التنمية بين الإسلاميين والكمبرادور


ننظر في الواقع الأردني , الذي لا يختلف عن غيره من الشعوب العربية والتي عصف بها الربيع العربي من توفر مسببات حقيقة تقود إلى التغيير , فالاحتجاج الذي انطلق من المناطق الأكثر فقراً وتهميشاً قد تحول فيما بعد إلى حراك واسع , نتج عن سياسات الانفتاح الاقتصادي أو تحرير السوق , والذي زاد الفقير جوعاً وفقراً والمفسدين ثراءً , مترافقاً مع استهتار مبرمج لكرامة المواطن وتزوير لإرادته وتقييد لحريته , بقيادة طوق كمبرادوري عفن وبنهج ليبرالي , مقصياً سياسات رعاية الدولة ودورها الاجتماعي تجاه المواطن , فزاد الاحتقان والتوتر الشعبي الذي قد يؤدي إلى انفجار واسع كما حدث في بعض الدول العربية.

لقد مرّ الأردن بتجربتين اثنتين , لا زالتا حاضرتين في ذاكرة المواطن الأردني , هبة نيسان 89 وهبة الخبز 96, التي غفلت الدولة الأردنية عن مسبباتهما بالتحايل عليهما بالاستيعاب , فزادت من السيطرة والاستبداد بتزوير إرادة الشعب , وتغفل الآن , من أن المسببات أكثر اتساعاً مترافقة مع زيادة الوعي المجتمعي بحقوقه , وبالتالي فإن تجاوز العدالة الاجتماعية والتنمية الحقيقية للأطراف باتجاه الانتخابات , وإن كانت نزيهة , هو دخول في مغامرة جديدة قد تقود إلى أنفاق مظلمة لا يمكن العودة منها.

عند النظر في كم الأحزاب الأردنية , وفي مقدمتها جبهة العمل الإسلامي الأكثر حضوراً , لا تمتلك برامج واضحة قابلة للتنفيذ , تعمل على تنمية حقيقية بتوفير فرص العمل ومحاربة الفقر والبطالة من خلال مشاريع تنموية صغيرة ومتوسطة , ومن المشاهدة فإن بعض الأحزاب وما تقوم به من تشكيل لجان وجمعيات تحت الصفة الخيرية , وتقديمها للمساعدة العينية والنقدية لبعض العائلات وفي مناطق محددة وإن كانت تتسم بالفقر ضمن مناطق تأثيرها , لا تختلف من حيث المضمون عن استخدام المال السياسي في عملية الانتخابات لضمان أصوات المتلقين لهذه المساعدات , ونستدل على هذه الرؤية هو عدم تقدمهم بهذا العمل الخيري كما يقولون , إلى مناطق أخرى أيضاً شديدة الفقر والبطالة , وتجاوزهم عن فكرة التنمية الحقيقية من خلال المشاريع الرأسمالية التي تعطي هذه المناطق القدرة على الإنتاج وبالتالي تحسين مستوى معيشتهم وتوفير فرص العمل لأبنائهم.

المواطن الأردني عندما خرج إلى الشارع كان من أجل التنمية الحقيقية ومحاربة الفساد الذي أدى إلى تهميش الأطراف من كل الخطط الخمسية والعشرية , أو المشاركة في صنع القرارات السياسية والاقتصادية , وللأسف , وبالرغم من دخول الأحزاب التقليدية على الحراك فيما بعد , لم تستطع أن تضع يدها على ألم الفقر , أو تقديم الوصفة المناسبة للتهميش الشعبي أو مطالبة الدولة بأن تقوم بدورها الاجتماعي تجاه المواطن , بتوفير أساسيات الحياة المعيشية ليكون قادراً على المشاركة في صنع القرار , بل نجدهم يقفزون عن السبب للمشكلة , ويعجزون عن تقديم العلاج للتطاول من فوق الحراك لنيل مكاسبهم بالانتخاب.

الديمقراطية الحقيقية نحتاجها جميعاً , وهي التي تساعد على فرض الأمر الواقع , بأن المناطق المهمشة ستصبح شريك في التغيير , ولكن , ليس أن نبحث عن ديمقراطية العدد كما حدث بعد هبة نيسان , والقفز على الحدث لتحقيق مكاسب خاصة لبعض التيارات السياسية دون وجود برامج واضحة بديلة للنهج الحالي ألليبرالي , لذا فإن أي ديمقراطية لا تؤدي إلى تنمية حقيقية هي ديمقراطية زائفة لا تخـلُ من لغة الصفقات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات