لا تتركوا يوسف في الجُب


هنالك و ليس ببعيد حيث الجنوب , و رغم كل المحاولات و المفاعلات و رغم ديمونة في غربي النهر, و رغم انف ديمونة في شرقية يبقى الأردني حراً و عذباً تماماً, كعذوبة أهازيجهم و هتافات حراكهم التي طالما طرب الأردنيون لسماعها و أشمئز منها الفاسدون,كيف لا و هم لا يألمون لما تألمون ولا يطربون كما تطربون.
أما هنالك بعيداً و في الطرف الآخر حيث لا جنوب و لا شمال و لا وسط حيث الرفاهية و الوهن حيث لا وطن يقبع أطراف المعادلة الأخرى الذين لن تفيدهم عشرة أصابع مجتمعة في سد أذن واحدة و لو استعانوا في العشرة السفلية , و لن يفيدهم عواء محركات فارهاتهم الامريكية بأن يحجب عن مسامعهم زئير الأحرار و لو استعانوا بكل مكبرات الصوت و كل المنابر المأجورة و كل القنوات التي تنخر في رؤوسنا كل صباح حتى مللنا طعم القهوة الممزوجة بأغانٍ أسموها وطنية لتطعن في قلوبنا معنا الوطنية و تختزل الوطن في شخص أو عدة أشخاص .
دعونا نرجع قليلاً إلى الطفيلة و في قلوب من يصنعون التاريخ بعيداً عن الإبعاد و الإقصاء و المحركات و العواء و عن مراكز وضع القرارات المشوهة و سياسات التهميش و أنظمة التدجين و التعييش و أكذوبة التصحيح و برامج التحول الاقتصادي , هنالك ليس ببعيد و عندما تهب علينا من الجنوب رائحة الشيح و الحرية و آمال المتطلعين لحياة كريمة ليسترد من خلالها كل الأردنيين سلطاتهم و مقدراتهم و حرياتهم المنهوبة ما يزال عبق الشيح يبعث فيهم الأمل حتى يكون الأردني حراً في اختياراته و كي يتحمل المسؤولية عن تلك الاختيارات , فليس من العدل و لا من المنطق أن يُقدَّم لك طبقٌ من البيض و كوب من الحليب لتتناوله عنوةً ثم لا يحق لك أن تصرخ بوجه صاحب المكارم والهبات المزعومة "أنا أتحسس من البيض و الحليب", ثم تكتشف أن كل أطباق البيض و كل أكواب الحليب التي قدمت للشعب الأردني كانت فاسدة و بإمتياز.
هنا و هناك تترفع الطفيلة و سائر الحراكات بعرشها عن كل أخطاء النظام فلا تستأثر بسلطة و لا بملكية مطلقة و لا تمتلك سيوف الاختيارات الفردية الموجهة إلى صدر الديمقراطية ... نعم فقد ترفعت الطفيلة بعرش حراكها الوطني عن الانزلاق إلى المطالب الشخصية و الخدمية منها ... كيف لا و قد جاء ذلك علانية على لسان أحد معتقليها في سجن الجويدة حين سأله أحد الزائرين عن حاله فجاء الرد قوياً عاصفاً كثباتهم و أنفتهم و أطلقت زأرةٌ أخرى تضاف إلى رصيدهم الثوري السلمي حينما رد قائلاً طمئني أنت على غزة و ما أحوال إخواننا هناك ، و ما أحوال بيوت السويمة التي تقطر سقوفها عذاباً على رؤوس ساكنيها.
نعم نحن الآن نتوق لشعاراتهم و نطرب لهتافاتهم و نشتاق لسماع أهازيجهم و نستنشق الحرية من أنفاسهم و لن نتركهم في غياهب الجب.

براء السعود



تعليقات القراء

عوض الى الكاتب
الله يعطيك العافيه
22-03-2012 07:35 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات