شام الحرية وسوريا الأبية


أجل .. يا من يتعامى عن الحقيقة ، لقد ذهب الجزار الأول ، وأرواح الأبرياء من أبناء حماة وشعب سوريا تقاضيه أمام الله ، وجاء من بعده ابنه ، الذي يسير سيرا حثيثا ، على ملة أبيه ، لا يحيد عن ظلم أبيه قيد أنملة ، ملة تلعن بعضها بعضا ،فضلا عن لعن المؤمنين لهم ولمن سار على نهجهم ، وخطا خطاهم ، فلقد قيل : ملة الكفر واحدة ، والشياطين من مدرسة واحدة ، لقد طغى دكتاتور سوريا ، وبلغ من الطغيان والظلم الحد ، وبلغت خطاياه من أن تحصى وتعد ، بل كاثرت الحصى عند جمرة العقبة ، وهي تلقى على الشيطان الرجيم ، هو جزار سوريا يتفنن بقتل الأبرياء والعزّل ، والأطفال والشيوخ والنساء ،ويهدم البيوت والمنازل على أهلها ، ويمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ، ويجوع شعبا لا يملك إلا الدعاء ولا يقول إلا حسبي الله .
نعم .. هذه هي الحقيقة التي لا مراء فيها ، لقد اتبعت في عهده وعهد أبيه ، الرذيلة اتباعا ،وذهبت الفضائل ضياعا ، واندرست الأقدار والقيم ، وسلبت الأخطار والهمم ، واستولى الباطل على الحق .
ولكن هيهات هيهات .... وفي عمر حرّ سوري أبيّ عربي بقية ، ولو طال الزمن ، إنما هي جولة باطل ، فلقد جاء أمر الله فلا تستعجلوه ، فكل الدلائل والشواهد ماثلة للعيان ، تغنيك عن البيان والبرهان ، وهل يحتاج الصبح الى دليل ؟ وهل تغطى الشمس بالغرابيل ؟ وهل بركان غضب الشرفاء تمنعه الأكف ، لا وألف لا .... لقد شمّر أبناء سوريا الأحرار عن سواعدهم ، ووقفوا على أمشاط أرجلهم ، يتصدون لكل أفاك أثيم ، لا يخافون في الله لومة لائم ، ولو سالت على أسلات الرماح دماؤهم ، ولو طارت على أفواه المدافع أجسادهم ، لا يصدهم عن بغية الحق مَن ضلّ ، ولا يمنعهم عن بقر خاصرة الباطل مَن زَل ، وإنّ غدا لناظره لقريب ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ، والعاقبة للمتقين .
يا شرفاء سوريا : إنّ الحقوق لا توهب ، وإنّ الحرية لا تُهدى ولا تطلب ،وإناّ النضال وحده هو طريق الحرية ، وإنّ الانتفاضة هي وحدها السبيل لاستئصال شأفة هذه الجرثومة النتنة ، التي طالما جثمت على صدر سوريا الأبية ، فما أعظم ما عقدتم العزم عليه ! وما أعظم ما اجتمعتم عليه ! فلقد والله إن ملائكة السماء تباهي بطلاب الحرية والكرامة ، وإنّ الجنة لتفتح أبوابها وتتزين لشهداء الحرية والكرامة ،وإنّ جهنم لتلهب اضطراما لكل أفاك معتد أثيم ،ولكل فرعون زنيم ، فشدّوا حيازيمكم واعقدوا البيعة وأبرموا الميثاق ، واستلوا الحق الذي استلب ، يا أهل شامنا والعرب ، إنّ شامنا أرض المحبة والوفاء وأرض الرباط والجهاد ، أرض البركة ودعوة خير الأنام ومصباح الظلام ، وهي هوية العرب والإسلام ، يقف الأحرار في حضرتها بكل إجلال واحترام ، وبكل فخار واعتزاز وكبرياء وإباء .
يا أحرار شامنا : إنّ جولة الباطل لن تدوم ، ولن تطول وهي آيلة إلى زوال وأفول ، لتطلع شمس الحرية على أرض الشام البتول ، وتفرح السنابل واشجار الزيتون ، وتضحك العيون ، وترجع العصافير المهاجرة ، ويرجع الأطفال يضحكون ويمرحون ، ويلتقي الآباء والأبناء على جبل الشموخ قاصيون ،
لقد كبُر مقتا عند الله ما يأيفك الأفاكون ، ويمكر الذين في قلوبهم مرض ، أجل ، لقد نغلت قلوبهم بالعداوة ، ووسعتهم مخازيهم بالجبن والعار والهوان والخسران ، وستأتي الساعة التي يعضون لها بالنواجذ على الانامل ، وأنّى ينفلتون من عقابي الدنيا والآخرة ، فليموتوا بغيهم وحقدهم وحسدهم ، وليعفروا وجوههم في مزابل التاريخ ، شاهت وجوههم ، شاهت وجوههم ، وتمرغت أوصالهم في مستنقعات الوحل والتراب ، وألبسهم جبار السماوات ثيلب الذل والعار.
أمّا أنتم ففي سفر المجد والسؤدد ، وستتلوا ذكركم سكان الأرض والسماء ، وستسطر فعالكم في سفر المجد والخلود ، كيف لا ! وها أنتم أولاء تثبتون للعالم كل يوم أنكم ثابتون ، على الحق ثابتون ، فهبوا يا بني أمي هبّة مضريّة تسر الصديق وتغيض العدا ، هبّوا على كل أفاك أثيم ، ثوروا بوجه هذا الظالم المستبد الذي سلب منكم كرامتكم وحريتكم وأكل حقوقكم ، وشرب دماء أطفالكم ، هبّوا شعثا غبرا ، لا تخشون الهجير ولا المهرير ، فنفوسكم مفعمة بالإيمان مطمئنة لنصر الرحمن ، وصدوركم طافحة باليقين .
وأيم الله ، إن إرادة الأمة ، مهما طال غيهبها ، ومهما اسودّ ليلها ، ومهما قسا قيدها ، لا بدّ لليل أن ينجلي ، ولا بدّ للصبح أن يطلع ، ولا بدّ للقيد أن ينكسر، وها هي ثورتكم المجيدة ، تسجل مجد الأمة بأحرف من دماء الشهداء وتعانق السماء .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات