التعليم العالي من جديد


تناقلت وسائل الإعلام مؤخرا خبر إيقاف المملكة العربية السعودية الشقيقة إيفاد طلبة مبعوثين إلى الجامعات الأردنية. لا أريد أن أخوض فيما إذا كان مثل هذا القرار قد صدر فعلا أم لا, أو إلى أي درجة ينوي الأشقاء في العربية السعودية المضي في هذا التوجه وهذا القرار. إننا في الأردن يجب أن نتعامل مع هذا القرار وبغض النظر كما أسلفت سابقا عن صحته بجدية ومهنية وشجاعة, فهو قد بداء بدق ناقوس الخطر لواقع التعليم العالي في الأردن في عيون الأشقاء بعد أن دقه الأهل هنا في الأردن. لقد حان الوقت لنتعامل بجدية ومصداقية مع التعليم العالي في بلدنا الحبيب, بعيدا عن جلد الذات والتنكر واغتيال الانجازات, وبعيدا عن صناعة الأوهام وجبال الأحلام الثلجية. نعم لا بد من الاعتراف بان التعليم في الأردن والجامعات الأردنية والى عهد قريب جدا كان متفوقة وبرجات كبيرة على نظيراتها من الجامعات في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام, ولكن لا بد من الاعتراف بان هذا التفوق قد توقف وانحسر أو تراجع وتقهقر ومنذ أمد ليس بالقصير. إن من أعظم الشجاعة أن يعترف الإنسان بمواطن ضعفه وقصوره حتى يمكن علاج هذا الخلل والقصور قبل استفحاله واستحالة علاجه. إن الأمة التي تريد أن تتقدم يجب أن تقف كثيرا عند التعليم, لا بد وان يكون التعليم على رأس أولوياتها واهتماماتها. يحظى التعليم العالي في بلدنا الحبيب برعاية واهتمام ملكي خاص إذ يولي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني اهتماما خاصا بالتعليم لإيمانه العميق بان الأمة لا يمكن أن تنهض بغير التعليم. اعتقد أننا واستجابة للاهتمام الملكي السامي بالتعليم العالي أن علينا أن نعترف بتراجع مستواه إلى درجة مقلقلة, نعم لقد تراجع مستوى التعليم العالي إلى درجة لا يمكن السكوت عليها. إن الإنسان كما قال الراحل الكبير المغفور له بإذن الله الملك الحسين هو أغلى ما نملك وهو رأس المال الحقيقي الذي نفاخر به. لا بد من الاعتراف بان مدخلات التعليم العالي قد تراجعت وبشكل واضح مما انعكس بشكل واضح أيضا على المخرجات التي تراجعت إلى مستوى مقلق حقا. لقد أدرك جلالة الملك هذا الخطر منذ بداياته, وما لقاء جلالته برؤساء الجامعات الأردنية في الإفطار الرمضاني في الجامعة الأردنية إلا دليل قاطع على الاهتمام الكبير والإدراك العظيم لأهمية التعليم العالي في صناعة وصوغ مستقبل الأردن الحبيب. لقد أعطى جلالة الملك شرارة البدء لانطلاق مسيرة إصلاح التعليم العالي في الأردن وعلينا أن نكون جميعا بحجم طموحات وتطلعات القائد, وان نكون بحجم التحدي والثقة التي منحنا إياها. إن ما يؤسف له في هذا المجال, أننا وحتى هذه اللحظة لم نلمس خطوات فعلية من قبل رؤساء الجامعات الأردنية الكريمة لتحقيق طموحات القائد وتحويلها إلى طموحات حقيقية ممكنة. إن بعض الجامعات الأردنية وللأسف الشديد آخذة في التراجع كثيراً عن أداء رسالتها وتحقيق هويتها وأهدافها في خدمة المجتمع الأردني وتحقيق تطلعاته المشروعة. اشكر للأخوة الأفاضل في المملكة العربية السعودية هذه الخطوة سواء أكانت صحيحة أم لا, وأرجو مرة أخرى أن نتعامل معها بموضوعية وشفافية وصراحة إذا ما أردنا أن نعيد لجامعاتنا ونظامنا التعليمي السمعة والمصداقية التي يستحقها, وان تبقى جامعاتنا محط أفئدة طلبة العلم من كل أصقاع الدنيا.

لقد بدأت المملكة العربية السعودية بهذه الخطوة ونتمنى أن نجبرها على التراجع عنها من خلال إصلاح جامعاتنا وإصلاح نظام التعليم العالي لدينا. وحتى نغلق الأبواب ونوصدها على أي دولة شقيقة أو صديقة قد تسير في نفس الاتجاه.

abdallahazzam@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات