إليك يا ياسمين الشام في يوم عيدك


لا أدري إن كنت مازلت أتقن الحديث إليكِ، فحكايتك اليوم غير تلك التي كنا نسردها بالأمس. كنت أم الدلال والوئام، وكنت ياسمينة شامية تمد ياسمين الأرض بزهوه وبهائه، وكنت أماً تغرس في الأمهات صوت الرحمة ينبعث بالرضى والقبول، وكنت .. ويا لجمال وسماحة طلعتك وأنت تبتسمين لأولادك انتشروا في الأرض كالطيور "غدو خماصا ، ثم عادوا بطاناً".
أجل يا أم التاريخ الذي حمل أبطالاً وأنجبهم للكون فاتحين، أحاول جاهداً أن أحدثك في يوم عيدك، فتتوقف الكلمات وأحتار في صياغتها، فإن أردتُها جميلة كنتِ أجمل منها، أو بليغة، لم تبلغ أي صورة ارتسمت لك اليوم، ولئن أردتُها حزينة فما يكون الحزن بعد حزنك يا أمُّ في حمص ودمشق ودرعا، في بابا عمرو ، بل في كل بيت يحتفل اليوم بشهيد، وفي كل بيت يئن لطفل داسته أقدام الوحوش.
أجل يا ياسمين الشام، قرأتك في التاريخ وشاهدتك في الحاضر وارتسمت صورتك في مخيلتي فلا تبرح مكانها. هاهو عيدك يا أمّ، يأتيك اليوم وأنت ثكلى، فأي فرح نبحث عنه في محياك البهي الرائع الجميل؟ أتصدقين، هو أبهى من كل صور الكون رغم تغشيه الحزن، وهو أبهى من أي صورة وقد توشح بالدموع، أتدرين لماذا؟ لأنك آية من آيات هذا الكون...
دعيني أعود بالذاكرة إلى صباي وقد لمستُ بقلبي معاناتك يوم مذبحة "تدمر" ويوم أن هدّم الطاغية بيوت حماة على رؤوس اصحابها، وحينما اندلعت معركة الحجاب، حينها كنّا نغنيك في أعراسنا أماً للبطولة والإباء. أجل يا أمّ، صدقيني هكذا كنتِ ومازلتِ، أماً أبية شمّاء تطاول السماء كبرياءً وعزة وأنفة ... حينها كان يصدح أحدهم ونردد خلفه..
إذا ما أعدم النجد ستبقى أمهم تلد
رجال أمهم شام وفي ساح الوغى ولدوا
أترينني؟ مازلت أحفظ هذين البيتين وقد نسيت بعضاً من اسمي مع مرور الزمن، أجل إنها قصيدة نحتت في سويداء قلوبنا لك يا أمّ ولأبنائك الغر الصيد الميامين، وبقيت مغروسة فينا صورة بهية من صور العطاء للأرض، للوطن، للإنسان.
يا سيدة الكون يا أمّ الرجال، أيتها الياسمينة تفتحت وعانقت السماء بزهوها وجمالها:
أبحث عن إهداء لك في يوم عيدك، فلا أجد، فكل الكلمات تتضاءل أمام كبريائك وصمودك وجلال طلعتك، فاهنئي بما حباك الله يا أم الأبطال.
أحاول جاهداً أن أجد طريقاً لنصرتك، فيظهر عجزي وألجأ للدعاء كما كنت أيام صباي.
أبحث عن وسيلة فيعجزني البحث، ثم أذهب أطالع الأخبار عل الله يأتينا بخبر يسرنا ويزيح عنا غمامة تظللنا ...
ايه يا أمّ كم نحن عاجزون !!!!! وكم نحن مستضعفون !!!! وكم نحن آثمون!!!!
وددت لو أن القوة بيدي لكنني لست أقوى من الله ... فله المشتكى ... وهو النصير ...
تمنيت أن أكون يداً تمسح عن وجنتيك دموع الفقد والثكل القهر، فعجزت، غير أني متيقن أن يد الله خير من يدي ... فبه نستعين ... وهو الرحيم بعباده...
أيها المسلمون، أيها البشر ... أمنا وأختنا وابنتنا في شام الرسول تستغيث .. من يغيثها اليوم؟ لتكن هديتنا لها بعد اليوم يد عون لدحر الطاغية المجرم ... لتكن هديتنا لها بعد اليوم جيوشاً كجيوش المعتصم، إنها لم تعد معركة مسلم أمام كافر طاغية وحسب، بل معركة إنسان يدافع عن حياته وكرامته أمام وحش كاسر... انتصروا للإنسان .. انتصروا لأمكم في سورية ... فلننتصر للياسمين الشامي، فما كان الياسمين يوماً إلا إكليل نصر وعز وكرامة.... ولكِ يا أمنا أنشد ...
إذا ما أعدم النجد ستبقى أمهم تلد
رجال أمهم شام وفي ساح الوغى ولدوا
لك النصر ولثوارك ... "ويقولون متى هو قل عسى ان يكون قريباً"، إنه قريب يا أمنا ...يا ياسمين الشام.





تعليقات القراء

m.mahasneh
الاسى واللوعة .
مهازل ومعارك بني العرب تتكرر , لتكتب بحروف الدم .مشاعر السى واللوعة هذه اجتاحت عقلي ونفسي يوم انفجار بركان الدم والبارود والذبح
في العراق, اليوم تتكر المأساة بابشع صورها ولكن بدم اهل الشام , فحمص تبكي حديثه وبعقوبه وبغداد تندب دمشق , وفضائع هولاكو وبوش تتم بايدي شاميه وفي ظل العلم العربي.ياسمين الشام بلون الم ورائحة البارود , وعصابات القتل تجول وتصول ويزيد الثاني يتحدى عباءة امراء النفط بمزيد من جماجم واعراض الشام , دك الاموي كما دكت الكعبه قادم. هذي الامة عاجزة عن قرأة تاريخ ومصدر تعاستها
23-03-2012 02:32 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات