الوظيفة والمسئولية في هذه الأيام !


الوظيفة : هي أمانة ومسئولية ( وتبدأ من المراسل والعامل حتى رئيس الحكومة مرورا بالنواب والأعيان ومدراء الأجهزة الأمنية وكل قائد وفرد مسئول حتى الرجل الاول في القيادة ) ، هي أمانة في رقبة الموظف ألذي عهد إليه القيام بها ،يُسأل عنها في الدنيا وفي الآخرة أيضا ، ويختلف ثقلها والشعور بها من موظف إلى آخر تبعا لتأهيله وضميره ووطنيته وتقواه ، وشعوره وإدراكه لهذا الواجب الوظيفي الوطني ، وضرورة أداء هذه الأمانة 00
وهي مسئولية أيضا ، إن أحسن يكافأ على حسن أدائها ، وان أساء وقصر يعاقب على سوء أفعاله وقصوره 00
وهي ليست تسلطا على الناس ، ولا تحكما في رقابهم أو ظلما لهم، أو ابتزازهم وسرقة أموالهم ، وإنما خدمة لهم وتيسيرا لشؤونهم ، وفي قوله تعالى : (إن خير من استأجرت القوي الأمين ) خلاصة مواصفات الموظف الناجح الذي نبحث عنه، لنعتمد عليه في تسلم أمانة المسئولية 00

وخلاصة هذه المواصفات في الموظف المسئول بالإضافة إلى انه أجير لدى الشعب هي: القوة والأمانة) : القوة في كل شيء ، في جسده وفي علمه وفكره وإرادته ، في أخلاقه وتصرفاته ، وإخلاصه في العمل وأدائه للواجب وتفانيه فيه ، وشعوره بالمسؤولية والعبء الذي الُقي عليه 00
والأمانة مطلوبة في كل عمل ، وهي ثقيلة لدرجة أنها عرضت على السماوات والأرض فرفضنها لما بها من التزام وعواقب وتبعات ومسئولية : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها 00 وحملها الإنسان00 انه كان ظلوما جهولا !00)،السماء والأرض والجبال أبين أن يحملنها ، وحملها الإنسان لطمعه وجهله وغروره، ضنا منه انه قادر على القيام بها والوفاء بالتزاماتها ، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان !00
وفي تحذير الرسول (ص) لكل مسئول وعلى رأسهم الحاكم ورأس الدولة وكل موظف ، وتذكيرهم بالمصير السيئ الذي ينتظرهم إذا قصروا أو انحرفوا في أداء واجبهم، أو غشوا رعيتهم ومواطنيهم عندما قال (ص) ما معناه :( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته 000) وقال (ص) : (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة ) !!00

تلك هي مواصفات الموظف والمسئول الناجح في الدولة ، و الذي يؤتمن على مصالح الناس وقضاياهم ، فإذا توفرت فيه هذه الشروط والمواصفات ، وقام بما عهد به إليه من واجبات ، أدى الأمانة وخدم الأمة ونال الثناء في الدنيا والأجر والثواب في الآخرة 00

ولكن عندما يتقلد غير المؤهلين وغير الأكفاء مواقع المسئولية التي لا يفهمون بها ، وليسوا أهلا لها ، بناء على الوساطة والمحسوبية ، وعلاقات اجتماعية مشبوهة أو مصالح مادية ، أو تعصبا إقليميا أو عشائريا ، أو نتيجة انتظام في حزب سياسي معين !00 ويعتدون على حقوق الآخرين المؤهلين00 فماذا تكون النتيجة ؟!00

أولا : المسئول الكبير إما أن يكون مطلعا على الحقيقة ومع ذلك انحرف، أو لا يعلم بأنه ضحية غرر به !00 وهنا ينطبق عليه بيت الشعر الذي يقول : (إن كنت لا تدري فتلك مصيبة00وان كنت تدري فالمصيبة أعظم )0وهذا النوع لا يصلح لتحمل المسئولية 0
هو غاش للشعب وخائن للأمانة ما دام لا يحرص على تبني من هو الأكفأ والأقدر على هذا العمل ، ومن جهة أخرى فان في تعيين غير الكفء ظلم لأصحاب الحقوق واغتصاب لحقهم المشروع ، يورث الغضب والحقد والغليان الذي يؤدي إلى الانفجار!00

ثانيا : هذا المسئول غير المؤهل وبدون خبرة لن يتقن عمله ، ولن يكون مبدعا ولن يطور أو يجدد ،وسيكون أداؤه روتينيا ضعيفا ،وسيبقى ينتظر التلقين والتعليمات ممن زرعوه ،وقد يكون هؤلاء اقل منه علما وخبرة وتأهيلا!00ويزيد الأمر سوءا إذا كان المسئول نزقا منحرفا مدعيا لا يقبل نصحا ولا إرشاد !00 وينعكس ذلك على مصلحة الموطنين وخدمتهم أولا، وضعفا على المركز الوظيفي الذي يشغله ثانيا !00

ثالثا : يذكر الجميع قصة رئيس احدي دول أوروبا الشرقية الشيوعية عندما جُند لحساب المخابرات الغربية ، وعندما حوصر بالمعلومات اعترف بان مهمته كجاسوس لحساب الغرب أن يضع الرجل غير المناسب في مكان لا يصلح له !00مما كانت نتيجته ضعف الدولة واضمحلالها وانهيارها !00
فهل المخطط الخارجي المرسوم لهذا البلد أن نصل إلى هذه النتيجة : انهيار الدولة ؟!!00
وهل ما نشهده في هذه الأيام من انتشار الفساد ومجاملته والتغطية عليه بداية النهاية ؟!!00

رابعا : نتج عن ضعف الأداء وقلة التأهيل وانعدام الكفاءة ووضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب : تغير نظرة الناس للدولة وجرأتهم عليها ، و ضعف هيبة الدولة وتطامنها وخروج الناس على النظام طلبا للعدالة والإنصاف!00حتى فقدت الوظيفة قيمتها وأصبح الموظف أو المسئول لا يستطيع أن يحمي نفسه فضلا عن أن يطبق القانون المكلف بتنفيذه !! 00
خامسا : وقد نتج عن انتشار هذه الظواهر (الفساد والمحسوبية وانعدام تكافؤ الفرص ) تذمر المواطنين وشكواهم وحقدهم، وشعورهم بالظلم وفقد العدالة ، ويأسهم من الإصلاح، فاندفعوا مطالبين بالتغيير ومنادين بالصلاح ، وتجاوزت هتافاتهم في بعض الأحيان كل الخطوط الحمراء !!00 وأصبحوا يتبارون في ابتداع الشعارات والهتافات التي تنادي بإسقاط كل شيء!00
فهل هذه هي النتيجة المطلوبة ؟!00وهل تسير المؤامرة على كيان الأردن كما خطط لها ؟!!00

سادسا : إذا أردنا أن تستمر الدولة ويهنأ النظام، ويستقر الشعب ويُقضى على الفساد ، فأنني اذكّر بالعلاج الشافي بحديث الرسول (ص) والذي ما معناه :
( إنما هلك من كان قبلكم بأنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الفقير أقاموا عليه الحد ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت ، لقطعت يدها ) 0
تلك هي بداية الإصلاح وحماية الدولة والوطن والشعب والنظام : إذا طُبق القانون على الجميع بعدالة دون محاباة أو محسوبية ومجاملة ،وان يُسال ويحاكم ويحول السارق الكبير(قبل الصغير) والمرتشي ومن يسيء استعمال سلطته ويستثمر وظيفته ، وان لا يُحمى الفاسدون الكبار الذين نهبوا أموال الشعب وان لا يمنحوا الحصانة من المحاكمة ، وان نحاسب الجميع : الفاسدين الصغار بعد محاكمة الفاسدين الكبار ، تلك هي بداية الطريق والعودة إلى الأجواء النظيفة وعودة العدالة المفقودة !00وعودة الاستقرار إلى نفوس المواطنين 00
وللأسف فان ما يجري يسير بالاتجاه المعاكس لهذه الأفكار !!00ولا حول ولا قوة إلا بالله



تعليقات القراء

صاحي يا مناحي
أخي العزيز أبا أيمن بوركت على ما كتبت فهذا الكلام لا يخرج إلا عن عالم مثقف يكتب ما يجول في صدره بقلم من ذهب دمت ذخراً للوطن في ظل صاحب الجلالة الملك المفدى عبدالله الثاني بن الحسين أدام الله في عمره
19-03-2012 10:03 PM
صاحي يا مناحي
لن أنسى أن أبتهل لله عز وجل أن يقدرنا على إداء الأمانة وأن لا نكون من حامليها فنصبح من الظالمين الجاهلين اللهم أرحمنا برحمتك واحمى الأردن أرضا وشعبا وملكا اللهم آمين
19-03-2012 10:09 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات