سقوط النخب


ثلاث حكومات خلال عام واحد تعبر عن أزمة المرحلة الانتقالية التي لن تكون سهلة على الإطلاق مع سقوط النخب التقليدية في عين الشارع .

أعني بسقوط النخب فقدان ثقة المواطن بقدرتها الإدارية والاستشارية لعقل الدولة خلال الفترة السابقة وهو حصل بالتلازم مع غليان الطبقة الوسطى تحت نار الضرورات الحياتيّة الأمر الذي أدى إلى انكشاف هذه النخب أمام الطبقة التي اعتبرها وزير الإعلام الحالي عنوان الاستقرار في البلد .

من الملاحظ أن علاقة النخب الأردنية المتجولة عبر الحكومات والمناصب من شيوخ عشائر وتكنوقراط ورجال أعمال وحتى النواب مع النظام السياسي هي علاقة تفسرها مفاهيم "السهم والغنيمة والامتياز" وكلها مفاهيم تدور في فلك براغماتي الأمر الذي حدد الدور الاستشاري والإداري (والتشريعي في حالة النواب والأعيان ) لهذه النخب ضمن إطار نفعي مع الدولة ليصبح دورها تبريرياً لا استشارياً.
ولك أن ترى مركب النقص الناتج عن تلك العلاقة البراغماتية في مثال تمرير مشروع كبير كالتحول الاقتصادي الاجتماعي حيث كان مؤملاً من هذه النخب واغلبها خريجو جامعات غربية أن تقدم ضغطاً استشارياً على عقل الدولة في حيثيات المشروع قبل تطبيقه الذي يشبه عملية قيصرية فاشلة في بلد يتوجب أن يبحث عن أمنه الغذائي أولا. حينها تخاذلت النخب تحت وطأة المصلحة لتلعب دورا تبريرياً بل وذهب بعضها خاصة طبقة رجال الإعمال إلى الترويج الساذج أن هذا التحول سوف ينقل الأردن إلى سحر سنغافورة / دبي ويساهم في حل مشكلة البطالة والمديونية . وذات النخب اليوم تجدها تختبئ أو تتلاوم عاجزةً عن تقديم أي مبادرة وطنية ( وهذا ليس تعميماً لوجود شخصيات وطنية كانت صادقة من قبل ومن بعد) .
وفي المرحلة الانتقالية اليوم التي عنوانها الشارع الوطني المتحرك والصامت ومع تواصل التشهير بشبهات وفصول المرحلة السابقة يظن البعض أن هذه محاكمة للدولة ذاتها ليقرر الحل الأمني خياراً منطقياً في حين أنها محاكمة للمعادلة النفعيّة التي جمعت إدارة الدولة بالنخب في المرحلة السابقة وتجاوزت ثابت الوطن .

ومع سقوط النخب تبرز أزمة في قلب أزمة إذ أن الأزمات تفرز نخباً كما يقال ولكنها تبرز نجوماً كذلك وعلى عقل الدولة الحالي التقاط الفرق بين النخب والنجوم بحيث توظف في إدارتها النخب الوطنية الجديدة وما بقي ناصعاً من القديمة لإعادة ثقة الأغلبية الصامتة.
حمى الله الأردن .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات