النيابة العامة ودورها المنقوص في ملاحقة الوزراء


لا تظهر عيوب القوانين إلا عند تطبيقها, سواء من حيث نقصها أو تناقضها مع غيرها من التشريعات وأن الأحداث والمستجدات هي التي تكشف هذه الاختلالات وتكون ناقوساً للمراجعة وإعادة النظر فيها لمعالجتها وتصويبها ومن بين هذه المستجدات تصويت مجلس النواب يوم الثلاثاء الموافق 7/3/2012 على توصيات اللجنة التي شكلها للتحقيق في خصخصة شركة الفوسفات وبعد هذه المقدمة يستوجب الرجوع لاختصاصات النيابة العامة ذات الصلة بموضوعنا أعلاه ومن مراجعة مواد قانون أصول المحاكمات الجزائية, نجد أن المدعي العام المختص مكلف باستقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها سواء علم بها من تلقاء نفسه أو بناءً على أمر وزير العدل أو أحد رؤسائه ومتى قدمت الشكوى إليه أصبح مختصاً بالتحقيق فيها وأن له في سبيل ذلك دعوة أي شخص له علاقة بالشكوى للاستماع لأقواله سواءً أكان شاهداً أم متهماً, ويتبين من ذلك أن صلاحيات المدعى العام جاءت بصيغة العموم والإطلاق, إلا أن بعض القوانين قد أوردت قيداً عليها ومن بينها قانون استقلال القضاء وقانون هيئة مكافحة الفساد, كما أن المادة (56) من الدستور قيدت صلاحيات المدعي العام بخصوص محاكمة الوزراء والتي تنص على أن لمجلس النواب إحالة الوزراء للنيابة العامة مع إبداء الاسباب المبررة لذلك, أي ان سلطة المجلس بالإحالة للنيابة العامة هي جوازية وليست وجوبية وقرار المجلس الذي يصدره في هذا الخصوص يعتبر قطعياً, والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة ما هي قيمة التحقيقات التي يقوم بها المدعي العام ويكون من مخرجاتها الطلب من مجلس النواب ممارسة صلاحياته الواردة بالمادة (56) أعلاه بإحالة أي من الوزراء إليه للتحقيق معه في شكوى منظورة أمامه ويقرر المجلس بمقتضى صلاحياته عدم الموافقة على تحويل الوزير للمدعي العام للتحقيق معه بصفته متهماً؟.
والإجابة على ذلك هي وجوب احترام قرار النيابة العامة والتي هي ممثلة المجتمع وتقف على مسافة واحدة من الجميع ومن خلال تحقيقاتها قد تتهم شخص معين أو تقرر عكس ذلك وتصدر قراراتها بكفاءة وحيادية مستندة بذلك إلى عيون الأوراق والتحقيقات والتي تبرر ذلك, حيث أن المحكمة في حال الاتهام هي التي تقرر الإدانة أو البراءة وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أنه يتوجب عند تطبيق أي نص دستوري أو قانوني التعامل مع روح النص وليس مع ظاهرة وذلك تطبيقاً واحتراماً للقانون بما في ذلك أصول المحاكمات الجزائية الذي يطبق على الجميع دون استثناء لاسيما أن القضاء أصبح هو المختص بمحاكمة الوزراء بعد موافقة مجلس النواب على إحالتهم للنيابة العامة, وأن الجهد الذي يبذله الادعاء العام يجب على مجلس النواب وغيره تقديره واحترامه والأخذ به والذي غايته كشف الحقيقة وحماية المجتمع وسيادة القانون وتطبيقه على الجميع حكاماً ومحكومين, حيث أن عدم أجابة طلب المدعي العام سيترتب عليه تداعيات مختلفة قد لا تحمد عقباها وسيتأثر جميع ابناء الوطن المخلصين منها, وهذا يقودنا إلى المناداة بمراجعة نصوص الدستور وتعديل مواده والتي من بينها المادة (56) أعلاه بحيث تلزم مجلس النواب بإحالة الوزير للتحقيق إذا طلب المدعي العام منه ذلك خلال مدة محددة وأن لا يبقى الأمر كما هو عليه الآن بخصوص مناقشة مجلس الأعيان لأي قانون يحال إليه من مجلس النواب وذلك لعدم وجود نص يلزمه بالبت فيه خلال مدة محددة, علماً أنه يوجد لديه العديد من مشاريع القوانين المهمة حولت إليه منذ سنوات ووضعها في أدراجه ولم يبت فيها حتى تاريخه وذلك لأسباب عديدة لا داعي لذكرها.
وعليه, فإنني ارتأيت ومن قبيل الفائدة والواجب المهني أن أتناول هذا الموضوع بمهنية وبعيداً عن الشخصنة لإيصال رسالة واضحة للمعنيين لمعالجة هذه الاختلالات التشريعية وتصويبها بما يصب في خدمة الوطن وذلك تفعيلاً وتطبيقاً لسيادة القانون واحتراماً للقضاء الذي هو الملاذ والمرجع الأخير للجميع حكاماً ومحكومين.
جودت مساعدة
رئيس لجنة التشريعات وحقوق الإنسان
حزب الجبهة الأردنية الموحدة



تعليقات القراء

المحامي امجد الحياري
نسيت زميلنا العزيز ان تذكر ان من حق المدعي العام التحقيق في الجرائم التي ارتكبها باقي الاسماء من غير الوزراء التي وردت في توصيات اللجنة المكلفة بالتحقيق بالفساد او اي اشخاص اخرين يظهر له تورطهم بالفساد في صفقة بيع اسهم للحكومة في شركة الفوسفات
09-03-2012 02:51 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات