منشار الحقوق المنقوصة وحق العودة


نسمع كثيرا عبارة أصحاب الحقوق المنقوصة ومن أناس تقلدوا أرفع المناصب في الدولة الأردنية ومن كتاب ومثقفين وباحثين مختصرين وعبر السينين الطويلة وكأن القضية والمشكلة بينهم وبين الدولة الأردنية مقزمين القضية الأولى ومختزلين أهدافهم بحق مُضاع عند الدولة الأردنية ومحملين الدولة فضلا بتواجدهم فيها ولولا هذا التواجد والمساهمة في بناء الأردن والتي لا ننكرها لما استطاع الأردنيون بناء دولتهم وإنشاء مؤسساتهم.
هذا لسان حالهم وحديثهم في خلواتهم وأدبياتهم. هذه الصورة لمسناها من الرعايا العربية في الإغتراب حيث قناعتهم أن النظام الأردني هو من يقف بطريق تحرير فلسطين وهو الذي أنهى وجود المنظمات الفلسطينية في الأردن مغفلين وعن قصد ما عبثت به تلك المنظمات مما أدى للدفع نحو المواجهة المعروفة نتائجها. وهذا بالطبع راجع لإعلام عبد الناصر في ذلك الزمن والذي كان المسيطر على العقل العربي والمصدر الوحيد تقريبا الذي يستقي منه العرب أخبارهم. فقد كان إعلاما متحيزا مغرضا ترك بصمته على نوعية التفكير للذين يدعون التقدمية والقومية والليبرالية. وما هي إلا فقاعات ما فتأت أن تلاشت ونضب معينها ولم تحمي هذه المفاهيم أرض الكنانة عندما دمرت الطائرات الإسرائيلية مطاراتها وطائراتها واعترف عبد الناصر بتقصيره.
ومن يطالب بحق منقوص فهذا حق مكتسب لا نجادل فيه شريطة توفر أسباب وصحة وأحقية المطالبة. لكن ألا يستدعي ذلك أن تقولوا يا "أصحاب الحقوق المنقوصة" أنكم ضيوف وتنتظرون العودة لبلادكم؟ وبالتالي ليس لكم على الدولة سوى حق الضيافة العربية. ومن ثم نطوي مقولة الحقوق المنقوصة وذلك أدعى لاحترام النفس والآخرين. ومن استحقاقات ذلك أن تتوقف الدولة عن إشراككم بالإنتخابات والتوظيف لتكتفوا بأعمالكم الخاصة. أليس هذا هو المنطق الذي يفرض نفسه كنتيجة حتمية للنهج المزدوج القائل نريد الأردن أن يخضع لمطالبنا وعندما يجد الجد ندير ظهورنا؟
أرجو في هذا المقام ألا يحملني أحد وزر العبث بالوحدة الوطنية, فميزاني هو المنطق ومعطيات الواقع الذي عشناه سنين طويلة. فليكن العقل والمنطق والواقع الأسس التي نبني عليها تفاهماتنا ونقدنا وحواراتنا. كما وأرجو ألا يزايد أحد بعبارة الأردنيين من شتى المنابت والأصول قاصدا منها التهديد والوعيد أكثر مما يقصد التساوي والوفاق. ولا نستخدمها ورقة "جوكر" للعب بها عندما لا نجد ورقة أخرى. فالمنطق والعقل يقولان إما أن نكون أردنيوا الإنتماء فعلا يتفق مع القول وإما أن نقول أننا ضيوف وعلينا احترام أصول الضيافة لحين الرحيل والفرج.
أما استخدام حق العودة والإدعاء بالحق المضاع فذلك كالمنشار اليدوي ينشر بالإتجاهين, فليكن منشاركم كهربائي باتجاه واحد فذلك أدعى للتصديق والمصداقية. فإما هذه أو تلك, أما الإثنتين معا فلا.
لعلي أنظر للأمر بالعقل والمنطق وببديهية يجب ألا نختلف عندها, ألا وهي الإبتعاد عن الإزدواجية ونبذها لكي يتضح الهدف ونكون منصفين في طرحنا ومطلبنا ولا نحمل الأشياء أكثر مما تحتمل. فلتحددوا هدفكم وتعملوا على العودة وهذا حق لا نزاود به عليكم, حيث أننا فلسطينيون باتجاه فلسطين كما نتوقع منكم أن تكونوا أردنيين باتجاه الأردن. وإما نسيان ذلك الحق والعمل على تحصيل "الحق المنقوص". لكن لا ننسى التبعات والإستحقاقات الإجتماعية والأمنية المترتبة على ذلك.
للأسف هناك أصوات ناعقة تصطاد بالماء العكر لا هم لها سوى المزايدة وبذر بذور الفتنة والتشكيك بمصداقية النظام وأهدافه. فأحيانا إذا فتحت الحكومة شارعا في مخيم, يقال أن الحكومة تهدف إلى توطين الفلسطينيين وإن لم تفعل فهي ملامة على "التقصير" ما الحل إذا؟ وما العمل كي تنجو الحكومة من لومكم ونقدكم الغير مبرر؟ فعدم الرضى تحصيل حاصل مهما صنعت أو لم تصنع الحكومة.
لنشرب من البئر ولا نرمي بها حجرا كما فعل صاحب نظرية "أصحاب الحقوق المنقوصة" عدنان أبو عودة الذي تقلد أرفع المناصب وأرقاها الذي ألف كتابا بهذا الخصوص موّلَته ونشرته جهات جهات مشكوك بنظرتها للقضية التي يفترض أن أبو عودة يؤمن بها ويعمل على حلها.
فدعونا ألا ننساق وراء الكلمات الرنانة واللامعة التي سرعان ما ينطفئ بريقها ولا نتفاءل كثيرا بمن يُضحكنا على حساب جراحنا وآلامنا التي ستعود وتذكرنا بحقيقتنا بعد الإنتهاء من الضحك. بل نتفاءل بجرعات الدواء المؤلم في البداية ولكنه في النهاية يقضي على الجراح والآلام.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com



تعليقات القراء

هههههههههههههههههههه
...
رد من المحرر:
نعتذر...
24-03-2012 10:12 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات