يحيا الفساد ويسقط الكساد


قبل ان تستعر المناوشات الكلاميّة بين العشاير والحمايل وكل جماعة تقف خلف ابنها البار لتكن نصرة له ضدّ اعدائه في الحكومة والعشائر الاخرى خاصّة ان المعنيين كانوا من عليّة القوم وحيث انّ الطرفين يتّهمان الفاسدين وراء التشهير بزلمتهم بل وبوطنيّته ومواقفه فهذا يُثبت انّ الفاسدين هم اقوى قوّة في مجتمعنا فتعالو نُزجّي لهم التحيّة وندعو لهم بحياة مديدة علّهم يحملون همّنا ويُزيلوا شبح الفقر والغلاء وهم الاقدر على إرجاع تعرفة الكهرباء كما كانت أو يُقنعوا الحكومة ان فرض زيادة معقولة على المشتركين من السكان افضل لهم من تطبيق الزيادة على المصانع والمخابز ووسائل النقل لأن ذلك يرفع جميع الاسعار وبالتالي يرفع تكاليف المعيشة بشكل لا يُطاق بينما اذا طُبقت زيادة طفيفة على المواطنين الغلابى ممن يقلّ استهلاكه عن ستمائة كيلوواط سوف يتحمّل هذه الزيادة الطفيفة على مضض ويتّقي شر ارتفاع جميع المواد .
نحن نعيش أصعب أوقاتنا ليس لأننا نواجه تحدّيات محليّة وإقليميّة ودوليّة صعبة ومعقّدة وإنّما لأننا لا نجد الوقت الكافي لكي نتصالح مع انفسنا فتجدنا وكأنما لدينا إنفصام شخصيّة او ما يُسمّى شيزوفرينيا ففي داخلنا شخصيّة تكره الفساد وتتمنّى ان تكون في مركز المسؤوليّة لتفعل شيئا في سبيل ذلك وفي داخلنا كذلك شخصيّة مخفيّة تحب الفاسدين وتحسدهم بل وتتمنّى لو انها مثلهم خطّ طريق المخابرات ليكتسب مركز قوّة ولو انه شارك احد الفاسدين لنال مركزا مرموقا وحصد ثروة كبرى فلذلك عندما يُشتبه باحد اقاربه المسؤولين سابقا او حاليّا يتحرّك من خلال شخصيّته الثانية بكل حماس .
وحيث ان الفساد والفاسدين هم حديث الناس حيث اتّخذ شكل التحزّب للمشتبه بهم فهذا خفّف الحمل عن الحكومة وهيئة مكافحة الفساد والحديث عن المطالب الإصلاحيّة كما انه سيبعد الناس عن الإهتمام بالقضايا المصيريّة والتحدّيات التي تُحاك للاردن للنيل من سيادته والعياذ بالله كالحديث عن الوطن البديل والتوطين والمناطق الحدوديّة في الاغوار. وحيث اننا استطعنا التعايش غير الكريم ولسنوات طويلة مع الفساد والفاسدين واننا شاهدنا مُنحناهم في الصعود دوما ومُنحنانا في الهبوط حيث اصبحنا نتمنّى ان نصل القاع ليكتب الله لنا بداية صعود من الوحل الذي نحن فيه وحتّى نصل ذاك القاع يجب ان نهتف لتلك الطبقة المنزّهة عن الشرف والصدق والإنتماء والمنغمسة في الحرام وريش النعام .
ولنبقى شعبا واحدا موحدّا تعالوا لنشارك في الاعراس والصيف على الابواب ونشارك في اتراحنا ولنلتهي في تبديل سياراتنا وتعمير حفلاتنا في المقاهي والمطاعم ونزيد من جولاتنا على المولات وندعوا للبنوك ان تهبنا الفلوس لنتمكن من المصروف والفشخرة وندعوا الدولة لزيادة رواتب العاملين والمتقاعدون لتكفي نفقاتنا الباهظة او ليس ذلك من صفات الدولة المترهلة التي تتحكّم في امورها حفنة من المتسلّطين الفاسدين وتنفق معظم امكاناتها على الرواتب التي تصبح غير كافية لحياة المواطن اوليس ذلك نتيجة القضاء على الطبقة الوسطى في المجتمع وتحويل الغالبية الى الطبقة الفقيرة ونشوء شريحتين أخريين هما الطبقة المسحوقة والطبقة الغنيّة .
ليس الحقد دافعنا ولا الحسد هاجسنا ولا الطمع سبيلنا ولكنّه العدل غايتنا والعيش الكريم هدفنا وإذا كان الفساد يوصلنا لغايتنا ويُحقّق هدفنا فلنهتف معا يحيا الفساد ويسقط الكساد ولكن التجارب التي مرّت على الشعوب والامم بيّنت ان الفساد يُسقط الامم بل يُنهي حضارات عاشت سنين طويلة ولعن التاريخ قادتها الفاسدين وما زال . لكن إذا ساد الفساد وعمّ الكساد اصبحنا بين فكّي الفقر والبطالة لتفتك بنا وحينها لا يتبقّى لنا إلاّ رحمة الله الواسعة لنتوب اليه ونرجوه ان يرحمنا برحمته الواسعة لنبدأ من الصفر على طريق صحيح .
إنّ زيارة الملك لأسواق السلام الإستهلاكيّة ما هي إلاّ شعور من جلالته بأحوال الناس المعاشيّة واهميّة توفير مستلزمات المعيشة لهم عكس ما تفعل الحكومة من رفع اسعار الكهرباء في ظل البرد الشديد وغلاء انواع الوقود الاخرى وكذلك رفع اجور النقل على مستخدمي وسائط النقل المختلفة فهل يا ترى بقي للحكومة اصدقاء من عامّة الشعب أم هل بقي لدى الناس ثقة في الحكومة خاصّة بعد نيّة القطاع الخاص رفع اسعار العديد من السلع الضرورية لإستمرار حياة الناس. سُئل علي أبن أبي طالب رضي الله عنه: كم صديق لك ..؟ قال لا أدري الآن ! لأن الدنيا مُقبلة عليّ ..والناس كلهم أصدقائي .. وإنما أعرف ذلك إذا أدبرت عنيّ ..فخير الأصدقاء من أقبل إذا أدبر الزمان عنك !!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات