم الناس يتوقعون أن يشدد النظام القبضة الامنية ويعاقب "رؤوس الفتنة " كما كان يقال حينها ومن رجال الدولة انفسهم ، والكثير منهم حرضوا على اهل الجنوب وطالبوا بصلبهم وتقطيعهم من خلاف ووصفوهم بالدهماء وغير ذلك الكثير .
لكن الملك حسين ــ رحمه الله ــ ادرك جهل وكذب ونفاق ازلام النظام ، وقرر القيام بخطوة اصلاحية كبيرة ومفاجئة للتفكير الامني السلبي الاستعلائي ــ في حينها ــ وهي اجراء انتخابات نيابية حرة نسبيا ، وسمح لكل اصحاب الملفات الضخمة في المخابرات بالترشح ، وفاز بعضهم فعلا واصبحوا جزءا من النظام ومنهم اكبر محرض شيوعي في الخمسينات عيسى مدانات اصبح نائبا ، واستطاع الاردن أن يتجاوز عقبة كبيرة ، كانت خطوة الحسين اصلاحية وسطية فقبل المعارض إلى جانب الموالي في مؤسسة الحكم نفسها واستطاع تنفيس الاحتقان بشكل حقيقي وليس تسويفا ولغوا في الخطاب كما تفعل حكومتنا الآن .
الان المشكلة اكبر والظروف كلها تغيرت وامكانيات النظام في الاحتواء لم تعد كما كانت في عهد الحسين وشعار لا صوت يعلو على صوت المعركة انتهى ، والنظام خسر الكثير من مواقعه بسبب فشل النهج الاقتصادي ، وبالتالي فانا شعار " النظام اولا " أي أن بقاء النظام هو المهم ، هذا الشعار الذي يطرحه اركان النظام ليس مقنعا ، لان الناس ترى أن التغيير هو السبيل الارجح في حصول اصلاح حقيقي ، والتغيير لا يقصد به موضوع النظام الملكي وإنما محتوى النظام والاسس التي تدار على اساسها الدولة ، والقضاء على الفئات النخبوية باتجاه نظام شعبي ، يترجم الملك مصالح الشعب بالتعاون مع كافة القطاعات الوطنية ، و حتى ندلل على ذلك فالمعلمون خاضوا صراعا مضنيا لعامين من اجل نقابة " وهي أمر بسيط وبديهي في معظم دول العالم " وكان الأولى بالنظام الاستجابة حتى قبل البدء بالاضرابات لو كان يعي فعلا مشاكل المجتمع الحقيقية . وظل يماحك بدستورية وعدم دستورية النقابة ، ودستور الدولة هو مصلحة الشعب وليس النصوص .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات