انتصرت سوريا .. هنيئاً للأردن


قالها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ، وقالها ملايين العرب معه ، دمشق قلب العروبة النابض ، وهاي هذه المقولة ، وبعد عشرات السنين ، ما زالت تليق بدمشق ، القابضة على جمر العروبة ، ترفع راية القومية العربية ، تناضل دفاعا عن حقوق الامة وكرامتها ، وترعى كل مقاومة ضد اعدائها ، وما زالت سوريا تدفع ثمن كل ذلك ، من لقمة عيش شعبها ، ودماءا تسفك على مذبح الكرامة والكبرياء القوميين ، لم تسفك من الاعداء فقط ، بل من العربان الذي وقفت معهم دوما ، ووضعت ايديها بايديهم ، فرفعت شعار التضامن العربي ، الذي برأهم من تهم الخيانة والعمالة والرجعية ، لكنهم أبوا الا ان يطعنوا اليد التي امتدت لهم ، وما نشهده منذ ثلاثة عشر شهرا ، لهو خير دليل على ذلك .

قيل عن سوريا ، انها الصخرة الصلبة التي تتحطم عليها مؤامرات اعداء الامة ، فما اجملها واصدقها من مقولة ، ها هي مؤامرة "الربيع العربي" تتحطم امواجها العاتية ، على صخرة الصمود العربي السوري ، وها هي جحافل اعداء الامة ، ترتد خائبة عند اسوار القلعة العربية السورية ، وها هم احفاد المستعمرين الغربيين والعثمانيين ، واذنابهم الخليجيين ، تفغر افواههم دهشة من هذا الصمود الاسطوري ، فيعيدون حساباتهم ، ويهرولون لحفظ ماء الوجه ، بشتى الاعذار والمبررات ، فيجلسون على كرسي الاعتراف ، ليولولون ويكفرون عن ذنوبهم ، ولن يسعدنا ان يكون الجالس في كرسي الاعتراف ، ودودا متسامحا ، فالمؤامرة كانت اقذر واشرس من ان يكون هناك تسامح معها ، والمتآمرون لم ينكفئوا نهائيا ، ولن يعودوا الى رشدهم ويتوبوا ، لان ذلك يعني انتهاء دورهم ، وفقدان صلاحية تعليبهم ، في مصانع الاستعمار والامبريالية ، ومصيرهم سيكون مع القمامة ، كما ان امريكا والغرب ، الموجهون لهولاء ، سوف يستبدلون سيناريو باخر ، ضمن مجموعة سيناريوهات اعدت منذ سنوات طويلة ، فكان السيناريو الاول لسوريا في الالفية الثالثة ، بعد غزو العراق واسقاط نظام حكمه ،حين حاولوا مع عملائهم ، بالاغراء والتهديد واستغلال الخاصرة اللبنانية ، ثني سوريا عن مواقفها القومية الداعمة للمقاومة ، في العراق وفلسطين ولبنان ، ولما لم ينجحوا ، لجأوا الى كشف عوراتهم ، واسقاط اخر ورقة توت عنها ، فكشروا عن انيابهم ومخالبهم مرة واحدة ، واعلنوها حربا طائفية قذرة ، لحرف النضال القومي عن بوصلته الصحيحة ، فاصبح دعم حزب الله تحالفا طائفيا ، اما دعم المقاومة العراقية وهي سنية ، وانا هنا اشعر بالاسف ، لاضطراري الى استخدام مفرداتهم الطائفية ، دعم هذه المقاومة وهي ضد امريكا ، وضد نظام حكم وصفوه هم بالشيعي ، ودعم حركة حماس واحتضانها وهي سنية ، فلم يشعرهم بالخجل ، من هذا التصنيف الطائفي غير المنطقي .

الصداقة مع ايران ابان حكم الشاه كانت مبررة ، وايران هي هي ، شيعية الحكم والشعب ، لانها كانت تسير مع الفلك الامريكي ، اما ايران ما بعد الثورة ، فقد اصبحت توصف باقذع الاوصاف الطائفية ، فقط لان بوصلتها اتجهت باتجاه فلسطين ، عداءا صريحا لاسرائيل وامريكا ، وتضامنا مع فلسطين والامة العربية .
منذ بداية الاحداث في سوريا ، في الخامس عشر من اذار 2011 ، الذي بدا سلميا ، ومنسجما مع الطموحات الشعبية ، فاقتصرت مطالب المتظاهرين ، بالمناداة باصلاح النظام ، ادرك العارفون بموازين القوى الشعبية في سوريا ، وجغرافية توزعها ، والمدركون لخفايا ذاك الربيع الذي سمي عربيا ، ان ما جرى في الاسابيع الاولى ، لم يكن سوى قنابل دخانية ، للتغطية على اهدافهم الحقيقية ، فلم يصبر المتامرون طويلا ، وبدت تتضح معالم هذه الحرب القذرة ، تبدلا في الهتافات والشعارات ، انقلاب حاد في موقف الجزيرة واخواتها ، تضليل اعلامي مدروس ومعد له جيدا ، انقلاب حاد بمواقف اطراف المؤامرة ، في قطروالسعودية وتركيا وبعض الاطراف اللبنانية ، وكانت المفاجاة ، في سرعة تبدل مواقف الاخوان المسلمين ، وبخاصة في الاردن ، الذين عاشوا سنوات عسل طويلة مع سوريا ، كانت دمشق قبلتهم ، وكانت سوريا قلعتهم المقاومة ، وكانوا ضيوفا دائمين ، في احتفالات سفارة سوريا في الاردن بعيد الجلاء ، موقف الاخوان المسلمين هذا ، دفعنا الى ترقب موقف حركة حماس ، باعتبار ان انتمائها للاخوان المسلمين ، يعلو فوق كل انتماء اخر ، لم يعجبنا هذا الحياد السلبي ، ولا ذاك المنطق الحماسي ، الذي ساوى بين المتامرين والمقاومين ، باعتبارها ازمة بين الشعب وقيادته ، لم يتبدل موقفها ، حتى بعد اتضاح المؤامرة لكل ذي بصيرة وبصر ، فكان هذا الانسحاب المتوقع من ساحة النضال في دمشق ، ليعلن بعض قادتها تعاطفه مع المتامرين ، ويرتموا في احضان اسيادهم ، بيادق الامبريالية والغرب .

لقد ادركنا نحن ابناء الاردن ، اننا سنكون المرحلة التالية بعد سوريا ، والضحية اللاحقة للتآمر الامريكي ، الذي لا يعرف صديقا من عدوٍ ، فالهم الامريكي دائما اسرائيلي ، وهي معنية بنشر الفوضى الخلاقة في كل ارجاء الوطن العربي ، وتفتيت اقطارها ، وزرع الفتن فيها ، كي تسود اسرائيل ككيان يهودي صرف ، يعيش الديمقراطية وسط كيانات عربية ممزقة ومتناحرة ، وبذور الفتن وافرة ، لن يبخل عليها اعداء الامة بالسقاية والرعاية ، كي تفسخ جذورها اساسات المجتمعات العربية .

لم يكن الاردن بعيدا عن التآمر ، فمن جنى ثمار الربيع الامريكي في ثلاث دول عربية سابقة ، هم من يستعدون حاليا لجني نفس الثمار ، وهم الذين علا صوت احد قادتهم في واشنطن قبل سنوات ، وقبل بدء الربيع الامريكي ، للمطالبة بالملكية الدستورية في الاردن ، كي تصبح قيادته التي اجمع عليها الاردنيون ، واعتبروها رمز وحدتهم ومنعتهم ، كي تصبح صورية ، فتخلو لهم الساحة ، وليس ببعيد على رواد السفارات الامريكية ، ان يجعلوا من الفساد اخطبوطا ، يمتد الى كل مناحي الحياة في الاردن ، ويصل الى حد محاولة فك عرى التلاحم ، بين القيادة والشعب ، كي يتمكن الاعداء من تمزيقه واضعافه ، تمهيدا للانقضاض عليه ، لتحقيق اطماعهم القديمة الجديدة في ارضه .
اننا في الاردن ، نزهو بنصر سوريا على المؤامرة ، فهو نصر لنا ، وهزيمة لاعدائنا جميعا ، وفيه ابعاد لشبح التآمر عن اردننا ، وهذا ما يدعونا ، الى تعزيز التلاحم بين اقطارنا ، في بلاد الشام والوطن العربي ، لصد اي هجمة مستقبلية .

m_nasrawin@yahoo.com



تعليقات القراء

قرفان
كلام جميل ويسلم ثمك وتسلم ايدك
03-04-2012 03:26 PM
حست المومني
استاذ مالك..............
اقف احتراما ...رافعا راسي.....متضرعا لله ان يحفظك ويحفظ قلمك...
انت رائع وكلامك اروع واروع
كتبت صدقا والله....
ولكن ...اين من يقرا ويتعظ....
نحن امة لاتقرأ....واذا قرأنا ..لا نفهم..........وسلامتك..
03-04-2012 03:52 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات