نقابةُ المعلمين .. خَيْرٌ فيه ( دَخَنٌ ) .. !


إنّ الحمد لله تعالى ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أمّا بعدُ ..

" ليس مهمّاً أن تجاوزنا – كمعلمين – انتخابَ أعضاء نقابتنا ؛ بقَدْر ما تُحتّمه علينا المحطات القادمة من التماسك والعقلانيّة ، والبعد عن التخمينات المُسبقة حول السيطرة على النقابة ..! ، و( التخوينات ) الموجهة لفلان أو تلك الجماعة .. ، واتهامها بالتبعيّة للحزب الفلاني أو الجماعة ( الفلانيّة ..! ) فهذا سيُعقّد الأمور ، ويجعل البعضَ متشائماً حول مصير المعلمين مع نقابتهم التي ستكون من أكبر النقابات وأقواها .. ! [ إن شاء الله تعالى ] ؛ وهو ما سيجعل أداء النقابة متردداً متحيراً من فعل المتربصين .. ! ، أضف إلى ذلك أنه استباقٌ للأحداث ؛ لا ينبغي أن ندخل فيه الآن ؛ ولكلّ حادث حديث .. ! "

ما تقدّم من كلامٍ كان هو الجزء المُميّز – ولا أقول المُهم – من رسالة وصلتني من ( أخ غيور ومتحمس ) ؛ وذلك عقِبَ المقال الذي نُشرَ اليوم تحت عنوان : " تحذير الإخوان من الجحود والنّكران " .. ! ؛ أمّا باقي الرسالة فلم يخرج الكلامُ – في جُلِّه – عن الغلظة في القول والتعبير ، والحدّة في النّبرة والتّنكير .. ! ، وفي مواضع – غير قليلة – نَبا قلمُه – من غيظ قلبه – عن اللباقة واللياقة ؛ فراح يرمي بسهام الهمْز واللمْز ، ورماح ( الشتم الخفيِّ ) ، و ( البهتان القويِّ العتيّ ) .. !

فلمّا ظنَّ أن لا جواب من خصمه المُلام .. ، ولا قدرة على الكلام .. ؛ وجّه ( ضربته القاضية = حُكْمه القاطع اللاذع .. ! ) وما ( يشتهيه ) من وراء الرّسالة فقال : " .. ولكن لا عَجَبَ ! ( فالسلفيّة ) لا تتركُ لك الحريّة .. حتى فيما تأكل وتشرب وتلْبَس .. ! بل : وفي كيف تتنفّس !! فكيف .. وقد علّموك فن ( التّخذيل ) وهدْم المعنويات حتى أتقنتَه باحتراف .. فإذا كنا كذلك فما الفرق بيننا وبين الخراف .. !! "

نعوذ بالله من قلّة وذهاب الحياء .. في السّرّاء والضّرّاء .. !
أهكذا يكون النّصح من ( الإخوان .. ) لإخوانهم والأخلّاء .. ؟ !!
بل هو الابتلاء .. !

ولا أقول غير ما قاله الإمام الخطَّابي – رحمه الله تعالى - :
" إذا لقوك تملّقوا لك ، وإذا غبت عنهم سلقوك ، ومن أتاك منهم كان عليك رقيباً ، وإذا خرج كان عليك خطيباً ؛ أهلُ نفاقٍ ، ونميمةٍ ، وغِلِّ ، وحقدٍ ، وخديعةٍ "

وهذا مقالي .. لتستبينوا ما عليّ و ما لي .. ! :

قال الله – تعالى - في كتابه العزيز : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " إن اللهَ سائلٌ كلَّ راع عمّا استرعاه أحفظَ ذلك أم ضيّعَ حتى يُسأل الرجلُ عن أهل بيته "

انتهى المعلمون من الانتخابات ، وأرجو الله – تعالى - أن يكونوا قد انتهوا أيضاً مما كان ( فيها = قبلها ) قليلٌ – جداً - من التشويشات ، والتشويهات ، والوَشْوَشَة والوَصْوَصَة .. !
فالمعلّمون – صدْقاً وحقّاً - أرقى وأنقى من أن تكون بينهم الألاعيبُ و ذا وذلك ، ولو اختلفت الأساليبُ ، و كذا المسالك .
ومن وفّقه اللهُ – جلّ ثناؤه – للفوز فيها ؛ فليلتزم طريق الحقّ ولا يُجافيها .. !
ألا و إنّ الحقّ – هاهنا - نبذُ التفرقة و التّعصّب ، والتعدّديّة والتّحزّب .. !
و البعد عن ( التّكْتيل ) و ( التّجْميع ) .. ! ، و ( التّمثيل ) و ( التّبديع ) ..
إنّكم الآن تُمثّلون المُعلمين لا سواهُمْ .. !
فالذين كانوا مُعينينَ لكم – بعد الله تعالى – هُمْ .. ! فلا بدّ أن يكونوا مَعْنيّينَ بعملكُمْ ، وجُهْدكُمْ .. وأن تُقدّموا لهُمْ ؛ وتتقّدموا بهم ومعهُمْ لا عليهم ، ولا تُقدّموا أحداً – أيّاً كانَ - عليهم ..!

وإيّاكم وحبَّ الظُّهور فإنّه ( يقصمُ الظُّهور ) ؛ و " إنّ الله يُحبُّ العبد التقيَّ الغنيَّ الخَفيَّ " كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
ولا يأخذكم الكِبْرُ فإنّه أكبر المزالق = يصُدُّ عن الحقّ ، ويُحيدُ عن الصّدق ، ويزيدُ الجَوْرَ على الخلْق .. !

ألا وإنّ رأسَ ذلك كٌلّه : تقوى الله – جلّ وعلا - ؛ { فإنّه يعلمُ السّرَّ وأخْفى } ، وكذا : امتثال أمْره ، والانتهاء عند زَجْره ، { وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ؛ وبخلاف ذلك لن يكون هو إلا الجحود والنُّكران ..

أي إخواني !
المعلمون النّقباء النّجباء !
إنّي مُذكرُكم بحديثٍ خطير ، وكلامٍ – بالعناية القصوى – جدير ..
قال رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلّم - :
" لابد للنّاس من عريف، والعريف في النار" ( حسّنه الإمام الألباني بمجموع طُرُقه )

والعريف هو الذي يقومُ بأمر وحاجات القوم أو الجماعة المعيّنة من الناس ..
قال ابن الأثير – رحمه الله - : " العريف هو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمرهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم فهو واسطة بين الناس والحكام " .

قال الحافظ في ( الفتح ) : " قوله ( باب العرفاء للناس ) بالمهملة والفاء جمع عريف بوزن عظيم ، وهو القائم بأمر طائفة من الناس ... ، أي ولّي أمر سياستهم وحفظ أمورهم ، وسمي بذلك لكونه يتعرف أمورهم حتى يعرف بها من فوقه عند الاحتياج "

فنقابة المعلمين اليوم هي القائمة – مع وزارة التربية والتعليم - بأمر المعلمين وحاجاتهم ، وكلُّ واحد من أعضائها في عنقه أمانة عظيمة ثقيلة ؛ ولا يحسبنَّ الأمر هيّناً ؛ وأنه بهذا المنصب بمنأىً عن الخطر والفتنة ؛ فإنّ " لكل جديد لذّة ، ولكل مُستحْدَث صبْوة " ..

جاء في ( مرقاة المفاتيح ) : " وقوله : ( ولكن العرفاء في النار ) ; أي فيما يقربهم إليها ، ورد هذا القول مورد التحذير عن التبعات التي يتضمنها ، والآفات التي لا يؤمن فيها ، والفتن التي يتوقع منها ، والأمر بالتيقظ دونها ، وغير ذلك من الهنات التي قلما يسلم منها الواقع فيها "

قال الحافظ في ( الفتح ) : " قال الطيبي : قوله : (والعرفاء في النار) ظاهر أقيم مقام الضمير يشعر بأن العرافة على خطر ، ومن باشرها غيرُ آمن الوقوع في المحذور المفضي إلى العذاب ... فينبغي للعاقل أن يكون على حذر منها لئلا يتورط فيما يؤديه إلى النار . قلت : ويؤيد هذا التأويل الحديث الآخر حيث توعد الأمراء بما توعد به العرفاء ، فدل على أن المراد بذلك الإشارة إلى أن كل من يدخل في ذلك لا يسلم وأن الكل على خطر ، والاستثناء مقدر في الجميع "

قال الإمام أبو الحسن السّندي في حاشيته على مسند الإمام أحمد : " وفي الحديث تحذير من التعرض للرياسة والتأمّر على الناس "

وإني ناصحٌ بعض ( الإخوان ) ممن صار لهم في ( نقابة المعلمين ) أوسعُ مكان .. !
أقول لكم – بلا مواربة ولا تلكّؤ - : ( إن كان ) لكم ثمّة صلة أو صِلات بتلكم الأحزاب أو الجماعات .. !
فالحذرَ .. الحذرَ !! .. وأمعنوا النّظر .. !
فإنّكم إن ( ظننتم = حاولتم جَعْلَ ) المعلمينَ مَطيّةً تُركِبونها أحزابكم ، ودرْعاً تُلبِسونها جماعاتكم لبلوغ مآربها .. ! وتحقيق مرامها .. !
فإنّ العواقب ستكون وخيمة .. والأخطار جسيمة !
وربما انْفتَقَ ما لا يُرْتق ، وحصّل المعلمون من ( نقابتهم ) ما لا ينفع ولا يُنْفق .. !
والمصيبة تعْظُم إذا كانت تلكم الأحزاب ( إسلاميّة سياسيّة ) ..
قال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله تعالى - : " من جعل دينه عرضاً للخصومات أكثر التّنقّل "
من رأي إلى رأي .. ومن وسيلة إلى أخرى .. ومن أسلوب إلى أدهى !
ومن هُديَ إلى حفظ دينه في أمْرٍ تولّاه .. أو مذهب تبناه .. فهو الموفَّق ..

والله – تبارك وتعالى – هو الموفِّق .

{ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كذلكَ يضْربُ اللهُ الأمثالَ }

أسأل الله – تعالى – لنا الهداية والصّواب ، والبصيرة وحُسن المآب ، وأن يوفقنا لما فيه الخير للدين ، ويجعلنا من المهتدين ، غير ضالّين ولا مُضلّين ، وأن يحفظ بلدنا من كيد العادين .
والحمد لله ربّ العالمين
Saed_abbade@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات