ناطقين إعلاميين في أبراج عاجيّة .. الأمن العام نموذجاً


الأصل أن دوائر العلاقات العلامة التي تنشئها المؤسسات وظيفتها إدامة التواصل بين هذه المؤسسات وبين المؤسسات الإعلامية، والغاية التي من أجلها وجدت هذه الدوائر في الأساس هي تحسين صورة المؤسسة وإبراز ايجابياتها و"تلميع" القائمين عليها.. هكذا كان يقول لنا أساتذة العلاقات العامة في الجامعة.
إنما الذي يحدث الآن أن كثيراً من دوائر العلاقات العامة في مؤسساتنا الحكومية تعمل بطريقة أو بأخرى على تشويه صورة المؤسسة وكل ما له علاقة فيها وتضييع جهودها، وحين أقول "كثيراً" فهذا ليس من باب التضخيم أو المغالاة بل هي خلاصة تجربة من عدد كبير من المؤسسات الحكومية التي على ما يبدو أن تطوير دائرة العلاقات العمة لديها وتحسين أداء كوادرها آخر ما تفكر به.
وحتى لا يظل الكلام في إطار التعميم وكي لا يبدو الموضوع وكأنه مجرد تنظير الهدف منه فقط الانتقاد، سآخذ العلاقات العامة في مديرية الأمن العام مثالاً حياً على سوء المعاملة التي تلقيتها أن شخصياً وعدد لا بأس من الزملاء الذين يشتكون من "ترفع" الناطق الإعلامي للأمن العام عن الحديث معهم وتحويلهم إلى ضباط أقل منه رتبة واللذين هم بدورهم لا تقتصر مشكلتهم على معاملتهم السيئة للصحفيين وحسب، بل ونصبوا أنفسهم "أساتذة ومحاضرين" يعلمّون الصحفيين كيف يجب أن يعملوا ويلقون عليهم دروساً في أصول الصحافة ومبادئ العمل الإعلامي وأخلاقيات المهنة، وفي النهاية لا تأخذ منهم إجابة على سؤالك الذي حين تصر على الحصول على إجابة منهم عليه يطلبون منك مراسلات خطية كي تتم الإجابة بكتاب رسمي قد يستغرق هذا الكتاب شهراً كاملاً ليعود إليك.
المقدم محمد الخطيب ـ الذي لم يحدث للآن أن نلت شرف مقابلته ـ بات الوصول إليه أصعب من الوصول إلى مدير مكتب جلالة الملك، وإذا صدف وقرر أن يجيب على اتصالك فإنه يحدّثك بطريقة تشعر من خلالها أنك تتحدث إلى المندوب السامي أيام الانتداب البريطاني، وأكاد أجزم أن مدراء الأمن العام الذين عمل هو بمعيتهم أكثر تواضعاً في الحديث منه وفي المعاملة أيضاً، وأجزم أيضاً أنني لو طلبت مقابلة مدير الأمن العام كصحفي فسيكون الموضوع أسهل من الوصول إلى الناطق الإعلامي الذي يفترض أنه موجود لخدمة الصحفيين والإجابة على استفساراتهم، وهذا بالطبع ينطبق على كثير من مؤسساتنا الحكومية؛ فأحد الوزراء الحاليين حين حدثني (هو) على هاتفي كان أكثر تواضعاً بكثير من سكرتيره الصحفي الذي كانت الفوقيّة تنزّ من سماعة الهاتف في المرات الأربع التي حادثته فيها، ومدير عام إحدى كبرى المؤسسات في البلد كان أكثر لطفاً ولباقة من مديرة إعلامه التي كانت تتحدث معي وكأنني مندوب مبيعات يصر أن يبيعها بضاعته بالقوة.
في مؤسساتنا الكثير من النماذج التي تشبه الخطيب لا مجال لتعدادها، وما الأمن العام إلا مجرد نموذج على سوء المعاملة التي يلقاها الصحفيون من موظفين وجدوا بالأساس ليكونوا حلقة بين مؤسساتهم وبين هؤلاء الصحفيون، ولكن الظاهر أن هؤلاء الموظفين فهموا وظيفتهم بالمقلوب، فظنوا أنهم موجودين "لحماية" المسؤول من "تطفل" الصحفيين عليهم، وأنهم حائط الصد لمنع أي "اختراق" يفكر به أي صحفي في سبيل الحصول على معلومة كفل له القانون الحصول عليها.
Tariq.Hayek@yahoo.com



تعليقات القراء

ابو الدروع
..
رد من المحرر:
نعتذر..
25-03-2012 09:44 PM
علي المعادله
الناطق الاعلامي في مديرية الامن العام هو رجل يقوم بوظيفته خير قيام بالرغم من عدم معرفتي به ولم اقابله في يوم من الايام ولكن دائما كل قضيه لها اسراها وخاصه عند الامن العام لأنه الصحفيين بدهم التفاصيل بكل قضيه وهذا يؤثر على عمل الامن العام والتحقيق خاصه فيمكن لمجرم من خلال اي تصريح ان يستفيد منه ولكن التصريحات التي لاتؤثر عل التحقيق نجد الناطق الاعلامي يقوم بسردها بالتفصيل وكم مره شاهدنا الناطق الاعلامي يعمل مؤتمرات صحفيه وين كنت يا ايتاذ عن هذه المؤتمرات خافوا الله
25-03-2012 11:03 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات