اطمئن يا مولانا احنا بخير؛ إلا أنّ !!


لم أتفاجأ أبداً بقانون الجوازات الجديد الذي جعل فيه مجلس ال 111 لنفسه حق الحصانة مدى الحياة. هذه الخطوة تثبت زيف هذا المجلس، وتثبت أنه مجلس غير شرعي وهو كذلك مجلس امتيازات منحها لنفسه ولم يمنحه إياها دستور أو قانون.
الدستور الأردني "إن لم يتغير" ينص على حصانة عضو مجلس النواب أثناء جلسة المجلس ولا يجوز أخذه بما يقول أثناء انعقاد الجلسات. هذا النص لم يخصص أي امتياز لعضو مجلس النواب، بل هو نص يحفظ للنائب حق الحديث وتجاوز الخطوط الحمراء التي تغلف فضاءنا منذ ولدنا.
لا أدري لماذا يريدون "جوازات حمراء"؟ أهي فقط حالة نشوة يعيشها النواب؟ أم هي ردة فعل على المطالبين بإسقاط هذا المجلس المزور؟ لو أن المجلس كان إفراز عملية انتخابية حرة ونزيهة للمنا الشعب الأردني على هذا الاختيار، لكن حينما يكون مزوراً لا لوم على أحد، فالجهاز الأمني والحكومة هما اللذان أفرزا مجلساً هشاً ليس أكثر من أضحوكة وملهاة في الشارع الأردني، ولوم الحكومة التي أفرزته وجهاز المخابرات لا جدوى منه، فهما مؤسستان تعملان وفق أجندة محددة ولو أننا لمناهم لكان يحق لنا أن نلوم "الأفعى إن لدغت" .
حالة البطر التي يعيشها مجلس النواب هذه تبين لنا أن لا نية للإصلاح أبداً، وليعذرني ولي الأمر فقد كنّا نلوم من هم دونه، لكننا اليوم نتساءل ألا يقرأ هذا الولي بين السطور وفي هتافات الشعب.
دعوني أذكر الجميع أن شعارات اليوم التي يطرحها الشارع الأردني هي جرائم كانت بالأمس ليس عند المخابرات وحسب بل عند الهاتفين أنفسهم. وأذكر أن كل كلمة قيلت من قبل المعارضين القدامى قبل عدة أعوام وتعدت الخطوط الحمراء كان يقف الهاتفون حينها لينعتوهم بالعمالة، وبالتآمر على البلاد وربما الزندقة والخروج على الملة الوطنية، لكنهم اليوم هم –اللذين دافعوا عن النظام- يهتفون ويجتازون الخطوط الحمراء في الشوارع وعلى مسامع النظام. هذا بحد ذاته مؤشر خطير جداً وعلى ولي الأمر أن يتنبه قبل أن تصبح مقولة "الآن فهمتكم" هي ترداده عبر وسائل الإعلام، حين لا يفيد "الفهم".
أذكر أنني كتبت عدة مقالات حول الخصخصة يوم بدأ التحول الاقتصادي، فقام الهاتفون "اليوم" ضدها بكيل الشتائم لي في ذلك الوقت، وحينما ذكرنا الفاسدين بالأسماء رفعوا صورهم وقدسوهم على الجدران، لكن اليوم الشارع كله يهتف ضدهم وينادي بالحرب على الخصخصة وعلى مشروع التحول الاقتصادي "بيع الوطن".
كل هذه يا ولي الأمر مؤشرات على مرحلة ستكون صعبة للغاية فالهاتفون اليوم ليسوا بضعة أشخاص من خارج البلاد كما كان الأمر سابقاً، لكنهم القاطنون في بيوت "المكرمات" التي أصبحت اليوم مدار شبهات، وهم الذين آمنوا بمطلق الحكم للملك بالأمس واليوم يطالبونه بالحد من سلطاته.
حينما كنا نتحدث عن المقدسات السلطوية التي تألهت، كنا نرشق بكل النعوت الشوارعية، واليوم هم أنفسهم "الناعتون بالأمس" يهتكون مقام هذه المقدسات التي اعتلت السلطة، أليس هذا بحد ذاته دليل آخر على منحدر جارف للعلاقة بين النظام والشعب، إن بقيت هناك علاقة.
ولي الأمر لم يتنبه بعد، وتُزيّف الحقائق أمامه في التقارير اليومية، تماماً كما زيفت لغيره فانتهى الأمر باتساع الفجوة بينهم وبين الشعوب ثم القطيعة مما أدى إلى انهيار تلك الأنظمة. والأردن ليس أفضل من غيره وشعبه ليس أقل من تلك الشعوب سعياً للحرية والعدالة والمساواة. الأردن ليس بعيداً عما يجري حولنا، ولولا ضبط النفس الذي يمارسه الناس للحيلولة دون التردي أكثر لوجدنا شوارعنا مليئة بما لا نحمده ولا نرضاه. لهذا علينا أن نتصارح بعيداً عن المجاملات الزائفة وأن نكون مخلصين حين الحديث عن شؤون وطننا. فلا يجدي أبداً أن نقول بمقولة أحد المغفلين حينما بعث إليه والده يسأله عن أحوالهم بعد سفره فكتب إليه الخبر بقوله:
"أبشرك يا أبي فنحن بخير، إلا أن الجدار وقع على الحمار فمات، وإخوتي كلهم بخير غير أن الأكبر أصيب بمرض وهو مقعد والثاني قتل في عراك مع ابن الجيران، وأمي ماتت كمداً على الاثنن، وأختي طلقها زوجها وأحضرتها لبيتنا الذي هدمه الفيضان فيما بعد، فاضطررنا لنسكن في مغارة في أعلى الجبل، أما أنا فبخير وسأروي لك كل الحكاية حينما تعود وأشفى من البكم الذي أصابني بسبب كل ما حصل في بيتنا. اطمئن يا أبي نحن بخير"
هذه الصورة في نقل الخبر ينبغي أن تتعدل لنواجه الحقائق ونواجه ما تمر به البلاد، وعلى ولي الأمر أن يصغي للشارع لا لذلك التقرير الذي يدعي صاحبه أن الوطن بخير رغم كل ما يحدث.



تعليقات القراء

من هو الجنيد
...........
رد من المحرر:
نعتذر...........
27-03-2012 01:07 PM
وفاء خصاونة
اشكرك على طرح موضوع جريء
27-03-2012 04:18 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات