الغليان الشعبي وفصل البلديات


طالعتنا جريدة الرأي في عددها الصادر بتاريخ 13/3/2012 بعنوان : ترجيح تأجيل البت بملف فصل البلديات !بحجة عدم توفر التمويل لتغطية عمليات الفصل ، وانتظارا لتعديل قانون البلديات بعد إجراء الانتخابات البلدية !واكدت على ذلك الصحف الأخرى!

واعتقادي أن الفترة الطويلة التي مرت على الوزارة في دراسة أوضاع البلديات التي تضررت من جراء عمليات الدمج ، ورغبة سكانها بالفصل وتوفر الشروط المطلوبة ، أصبحت كافية للامتثال لرغبات المواطنين وحل مشكلاتهم وتخميد أوجاعهم وتنفيس احتقانهم،سيما وان اللجنة المختصة لدراسة طلبات الفصل في وزارة البلديات قد أنجزت مهمتها وحددت البلديات التي تنطبق عليها الشروط القانونية التي فرضها قانون البلديات الجديد !

أما حجة عدم توفر التمويل لتغطية عمليات الفصل فهي حجة واهية ! ذلك أن دخل البلديات في عام 2009 من ضريبة إل 6% على المحروقات كان حصيلتها 125 مليون دينار وحينها أصبحت البلديات في وضع مريح ، مما شجع الحكومة على مصادرة هذه النسبة (بقانون مؤقت) وتحويلها للخزينة ، ومقابل ذلك (منحت )الحكومة البلديات 75 مليون بدلا من ذلك !
أما الآن وقد فرض القانون الجديد ضريبة للبلديات في المادة(48) ما نسبته( 8% )على المشتقات النفطية بدلا من 6% ، فان حصيلة هذه الضريبة ستتجاوز 200 مليون دينار إذا أخذنا بنظر الاعتبار زيادة نسبة الضريبة الجديدة من جهة ، وتزايد الأسعار و كميات الاستهلاك على المشتقات النفطية خلال ثلاث سنوات من جهة أخرى ، مما يعني توفر المخصصات المالية التي تغطي حاجة عمليات الفصل المطلوبة لا بل وسداد الديون !

هذا فضلا عن الإشكالات المستقبلية في تشكيل لجان البلديات المفصولة بعد الانتخابات ،وإذا كان عدد البلديات المستحقة للفصل كما أعلنت وزارة البلديات هو 83 بلدية ، فهذا يعني أن يصبح عدد البلديات المستحقة لانتخابات جديدة بعد الفصل هو176 بلدية على الأقل! ( أي البلديات الجديدة والبلديات القديمة بسبب تغير عدد وأشخاص المجلس البلدي في كل منها ) !وهو عدد اكبر من عدد البلديات الحالية التي سيتم فيها الانتخاب!مما يفرض إعادة تشكيل لجان بلدية جديدة في جميع هذه البلديات: البلديات المحدثة لعدم وجود مجلس قديم ، والبلديات القديمة لنقص عدد أعضائها عن النصاب القانوني ، مما يفرض تشكيل لجنة للبلدية تمهيدا لإجراء الانتخاب بعد سنوات !! مما يشير إلى العبث والتخبط والعجز من تأجيل الفصل ،وعدم الجدوى من إجراء الانتخابات البلدية على وضعها الحالي و قبل إنصاف البلديات المستحقة للفصل !ومما يلزمنا بإجراء انتخابات جديدة لجميع البلديات التي طالها عمليات الفصل !

وهكذا نبقى ندور في حلقة مفرغة لا ترضي أحدا ولا تخفف احتقان المواطنين !!
في حين أن الأولى إتمام عمليات الفصل قبل الانتخابات البلدية أولا، وان تتم الانتخابات في هذه البلديات الجديدة مع غيرها من البلديات ، مما يستدعي تشكيل لجان بلدية مستعجلة من سكان هذه البلدات الآن ، وتحضيرها لإجراء الانتخابات مع زميلاتها الأخريات ،وخلال هذه الفترة يتم تحديد الحدود بين تلك البلديات وتوزيع الموظفين ، وتتم بعدها باقي المستلزمات لعملية الفصل على نار هادئة بحيث يتم اقتسام و توزيع المكاسب والخسائر والديون والمشاريع والأعباء من قبل مجالس منتخبة يمثلون المواطنين في كل بلدية ويحرصون على حقوقهم ومصالحهم !
هذا إذا كانت النوايا جادة لحل هذه الإشكالات وتحقيق الإصلاح المنشود ، وتخفيف الاحتقان !
غير أنني اشتم من عمليات تأجيل الفصل روائح أخرى لا ترغب بالفصل وغير جادة فيه :
أولها هو ترحيل هذا الموضوع الشائك (في رأي الوزارة) إلى عهد حكومات أخرى خوفا من عش الدبابير !والترحيل ليس حلا !وانما أصبحنا في حالة تخبط بين اتجاهين : الاول كان تفريطا وإسهالا في عمليات الفصل كما عملت عليه الحكومة السابقة ، والثاني إبقاء ما كان على ما كان أو سكن تسلم ، كما يقولون ، وإبقاء النار تحت الرماد !00كما تتجه إليه الحكومة الحالية وكلا الحالين لا يخدم المصلحة العامة ولا يحل الإشكالات ولا يقضي على التذمر والتصعيد !

والرائحة الأخرى التي اشعر بها : انه لا نية لدى وزارة البلديات في عملية الفصل وهي غير جادة في هذا الموضوع ، لا بل توجهها في الإبقاء على الوضع الحالي كما هو، على أمل أن يتحسن الوضع المالي للبلديات بعد الضريبة الجديدة وتتحسن الخدمات ، فيرضى بعض الناس من الناقمين ، فتحمي سمعة الوزير السابق الذي تم الدمج ألقسري في عهده وما صاحبه من تصرفات مخالفة للقانون! وذلك لوحدة التنظيم الحزبي بين الوزيرين ، وللتغطية على الماسي التي تمت بعد عمليات الدمج !والتخفيف من وقع صدمة فشل هذا المشروع!سيما وقد أصبح الشعب الأردني حقل تجارب فاشلة لتسجيل مواقف لا تخدم المصلحة العامة !

والاحتمال الثالث من هذا التوجه في تأجيل الفصل بين البلديات : أن الوزارة بأجهزتها الحالية ومسئوليها في حالة ضياع و تخلف وعجز عن القيام بمهامها واتخاذ الإجراءات اللازمة والسليمة في هذا المجال ،سيما وان في الوقت متسع لعمليات الفصل ،ومن أولويات عمل الوزارة معالجة هذا الموضوع الشائك الذي اقض مضاجع الأردنيين وسبب تذمرهم وشكواهم ، وأخرجهم إلى الشوارع في فترة ما ، يشجبون الدمج ويطالبون بالانفصال !وهذا التردد والعجز والضياع والارتباك لا نريده لهذه الوزارة الخدمية الحساسة التي وجدت لتخدم جميع الأردنيين

وعمليات الفصل لا تحتاج إلا إلى إرادة وعزم وتصميم على انجازه من الوزير والوزارة،سيما وان في الوقت متسع ولدينا ستة أشهر لموعد إجراء الانتخابات البلدية ، وعمليات الفصل لا تحتاج إلا إلى قرار يعقبه أو يصاحبه تشكيل لجان لهذه البلديات لبقية المدة وحتى موعد الانتخاب ، أما القضايا الأخرى التي لا يفرض القانون تحققها مع الفصل فيمكن أن تتم بعد إجراءات الفصل والانتخاب
وإذا لم تتوفر الرغبة والإرادة لدى المسئولين في اتخاذ عمليات وإجراءات الفصل ، فيمكن الاحتجاج بأسباب كثيرة لتأجيله أو إلغاء التفكير فيه !ولكن ذلك لا يحل الإشكالات ولا يوقف المطالبات ، ولا يزيل الظلم الذي لحق ببعض التجمعات ، ولا يخفف الاحتقان لدى المواطنين !
ولا ننسى أن عمليات دمج البلديات المشكو منها قد تمت في يوم واحد !أفلا يمكن أن ننصف المظلومين ونحل الإشكال ونخفف الاحتقان في ستة أشهر ؟!!

30/3/2012 حسن المومني



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات