مِنَ السّياسةِ .. تَرْكُ ( السّياسَةِ !! ) .. ج4


إنّ الحمدَ لله تعالى ، نحمدُه ونستعينه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مُسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرًا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } ‏
{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا }
أما بعد ..
فإنَّ أصدق الحديث كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمور مُحدثاتها وكلَّ محدثة بدعة ، وكلَّ بدعة ضلالة ، وكلَّ ضلالة في النّار .

أيا فلسطين الإسلام !
نحن جُرحُكِ النّازف .. !!

إنّ الله – تبارك وتعالى – قد اصطفى هذه الأمة من بين سائر الأمم ، وأكرمها برسالةٍ عظيمة جليلة ، وأمانةٍ مَهيبة ثقيلة ؛ نزلت على قلب أعظم البشر والمُرسلين ، وخاتم النبيين ؛ محمدٍ النبي العربي الأمي الأمين – عليه الصلاة والسلام من ربّ العالمين – ؛ فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ونصح للأمة ، اختار الله – تعالى – له من البشر أبرهم قلوباً ، وأكملهم عقولاً ، وأشدهم بأساً وصبراً .
قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : " إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه .. " ( رواه الإمام أحمد بسند حسن )
" ...أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم "
( رواه ابن عبد البر )
و { اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ }( الأنعام : 124 )
" ... أصلا وميراثا ؛ فهو أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده بالأمانة والنصيحة ، وتعظيم المرسل والقيام بحقه ، والصبر على أوامره والشكر لنعمه ، والتقرب إليه ، ومن لا يصلح لذلك ، وكذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله والقيام بخلافتهم ، وحمل ما بلغوه عن ربهم " ( ابن القيم : طريق الهجرتين )
فكان أصحابُ النّبي – صلى الله عليه وسلم - حملة هذا الدين ومُبلّغيه ؛ جاهدوا في سبيل الله – تعالى - حقّ الجهاد ؛ جهادٌ " بالحجة واللسان وجهادٌ بالسيف والسِّنان " ؛ ففتح الله لهم أصقاع الدنيا شرقاً وغرباً ، ودانت لهم الناس صاغرة عجماً وعرباً ، وبلغ هذا الدين ما بلغت الشمس ؛ هدياً ونوراً ورحمة ، فأعزَّ الله – تعالى – به أهله ، ومكن لهم في الأرض ما لم يمكن لغيرهم من الأمم .

وباعتبار هذا .. فإن جيل الصحابة – رضوان الله عليهم – هو الأصل الذي يُقاس عليه أيُّ جيل يأتي بعدهم ؛ من حيث الإتّباع للنبي – صلى الله عليه وسلم – والإقتداء به ، وفهم مراده ، وهذا يقتضي العناية بأقوالهم وأفعالهم واجتهاداتهم ، والوقوف على علمهم وعملهم ؛ ومن هنا يُفهم قول نبينا – صلى الله عليه وسلم - : " .. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ " .

والناظرُ – بعين التحقيق - في أحوال وتاريخ الدولة الإسلامية على مر العصور ؛ يرى جليّاً - دون تدقيق - : أن عزّة المسلمين – في أي مكان وزمان - وتمكينهم ، وكذا غلبتهم على أعدائهم ؛ إنما يكون – قدْراً ووجوداً وعدماً – بمقدار ما هم عليه من الائتلاف والإتّباع ، والبعد عن الاختلاف والابتداع ، وتعظيمهم شعائر الله – تعالى - وطاعته ، وترك معصيته ؛ ولا أدلَّ على هذا مما حصل لبغداد على يد التتار الأوغاد عام 656 للهجرة ، وقد كانت منارة العلم والحضارة ؛ فاستباحها أناس من أشرِّ خلق الله تعالى ، وعاثوا فيها فسادا وطغياناً ، وأحدثوا فيها من الخراب والقتل ما لا يصدّقه عاقل ولا مجنون ؛ ولن يحدّثك عن الأسباب مثلُ خبير ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – بعد تدمير بغداد : " وكانت هزِيمةُ المسلمين في العام الماضي بِذنوب ظَاهرةٍ وخطَايا واضحةٍ : من فَساد النِّيَّات والفخر والخُيَلاَءِ والظّلم والفواحش والإعراض عن حُكمِ الكتاب والسُّنَّةِ ، وعن المُحافَظَة على فرائض اللَّه .. "
بل اعتبر شيخ الإسلام أنّ النصر والظفر بالعدو – والحالة هذه – فيه فساد عظيم ؛ فقال :
" .. فَكانَ من حكمة اللَّه ورحمته بالمؤمنين أَنْ ابْتَلاَهُم بِما ابْتلاَهُم بِهِ ؛ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذين آمنوا ويُنيبُوا إلَى ربِّهم ، وَلِيَظْهَرَ من عدُوِّهم ما ظَهر منه من البغي والمكر والنَّكْثِ والخروج عن شرائعِ الإسلام ، فَيقومُ بِهم ما يَسْتَوْجِبُونَ بِه النَّصرَ ، وبِعَدُوِّهِمْ ما يَسْتَوْجِبُ بِه الانتقام ، فقد كان في نفوس كثيرٍ من مُقَاتِلَةِ المُسْلمينَ ورعيَّتهم من الشَّرِّ الكبير ما لو يَقْتَرِنُ بِه ظَفَرٌ بِعدوّهم - الذي هو على الحالِ المذكورة – لأوْجَبَ لهم ذلك من فساد الدِّين والدّنيا ما لا يوصف "
فتدبّروا ... !
ومثلُ بغداد الأندلس .. الفردوس المفقود
كانت الأندلس من أعظم حضارات الأرض على الإطلاق ؛ يقصدها أبناء الغرب للدراسة في جامعاتها ، وأخذ العلم عن العلماء المسلمين ، إلى أن فشت بين أبناء المسلمين فيها اللهو والطرب وحب النساء وشرب الخمر وشتى أنواع الترف ، وبناء القصور ، والنفور من العلم والعلماء ؛ فسقطت سقوطاً مذلاً حزيناً ، ولا زلنا نبكيها مع أبي البقاء الرندي ..

لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ

هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ كما بكى لفراق الإلفِ هَيمَانُ

على ديار من الإسلام خالية قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ

حيثُ المساجدُ قد صارتْ كنائسَ ما فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
لمثلِ هذا يبكي القلبُ من كَمَدٍ إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ

ومثل بغداد والأندلس .. فلسطين الحبيبة السَّليبة ..
فمن يُنقذها ؟!

راحت الأمة تلوذ بسياسات غيرها فهماً وتطبيقاً ، وعلماً وتطبيعاً : عاقدة الظنَّ بها نجاةً ونصراً ، وقوة وظفراً ، وعزّة ومجداً .. ! .
فانبعثت في الأمة أرواح القوميّة القمْعيّة ، والاشتراكية الشِّركية ، والبعثيّة العبثيّة و.. و .. !
حتى تلبَّسها شيطانُها عَرَضاً هاذياً ، ومرضاً هادماً ؛ فكان أن تَرنّحت الأمّة في ( ميادين ) الصراع مع أعدائها ، وهي ( في كل ذلك = مع ذلك ) تتغذّى على فُتات ما أهملته الأمم من المناهج والأفكار ، والأهداف والأوطار ، وتلجأُ إلى ما هَجرتْهُ من ( الأوكار ) .. فشاهت الملامح والأطوار .. !
وكانت أحزاباً ...
على الضفة الأخرى من ( نهر السّياسة ) العَذْب المُعذِّب .. ( نَبتت = زُرِعت ) أحزاب إسلاميّة هُلاميّة ( سطحيّة ظاهريّة ) : فهي متآلفة ( سياسيّاً ) مع نُظرائها من الأحزاب مسلكاً وجوهراً ، ومخالفة لها اسماً ومظهراً .
فدخلت ( معترك السياسة ) و ( النضال ) من أجل تحرير فلسطين بروح تلك الأحزاب .. بزادها وملْحها ، وطَلْعِها وقُبْحها ؛ محاكاة في كل أمر : في المناورة والكرّ ، والمحاورة والفرّ .. !

وأمّا سياسة أهل الأثر والتي هي العكوف على روح الإسلام ( الكتاب والسّنة ) تعلّماً وتعليماً وفهماً وتطبيقاً من خلال النظر في منهج السلف الصالح ؛ فهي عندهم – بِعِنادِهِم – أسلوب كالح ، وتخلّف واضح ، وتقهقر أمام العدو فاضح .. !

وسياستهم لتحقيق النصر و ( إعلاء كلمة الله ) لا تخرج عن ( حراكات وعراكات ) تتمثل – على سبيل المثال لا الحصر – في :
• تنظيم الشباب ، وتكثير السّواد من كل باب ، فترى في ( حزبهم ) الأشعري والصوفي والحبشي والمعتزلي ، وغيرهم ممن ينتمون إلى الفرق المختلفة في ( عقائدها ) ، وهذا انطلاقاً من إحدى قواعدهم ( الذهبيّة ! ) و هي : كلنا ( إخوان مسلمون ) في مواجهة العدو المُحتل .. !! .

• ومن قواعدهم ( الذهبيّة ) : ( التقاربات ) واللقاءات المذهبيّة ؛ ولعل أبرزها مع الشيعة الروافض ؛ كلّ واحد فيهم – من أجل ذلك – بكل جهد ناهض ..! ، ولكل ( مُفرِّق لوحدة الأمة !! ) نابذٌ مُعارض .. !

قال أحد مفكريهم في ( كيف نفهم الإسلام ) : ( وكان خاتمة المطاف أن جعل الشقاق بين الشيعة و السنة متصلاً بأصول العقيدة ( ... !! ) ليتمزق الدين الواحد مزقتين وتتشعب الأمة الواحدة إلى شعبتين كلاهما يتربص بالآخر الدوائر، بل يتربص به ريب المنون، إن كل أمريء يعين على هذه الفرقة بكلمة فهو ممن تتناولهم الآية { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون } )

وقال : ( إن المدى بين الشيعة والسنة كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة
والمذهب الفقهي لمالك والشافعي )

فكانت اللقاءات بعد ذلك ، وجمعيات التقريب ، والتعاون في نشر الكتب العلمية لعلماء الشيعة !! ، ...

كُلّ ذلك حتى يبقى ( الصف الإسلامي ) موّحداً ، فالعدو يتربًص .. !

• دخول ( البرلمانات ) ، كواحدة من ( الأمانات ) الملقاة على عاتق المسلم من أجل قيام الدولة الإسلاميّة القويّة القادرة على استرجاع حقوقها ! ، مبررين بأنّ ( طريق الإصلاح والتمكين يكون بإرادة الشعب ؛ فهم ( مصدر السلطات ) ، { وأمرهم شورى بينهم } !! )

• تنظيم المهرجانات الخطابيّة ، والمسيرات والمظاهرات ، والاحتفالات الشعبية بالأناشيد الحماسيّة ؛ ( نُصرة لفلسطين ) ..

ولعلي أتتبع تلك السياسات في قادم المقالات – إن شاء الله تعالى – واحدة واحدة بالتفصيل .. لترى زيف وزيغ تلك السياسة الحزبيّة ، ولا تغترَّ إذا ما قامت لهم ثمّة ( دَوْلة ) سياسيّة ، أو كانت لهم ثمّة ( صَوْلة ) حماسيّة .. !

فما ذاك بالذي لتحرير الأمة يهتدي ..

وإنّ سبيل النصر لن يختلف عمّا انتهجه من حرّر أرض المسلمين من قبل ، وكل السبل دونه مسدودة ، ولكن لا نستطيل الطريق فالأيام معدودة ، ولنسترجع الهمّة المفقودة ؛ وقد قيل : " من استطال الطريق بطّأ به المسير " ..

ووعد الله – تعالى – قادم ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر : يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود " ( رواه مسلم )

و واللهِ ! لن يُنطقَ اللهُ الحجرَ والشّجرَ إلا لورثة من أنطقَ لهم الحجرَ والشجرَ والأرضَ ، وانزل ملائكته تقاتل معهم ..

وعماد ذلك قول الله – تعالى - :
{ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }: ونُصرة الله – جلّ ثناؤه – تكون بطاعته وتعظيم أمره ، وأمره الكتاب والسنة ، وباجتناب ما نهى عنه وزجر ، ونواهيه المعاصي والبدعة .

وما نكابده اليوم من فتن وذل وهوان ينبغي أن نستقي منه المنح والعطايا ؛ بالإنابة إلى الله – تعالى – والانكسار بين يديه ، والتضرع إليه ، والتوكل عليه حقّ التوكل .

ولنا في أهل الإسلام – بعد محنة بغداد – عبرة وآية ؛ فإنهم لمّا أنابوا إلى الله مولاهم – وجاءهم التتر تارة أخرى – أنزل الله تعالى للمسلمين من جنوده ..

قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : " وكان عام الخنْدَقِ بردٌ شديدٌ وريحٌ شديدةٌ مُنْكِرَةٌ بِها صرف اللَّهُ الأحزابَ عن المدينة ، كما قَال – تعالى - : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا }
وهكذا هذا العام أكثرَ الله في الثّلج والمطر والبرد على خلا أكثر العادات ، حتى كره أكثر النّاس ذلك ، وكنّا نقول لهم : لا تكرهوا ذلك ؛ فإنّ لله فيه حكمة ورحمة ، وكان ذلك من أعظم الأسباب التي صرف الله به العدو "


فاحرص – أخي حفظك الله – إذا جيء بصحيفتك يوم القيامة أن يكون فيها حسنات جهادٍ في سبيل الله ؛ بأن تأخذ الآن – في الدنيا – بأسباب ذلك : التزام الكتاب والسنة في نفسك وبيتك وأهلك ، وإخلاص العمل – في هذا - لله تعالى ، والمحافظة على فرائضه وتعظيم شعائره ، ونشر علم سلفنا الصالح ، وبغض المعاصي والبدع وأهلها ..

وأحسن تربية الولد على ذلك ؛ لعلّ الله يُخرج من أصلابهم وارثاً ؛ يكون ممن يُعزُّ به الإسلام وأهله .. فتكون من الفائزين .

أسأل الله تعالى أن يُعزَّ الإسلام والمسلمين ، ويُعلي راية الحقّ والدين ، وأن يكشف ما بنا وينصرنا على أعدائنا ، وأسأله تعالى أن يوفق ولي أمرنا لما يحبّه ويرضاه ، ويجعلنا ممن يتقيه حقّ تقاته ويخشاه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين



تعليقات القراء

ملحوظة
هنيئا للعلمانيين والليبراليين بهذا الطرح فقد أخليتم لهم الطريق ممهدا..
29-03-2012 05:32 PM
قاسم رمضان

اللهم بارك في هذا القلم النابض بالعلم والسنة والعقل والحكمة والبلاغة والفصاحة والأدب والسمو!

29-03-2012 05:37 PM
قاسم رمضان
إلى صاحب التعليق رقم (1) :

كيف تفسر -بارك الله فيك- هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو وأصحابه من مكة إلى المدينة, وترك مكة بيد كفار قريش ؟

فهل يمكن أن يقال في ذلك الوقت: هنيئا لقريش بهذه الهجرة فقد أخلى لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجو ؟

أم ماذا ؟

بانتظار جوابكم الكريم ..
29-03-2012 05:52 PM
سعيد النواصره
وفيك بارك أخي الأستاذ قاسم رمضان ، وأحسن الله تعالى إليك كما أحسنت الردّ والصدّ .

وإلى أخي صاحب التعليق رقم ( 1) أشكرك على هذه الملحوظة وأود ذكر أثر عظيم عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه قال ( أو في المعنى ) : إنما يُطمعُ في البيت العامر .

فماذا عساني أقول في الأحزاب العلمانيّة والليبرالية وفسادها ظاهر للطفل الصغير ، وان إنما أريد لن أنصح لأخواني ممن ذهب مع الأحزاب مذهباً بعيداً متناسيا متجاهلا أسباب النصر والتمكين للأمة .
ولو كان في أسلوبي بعض الخشونة فإنها - والله - غير مقصودة ، وقد كان شيخ الإسلام يقول : نُصح المسلم للمسلم كالصابون قد يكون فيه بعض الخشونة .

وعلى كل حال فأنا أعتذر إذا ما كان ثمة إساءة مني .

29-03-2012 09:17 PM
ملحوظة
لسنا في معركة يا اخواني حتى نستخدم الصد والرد .. تخلي الاسلاميين والاخيار عن السياسة سيترك الساحة لمن يحكم بغير ما انزل الله ويبدل شريعة الاسلام .. اما المقارنة بالهجرة فلا وجه للمقارنة حيث ما هاجر نبينا الا بعد ان تهيئأت له دولة الإسلام وبايعه نقباء المدينة ليعود فاتحا منتصرا. بورك فيكم
30-03-2012 06:06 PM
قاسم الرمضان
حسنا أخي الكريم ..



ما دمت تتحدث عن التبديل فإني أهديك هذا المقال لشيخنا الفاضل المحقق مختار الطيباوي -حفظه الله-, وبعد قراءته بتأمل ستزول عنك بإذن الله وعونه شبهة التبديل التي يطنطن بها مَن يطنطن من التكفيريين والحزبيين ..



((أنواع التبديل:







الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيَّ بعده.

أما بعـــد:

من أدخل في الدين ما ليس منه أصلا،ومن أوجب على عباد الله ما لم يوجبه عليهم الله تعالى،ومن علق سعادة المسلمين على شرط لم يذكره رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولا امتحن الناس عليه فهو بلا شك من المبدلين، لان التبديل الذي يثار فيما يخص مسألة الحكم بغير ما أنزل الله هو عند شيخ الإسلام قسمان:

التبديل الأول: مناقضة خبر الشرع، و الثاني: مناقضة أمره.

فأهل التبديل الأول يضيفون إلى دينه و شرعه ما ليس منه، وهم أهل الشرع المبدل تارة يناقضونه في خبره فينفون ما أثبته أو يثبتون ما نفاه، ومسائل أصول الدين عامتها من هذا الباب،فيوجبون ما لم يوجبه بل حرمه، و يحرمون ما لم يحرمه بل أوجبه،فيوجبون اعتقاد الأقوال و المذاهب المناقضة لخبره وموالاة أهلها و معاداة من خالفها .(النبوات94) بتصرف.

فإذا أدخلوا في التوحيد ما ليس منه، و أوجبوا على العباد ما لم يوجبه عليهم الله ورسوله كانوا مبدلة للدين، وهذا أشد ضلالا من تبديل الحكم في الأموال و الأبضاع الذي غايته أن يتضرر منه الضحايا ماديا أو في الحدود التي ينجو منها المجرمون في الحياة الدنيا فيحاسبون عليها في الآخرة.

بينما تبديل الدين يضر بالمسلمين في دينهم وعقيدتهم قال ابن تيمية في ( النبوات){ص:94}: (( و لهذا حصل من الذين لبسوا الحق بالباطل تبديل لما بدلوه من الدين و تحريف الكلم عن مواضعه)).

و إذا كانت مناقضة خبر الرسول صلى الله عليه و سلم من التبديل كمناقضة أمره فها هنا مبدلان:

المبتدعة الذين ناقضوا خبره ، و الحكام الذين ناقضوا أمره، و بسبب التبديل الأول حصل التبديل الثاني،فما على من يكفِّر بالحكم إلا أن يبدأ بمناقضة المبتدعة و كشفهم و دعوتهم بالعلم و البيان حتى يزيل أسباب التبديل الثاني.

ألست ترى أن الحكام الذين يكفرهم هؤلاء لهم وزارات للأوقاف، ومعاهد شرعية و مدارس و أئمة ودار فتوة و مجالس إسلامية ،و لهم علماء في التفسير و الحديث و العقيدة و الفقه لم يقولوا لهم يوما :إنكم كفار؟

فكيف تريد من هذا الحاكم أن يترك قول العلماء الذين يحيطون به، و يثق فيهم،ويعتد بهم مع قسم كبير من الأمة، و يتبع شخصا لا يعرفه،بل قد يكون في نظره متهما في أشياء كثيرة، وهو[الحاكم] لا يستطيع التمييز بين أقوال العلماء في الوضوء؟

ثم كيف بمن يزعم نفسه سلفيا يتحالف مع مبدلة الدين أنصار و منابر الشرع المبدل للإطاحة بمبدلة الحكم؟!

و بهذا تعرف أن أهل السنة بتوضيحهم هذا الأمر، و مخالفتهم أصحاب النزعة التكفيرية يرفقون بالأمة ،و يرحمون ضعفها، و يحرصون على وحدتها و تآلفها، مع حرصهم على أن تصل إلى كمال الدين بخطى ثابتة راسخة لا أن يقلبوا الأنظمة في مجتمعات هم أصلا فيها أقلية، مجتمعات متحزبة متناحرة،منها من لا يزال إلى حد اليوم يبحث عن هويته ،و يناقش موضوع اللغة و الدين و الهوية.

إن دعاة السلفية الحقيقية التي لم تستنبط منهجها من دعاة ومفكرين معاصرين هم من اكبر الدعاة إلى تحكيم شرع الله على المسلمين، ولكنهم يجعلون هذه الدعوة في إطارها الذي جعله فيها الشارع، فلا يغلوا فيها بحيث يهوشون و يحمسون العامة على الحكام فتدخل البلاد فيما لا يحبه الله ولا رسوله، ويكون المتضرر بذلك أولا الدعوة الإسلامية.

فالذي يدعو إلى التوحيد و محاربة الشرك بكل مظاهره و يدعو إلى إحياء السنة و تجديدها في حياة المسلمين العملية هو الذي يدعو في الحقيقة إلى تحكيم شرع الله.

أما من يجعل رأس دعوته الحاكمية فهو لا يبتغي إلا السلطة،و يظهر في آخر المطاف أنه لا يبتغي إلا عرض الحياة الدنيا(بعضهم) .

إن الشبهات الهزيلة التي يثيرها هؤلاء غير صحيحة، فلما أعوزتهم الحجج العلمية ركنوا إلى التهويش و الاتهام وهذه طريقة من لا حجة عنده.

و أنا هنا أريد أن اطرح سؤالا أو بالأحرى تصورا لشبهة علمية عند بعض الناس عندما يقولون: من نحى الشريعة و أحل محلها القانون لا يفعل ذلك إلا أنه يرى أنه أحسن من الشريعة، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منه لما أزاح الشريعة و أحل محلها القانون، وعليه فهو كافر بالله عز وجل(؟).

قلت: إذا أجمع الصحابة و أئمة السلف كما بيناه سابقا أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر دون كفر،إما أنهم كانوا متصورين لهذه اللوازم وإما لم يكونوا متصورين لها،فإن كانوا متصورين لها ولم يذكروها فلم يبينوا ،وإن لم يكونوا متصورين لها فهل تركوا الأمر لتقديرات المتأخرين؟

ولاشك أن الذي قصدوه سواء هذا أو هذا فقد نحى الشريعة و جعل مكانها قانونه أو هواه فإن لم يكفروه فما حجتنا نحن في تكفيره؟

فإن قالوا: الصحابة قصدوا من عطل حكما واحدا فقط.

قلنا: من أين لكم هذا التحديد و التقييد ولم يثبت عنهم؟

ثم لو قلنا : هذا يكفر بنص واحد ،أو يستهزيء به، ويؤمن ببقية النصوص فهل لا يكفَّر بالنص الواحد، و الفعل الواحد فمثلا لا يكفر بسجود واحد لصنم بل عليه أن يكرر ذلك؟!

فيجب التفريق بين الأدلة المباشرة و الأدلة بالارتداد ، و الدليل المرتد هو الدليل الذي يمر عبر عدة مدلولات حتى يصل المسألة المراد الاستدلال عليها، كالحجر الذي يصيب الهدف مباشرة و الحجر الذي يصيبه بعد أن يرتد على شيء آخر.

ومسألة التكفير مسألة خطيرة جدا لا يجب أن تتجاذبها خيوط الاجتهاد و الاختلاف لا اقصد مخالفة أي كان ولكن مخالفة الصحابة و أئمة السلف.والله اعلم))





المصدر: ملتقى طلبة العلم الشرعي

30-03-2012 11:14 PM
قاسم الرمضان
وبارك الله فيكم ..



سلمنا لك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد تهيأت له دولة الإسلام في المدينة وعاد إلى مكة فاتحا, ولكن الإشكال ما زال قائما: كيف خلَّى في تلك المدة رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مكة بيد كفار قريش يعيثون فيها فسادا وكفرا وضلالا وشركا وهي أحب البقاع إلى الله, ولا وجه لمقارنة أي بقعة على الأرض بها ؟!

فإن قلت: خلاها ليشغرها بعد الاستعداد الإيماني والمادي .

قلنا لك: وهذا مرادنا من ترك السياسة الآن؛ أي أننا ننادي بتركها في ظل الاستضعاف والذل والهوان الذي يعاني منه عامة المسلمين لأن السياسة لا بد لها من سلطان وقوة, وننشغل في هذه المدة بإعداد العدة اللازمة من الإيمان والتربية والتعليم والتزكية إلى أن ينشأ جيل قادر على حمل راية الدولة الإسلامية بحق وجدارة, وحينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله كما فرح المؤمنون بفتح مكة بعد مدة قضاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إعداد العدة, ولذا لا معنى لتخلية الساحة لأي كان؛ لأن المؤمن لا ينفك عن فعل الطاعات, ولكنه يفعل المطلوب في حينه, وهو المسمى عند العلماء بواجب الوقت, والله الموفق لكل خير ..
30-03-2012 11:22 PM
سعيد النواصره
أخي وأستاذي قاسم الرمضان
بارك الله فيك وكثّر في الأمة من أمثالك ، وأحسن إليك

و والله إنه كلامك الذي قدمت ليطيب به القلب ، فما أحوجنا اليوم لنضوج المدارك ؛ مع كل هذا التشتت وتباعد المسالك
ولا أزيد هلى ما تفضلت علينا به ، ولنسأل أنفسنا حول حدث قريب وهو مسيرة القدس : ما الذي جنيناه ، وماذا جنت فلسطين من المسيرة ؟
31-03-2012 11:42 AM
ملحوظة
أخي قاسم يبدو أنك لاتحسن القياس .. فرق أيضا بين الحالة المكية حيث استضعاف الاسلام واهله .. وبين حالتنا حيث أن المجتمعات الاسلامية كلها تتوق الى من يحكم فيها بشرع الله وتريد من يرفع راية الشريعة لتختاره ممثلا لها وحاكما بها ... أما مسألة الحاكم بغير ما أنزل الله فمعلوم أن من جعل مجلسا وظيفته التشريع يشرع للناس قانونا ووافق عليه واعتمده واوجب على الناس العمل به والزمهم به ثم عاقب من خالف هذا الدستور وعاقب من حكم بشريعة الله فلا يدخل في الكفر دون كفر بأي حال
31-03-2012 05:00 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات