" الشبة "


كانت العادة زمان ، وفيما لو أصاب أحد الأولاد مكروه ، أو اختلف لونه وحاله ، وقلت حركته ، وضعفت قوته ، وهزلت مروته ، وصار أكله " مش هالقد " وصار وضعه مش عاجب الست الوالده . أن تقوم الأم باصطحاب أبنها - وأحيانا جره جر – الى احدى الختياريات المعروفات والمشهورات بقدرتهن على العلاج والتداوي في القرية أو الحي .

بالنسبة الي ، وعلى الرغم من أني كنت أكره الذهاب الى تلك العجائز ، نظرا الى خوفي منهن ، وطريقة تفحصهن لي وشد أذاني ورؤوس خدودي ، الا اني كنت أمضي على مضض حال التلويح لي من بعيد بمنظر " الشلن " .

كانت الطقوس تبدأ بأن يتمدد الطفل على "الفرشة" ، وتبدأ العجوز في تفحصه وتقليبه ذات اليمين وذات الشمال ، ثم تسأل والدته " فعلا العيل مو عاجبني قديه صارله "
ترد الأم المسكينة : صارله يومين على حطة ايدك .

هنا تنظر العجوز الى الأم نظرة ثاقبة وتسألها بطريقة تدل على العلم والخبرة : "بقح" ؟ .
ترد الأم الحزينة : لأ نهائي .
العجوز : ولا قحة خفيفة ؟؟

وقبل أن تجيب الأم على سؤال الدكتورة العجوز ، تقول لها العجوز : " ما عليكي هسع بديرلك عليه شبة " .

تدنو العجوز من وهد الفراش ، وتدخل يدها بين الفرشات وتخرج منها صرة ، تفتحها وتتناول منها بعض قطع "الشبة" ، وتبدأ بوضعها على النار وهي تتمتم بعبارات تكاد هي أيضا لا تفهمها ، ثم تقوم بتبخير العيل المسكين الذي همه الوحيد هو الحصول على الشلن لا أكثر .

ما أن تنتهي العجوز ، تغادر الأم وطفلها و ما أن تصل الى الباب ، حتى تستوقفها العجوز منبهة اياها بعبارة مهمة " دفي العيل " .

يومين ثلاثة وبارادة الله وحده ، يعود الطفل الى سابق عهده ويتشافى ، فيما ينسب الفضل الى تلك العجوز وتزداد شهرتها في الحي أكثر .

سألني أحد الأصدقاء عن علاج وضعنا والحل لمشاكلنا وقضايانا ، ضحكت وقلت له " الحل ندير عليها شبة " .

فمنذ زمن طويل نتعامل معها على أسلوب الصبر والتدفاية ، لماذا لا نجرب أذن "الشبة "، فعلها تنفع .


المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات