خرافة مكافحة الفساد في الأردن


مكافحة الفساد من أكثر المصطلحات استخداما وانتشارا في الأردن منذ بداية الربيع الأردني قبل عام ونيف تقريبا. تصريحات وإشارات جلالة الملك في كتب التكليف السامي لرؤساء الحكومات وفي مقابلاته الصحفية الداخلية والخارجية ثم تصريحات رئيس الوزراء، والوزراء، ورئيس هيئة مكافحة الفساد وغيرهم من المسؤولين تتوعد بالضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين وتطبيق العدالة والشفافية في التعيينات القيادية واختيار لأشخاص على أساس الجدارة والكفاءة.
ما يراه عدد كبير من المواطنين على الأرض غير ما تقول الحكومة بأنها ستفعله.لا بل فأحيانا كثيرة نرى عكس ما تتعهد الحكومة بفعله وتحقيقه من شفافية مزعومة وعدالة شكلية وعلى الورق فقط . تزعم الحكومة أن تعيينات رؤساء الجامعات تتم على أساس الجدارة والكفاءة وفتح باب الترشح لهذه الوظيفة الهامة إمام المؤهلين فمن يحدد المؤهلين يا رئيس الحكومة هل هي وزيرة التعليم العالي أم مجلس التعليم العالي وهو مجلس كما يصرح كثير من خدم فيه مجلس صوري شكلي يتقن فن المصادقة وليس فن المحاورة والمناقشة لقضايا التعليم العالي وخصوصا تلك المتعلقة بتعيين رؤساء الجامعات. والسؤال الذي لا يتوفر إجابات رسمية مقنعة عليه من الذي يضع أسماء المرشحين لهكذا منصب ؟وما دور الأجهزة الأمنية في ذلك؟وهل مطلوب من المرشح لهذه الوظيفة أن يكون وكيلا أو مبلغا للأجهزة الأمنية في الجامعة؟وما دور وزيرة التعليم العالي ورغباتها وعلاقاتها الشخصية في اقتراح الأسماء التي تريدها هي وليس المصلحة العامة للجامعات؟ وهل معاليها يتوفر فيها الشروط والمعايير التي تمكنها من اختيار رؤساء جامعات من الكفاءات الوطنية ؟ ما حدث في الجامعة الأردنية من احتجاجات على تعيين رئيس الجامعة الجديد جدا، وهذا بالمناسبة مرشح للتفاقم، يوضح بما لا يدع مجالا للشك مدى العشوائية والسقم في طريقة اختيار شخص رئيس الجامعة. الجامعة الأردنية التي مضى على إنشائها خمسون عاما وتعج بالكفاءات المشهود لها تستحق أن يعين من داخلها شخص لقيادتها وأقول هنا أنه إذا لم يتوفر شخص من داخل الجامعة لقيادتها فإن ذلك سببا كافيا لإغلاقها.
أحد كبار المسؤولين متهم بقضايا فساد وتم احتجازه لأكثر من أسبوعين في السجن وخرج بكفالة يقيم مأدبة للملك يحضرها كبار شخصيات البلد ،ومسئول سابق يتحدث معظم الشعب الأردني عن دوره في تدمير الاقتصاد الأردني وهدر ثرواته يدعى لحضور مأدبة على شرف جلالة الملك،ومرشحين للانتخابات النيابية لم يقع عليهم خيار الناس يتم اختيارهم من قبل القيادة العليا كنواب رئيس وزراء وأعيان مما يمكن أن يفهم منه التحدي لإرادة الجماهير ومشاعرها ،ومجلس نواب منشغل في سن قوانين للحصول على جواز سفر أحمر مدى الحياة في الوقت الذي يرفض تحويل قضايا شبهة فساد واضحة إلى القضاء، ومدير جهاز مخابرات سابق كان مكلف بحماية الأردنيين من جرائم غسل الأموال وغيرها هو نفسه متهم بكسب الملايين من غسل الأموال،وشخصية معروفة متورطة في قضية اغتصاب طالبة جامعية يتم مكافئتها وتعيينها في منصب أمين عام وزارة مسئولة عن العناية بالضعفاء والمساكين، وأمراء يتم ترفعيهم لرتب الأستاذية من جامعات حكومية دون أن يداوموا يوما واحد أو يعطوا محاضره واحدة للطلبة ثم يتم تعيينهم رؤساء مجالس أمناء لجامعات على وشك الانهيار الإداري والأكاديمي.
ما هي الرسائل التي يمكن أن يفهمها المواطنين الأردنيين وهم يرون ما يدحض ويتناقض مع ما يسمعونه بأذانهم من المسؤولين في الأردن عن مكافحة الفساد؟ الأمر محزن وأعتقد بأن احتقانات صعبة تتراكم وتهيئ الأمور لمقاومة هذا النفاق والازدواجية من قبل المسؤولين وزراء كانوا أو أعلى أو أدنى.المواطنين يدفعون كافة أنواع الضرائب والرسوم والجمارك ليقوم بعض من تم تنصيبهم أوصياء علينا وتولوا أمر وزاراتنا ومؤسساتنا ابتداءا من التعليم العالي وانتهاءا بوزارة الخارجية ليقوموا بتنفيذ أجنداتهم الشخصية والجهوية والمناطقية ضاربين بعرض الحائط بمقاصد القوانين ومهام الوظائف القيادية التي تنوء بهم من الثقل والملل وقلة الجدارة.
الأردن ليس بأفضل أوضاعه كما تنظر علينا بعض القيادات السياسية العليا والوزراء والمسئولين فالفساد نراه كل يوم ويتكرر بتعيينات فاسدة ويشتم منها روائح المقايضة وعدم الاكتراث بمشاعر الناس والاستهانة بذكائهم .الملك بحكم موقعه مدعو إلى وقف كل هذه المسلسلات من التعيينات المشبوهة في المواقع المتقدمة إذ لم يعد ينطلي على أحد تكرار مصطلحات تدغدغ عواطف الناس مثل الشفافية وأسس الجدارة والكفاءة ومكافحة الفساد فها نحن نرى بعض أعضاء هيئة مكافحة الفساد يتمرد عليها فاضحا وشارحا لكوارث مالية حلت بالأردن نتيجة لقرارات وتصرفات بعض المسؤولين الذين لم يستطيع أحد الاقتراب منهم بسبب احتمائهم وعلاقتهم بالديوان الملكي. كثير من الأردنيون يعتقدون بضرورة تدخل الملك لحل الجوانب الإشكالية في التعيينات القيادية وذلك قبل أن ينظر إليه كجزء منها حيث أنه هو من يقوم بمعظم التعيينات القيادية ويصادق عليها بإرادة ملكية سامية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات