الإصلاح الضريبي وعجز الموازنة


لقد كان موضوع الإصلاح الضريبي ولا يزال مطلباً حيوياً لأي حكومة من الحكومات، في مقابل ذلك كان التحدي الأكبر للحكومة يكمن في تخفيض عجز الموازنة فتزايد المديونية لمستويات قياسية أصبح من الأمور التي تستوجب حلولاً جذرية، من هنا أصبحت الحكومات المتعاقبة تبحث في كافة الوسائل التي تكفل زيادة الايرادات العامة وتخيفض العجز حتى يتسنى العمل على العديد من الخطط الرامية للإرتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن من خلال القدرة على زيادة الرواتب وتحسين مستوى المعيشىة وسداد الإلتزامات الحكومية المتناثره للعديد من الجهات والمؤسسات !!
إن إعادة هيكلة دائرة ضريبة الدخل والمبيعات ودائرة الموازنة العامة وغيرها من الدوائر الحكومية التابعة لوزارة المالية يعتبر من الأهمية وتحديداً في هذا الوقت من العام على أن تبنى إعادة الهيكلة بشكل منهجي علمي مدروس يكفل تحسين الإدارة الضريبية وتوسيع قاعدة المكلفين وتحسين كفاءة التحصيل الضريبي وإعادة تصنيف بيانات الموازنة العامة وبما يؤدي إلى تحقيق حزمة من الأهداف الإقتصادية الإجتماعية وفق معادلة محكمة تكفل تخفيض عجز الموازنة من خلال زيادة التحصيلات الضريبية ووقف الهدر المالي أو إعادة توجيه المال العام بالشكل الأمثل.
تعي الحكومة أن عليها العمل على تحديد عجز مالي مستهدف للسنوات القليلة المقبلة وهذا العجز يجب العمل على أن يتناقص بشكل تدريجي للوصول إلى تحقيق "مبدأ الاعتماد على الذات" عبر الاستغلال الأمثل للموارد المالية المحلية المتاحة وفي هذا المضمار تبرز ضرائب الدخل والمبيعات كأحد أهم الموارد المحلية التي يجب العمل على تعزيزها بشكل مدورس وبما لا يزيد من الأعباء على القطاعات الإقتصادية أو ينعكس سلباً على حياة المواطن.
لقد كان هنالك حزمة من الإصلاحات الضريبية الإيجابية في السنوات الأخيرة ، في مقابل ذلك كان هنالك جملة من الملاحظات ذات صلة بقصور ضريبي في حالات أخرى فبعض الإصلاحات الضريبية لم ترتقي إلا مستوى التحدي الإقتصادي الإجتماعي !! وعلى سبيل المثال لا الحصر إزدادت وتنوعت حالات التهرب الضريبي وارتفعت تكلفة التحصيل الضريبي وتباينت حالات الإجتهاد في كثير من قضايا الضرائب وتساقطت العديد من القضايا الضريبية في المحاكم !! قابل ذلك إنخفاض في حجم الإستثمارات وغلاء في المعيشة !!

لقد كان المواطن الأردني ولا يزال احد أهم الأولويات لأي حكومة من الحكومات من هنا فإن تعقد الإجراءات وتعدد المستندات والتواقيع والأختام ومزاجية التعامل وعدم فهم القانون وتعليماته وإجراءاته في حالات أخرى وإستفزاز المواطن في بعض الحالات أصبح من السلوكيات الغير مقبولة والتي لا تتماشى مع أي إصلاح ضريبي منشود كما أن طريقة تعامل التشريعات الضريبية والقائمين عليها مع الإستثمارات المحلية أو الخارجية أصبحت موضوع نقاش على الرغم من انها تشكل لبنة أساسية في بناء الإصلاح الضريبي الهادف إلى تعزيز البيئة الإستثمارية.
إن البحث عن أصل المشكلة وكيفية حلها هو الأصعب من النظر إلى واقع المشكلة فالمشكلة تكمن في إزدياد حجم العجز في الموازنة العامة ومن أهم ما يمكن الإشارة إليه في ما يتعلق بالحل الجذري لهذا العجز يكمن في تحقيق الإصلاح الضريبي الحقيقي الواقعي المستند إلى أرضية صلبة قوامها التخطيط والتوجيه الضريبي الأمثل.
إن إيجاد آلية مبسطة للتعامل مع صغار ومتوسطي مكلفي الضريبة، وتطوير الإدارة الضريبية ، وتحفيز الجهاز القائم على أمور التدقيق الضريبي، وزيادة كفاءة التحصيل الضريبي، والتوسع الأفقي في أعداد المكلفين من أجل زيادة التحصيلات الضريبية، وتبسيط وسائل التحصيل الضريبي وطرق تقديم الإقرارت الضريبية، وتحسين إجراءات تنفيذ القوانين والأنظمة والتعليمات بكافة تفاصيلها، والإستفادة من تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في تقديم الإقرارات الضريبة والدفع الألكتروني والإستفسار والحصول على المعلومات، وربط أنظمة الدوائر المالية الحكومية بشكل علمي منطقي يعتبر من أبجديات الإصلاح الضريبي !!

إن تفعيل آليات مكافحة التهرب الضريبي وتطوير أساليبه، وتحسين إجراءات تنفيذ القوانين الضريبية والجمركية بوضع أدلة توضح وتشرح هذه القوانين وإجراءات المعاملات الضريبية والجمركية وإجراءات التحصيل يعتبر من الأهمية بمكان ، كما أن إنشاء قاعدة بيانات واسعة متكاملة تغطي كافة المعلومات المتعلقة بمكلفي ضريبة الدخل والمبيعات، وإنشاء شبكة ربط بين دائرة الضريبة والمديريات المنبثقة عنها وبين دائرة الجمارك تعبر ضرورة ملحة لتحقيق الإصلاح الضريبي، أما في الجانب التوعوي فإن إعداد برامج توعية ضريبية موجهة ومدروسة يعتبر لبنة في بناء الإصلاح المدروس المستند إلى ركائز حقيقية.

إن الأسباب التي أوهنت مسيرة الإصلاح الضريبي في المملكة تكمن في إفتقارها إلى الرؤية الشمولية المنهجية فزيادة التحصيلات الضريبية دون الأخذ بعين الإعتبار الأبعاد الإقتصادية الإجتماعية أو الأبعاد الإستثمارية يعتبر خطأ فادحاً ، في مقابل ذلك فإن تفويت الفرص لزيادة التحصيلات الضريبية وفق أسس مدروسة يعتبر من الأهمية في الإصلاح الضريبي ، من هنا أستطيع القول بأن المسبب الأساسي لمشاكل الإصلاح الضريبي وعجز الموازنة العامة يكمن في الإفتقار الى التخطيط الأمثل المستند إلى رؤية علمية منهجية شمولية يحكمها العقل والمنطق.
الدكتور عادل محمد القطاونة
مستشار ضريبي ومالي
a.qatawneh@zuj.edu.jo



تعليقات القراء

مدين القرالة
انت مبدع دائما دكتور بالوصف التحليلي للواقع المالي المرير والتي تعيشة الموزانه في طور قطاعاتها المختلفه
03-03-2012 09:06 PM
الدكتور خالد القضاة
الاستاذ الدكتور عادل القطاونة
سلمت يمناك على هذه الكتابة المعبرة والواضحة في الإصلاح الضريبي
ن إيجاد آلية مبسطة للتعامل مع صغار ومتوسطي مكلفي الضريبة، وتطوير الإدارة الضريبية ، وتحفيز الجهاز القائم على أمور التدقيق الضريبي، وزيادة كفاءة التحصيل الضريبي، والتوسع الأفقي في أعداد المكلفين من أجل زيادة التحصيلات الضريبية، وتبسيط وسائل التحصيل الضريبي وطرق تقديم الإقرارت الضريبية، وتحسين إجراءات تنفيذ القوانين والأنظمة والتعليمات بكافة تفاصيلها، والإستفادة من تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في تقديم الإقرارات الضريبة والدفع الألكتروني والإستفسار والحصول على المعلومات، وربط أنظمة الدوائر المالية الحكومية بشكل علمي منطقي يعتبر من أبجديات الإصلاح الضريبي !!
03-03-2012 09:06 PM
مرتضى
الضريبه بالاردن دخل رئيسي زي البترول في السعوديه
03-03-2012 09:06 PM
مستغرب
موازنه بالاردن ضايعه على كثر التهلي بجيب الضيوف
03-03-2012 09:09 PM
فتحي الشومري
رائع جدا جدا
03-03-2012 09:11 PM
مدقق ضريبي
ن تفعيل آليات مكافحة التهرب الضريبي وتطوير أساليبه، وتحسين إجراءات تنفيذ القوانين الضريبية والجمركية بوضع أدلة توضح وتشرح هذه القوانين وإجراءات المعاملات الضريبية والجمركية وإجراءات التحصيل يعتبر من الأهمية بمكان ، كما أن إنشاء قاعدة بيانات واسعة متكاملة تغطي كافة المعلومات المتعلقة بمكلفي ضريبة الدخل والمبيعات، وإنشاء شبكة ربط بين دائرة الضريبة والمديريات المنبثقة عنها وبين دائرة الجمارك تعبر ضرورة ملحة لتحقيق الإصلاح الضريبي، أما في الجانب التوعوي فإن إعداد برامج توعية ضريبية موجهة ومدروسة يعتبر لبنة في بناء الإصلاح المدروس المستند إلى ركائز حقيقية.
مين سمعك ؟؟؟؟ للأسف كل واحد بشتغل على راسه !!! الله بعين دكتور
03-03-2012 09:13 PM
طارق الصرايرة
صح لسانك دكتور القطاونة
شيخ ولد شيخ من يومك
إن إيجاد آلية مبسطة للتعامل مع صغار ومتوسطي مكلفي الضريبة، وتطوير الإدارة الضريبية ، وتحفيز الجهاز القائم على أمور التدقيق الضريبي، وزيادة كفاءة التحصيل الضريبي، والتوسع الأفقي في أعداد المكلفين من أجل زيادة التحصيلات الضريبية، وتبسيط وسائل التحصيل الضريبي وطرق تقديم الإقرارت الضريبية، وتحسين إجراءات تنفيذ القوانين والأنظمة والتعليمات بكافة تفاصيلها، والإستفادة من تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في تقديم الإقرارات الضريبة والدفع الألكتروني والإستفسار والحصول على المعلومات، وربط أنظمة الدوائر المالية الحكومية بشكل علمي منطقي يعتبر من أبجديات الإصلاح الضريبي !!

إن تفعيل آليات مكافحة التهرب الضريبي وتطوير أساليبه، وتحسين إجراءات تنفيذ القوانين الضريبية والجمركية بوضع أدلة توضح وتشرح هذه القوانين وإجراءات المعاملات الضريبية والجمركية وإجراءات التحصيل يعتبر من الأهمية بمكان ، كما أن إنشاء قاعدة بيانات واسعة متكاملة تغطي كافة المعلومات المتعلقة بمكلفي ضريبة الدخل والمبيعات، وإنشاء شبكة ربط بين دائرة الضريبة والمديريات المنبثقة عنها وبين دائرة الجمارك تعبر ضرورة ملحة لتحقيق الإصلاح الضريبي، أما في الجانب التوعوي فإن إعداد برامج توعية ضريبية موجهة ومدروسة يعتبر لبنة في بناء الإصلاح المدروس المستند إلى ركائز حقيقية.

إن الأسباب التي أوهنت مسيرة الإصلاح الضريبي في المملكة تكمن في إفتقارها إلى الرؤية الشمولية المنهجية فزيادة التحصيلات الضريبية دون الأخذ بعين الإعتبار الأبعاد الإقتصادية الإجتماعية أو الأبعاد الإستثمارية يعتبر خطأ فادحاً ، في مقابل ذلك فإن تفويت الفرص لزيادة التحصيلات الضريبية وفق أسس مدروسة يعتبر من الأهمية في الإصلاح الضريبي ، من هنا أستطيع القول بأن المسبب الأساسي لمشاكل الإصلاح الضريبي وعجز الموازنة العامة يكمن في الإفتقار الى التخطيط الأمثل المستند إلى رؤية علمية منهجية شمولية يحكمها العقل والمنطق.
03-03-2012 09:31 PM
محمود المجالي
ابن العم العزيز الدكتور عادل القطاونة
يا إبن الباشا القطاونة
كتبت فأصبت كبد الحقيقة ويا أسفي على واقع ضريبي مرير .
أهنأ الجامعة التي تدرس يها وأحسد طلابك جميعهم على هذا الطرح.
03-03-2012 10:01 PM
م. غالب القيسي
أنا من أكثر المتابعين لمقالاتك وتكاد تكون الوحيد بين كتاب المقالات الذين يتحدثون بإسهاب عن الجانب الاقتصادي المنهك والذي يهتم لأجله المواطن الأردني أكثر من السياسة وهمومها
الاصلاح الضريبي موضوع معقد بحاجة إلى اعادة دراسة
03-03-2012 10:49 PM
طالب جامعي
رائع .
03-03-2012 11:00 PM
منير الاحمد
ابدعت دكتور عادل القطاونة.
03-03-2012 11:14 PM
طالب محاسبة
الإصلاح الضريبي لا بد منه من أجل تحقيق تخفيض لعجز الموازنة والإرتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن.
03-03-2012 11:54 PM
خليل الور
تحية للاقتصادي المحنك الدكتور عادل القطاونة
أستاذ المحاسبة الضريبية في الجامعة
أنا أفخر باني كنت أحد طلابك في مادة المحاسبة الضريبية ولم أعرف أحدا متخصص في الضريبة مثلك
تعلمنا منك الكثير يا دكتورنا الأكثر من رائع
04-03-2012 12:31 AM
غريب الديار
لقد كان المواطن الأردني ولا يزال احد أهم الأولويات لأي حكومة من الحكومات من هنا فإن تعقد الإجراءات وتعدد المستندات والتواقيع والأختام ومزاجية التعامل وعدم فهم القانون وتعليماته وإجراءاته في حالات أخرى وإستفزاز المواطن في بعض الحالات أصبح من السلوكيات الغير مقبولة والتي لا تتماشى مع أي إصلاح ضريبي منشود كما أن طريقة تعامل التشريعات الضريبية والقائمين عليها مع الإستثمارات المحلية أو الخارجية أصبحت موضوع نقاش على الرغم من انها تشكل لبنة أساسية في بناء الإصلاح الضريبي الهادف إلى تعزيز البيئة الإستثمارية.
صح 100%
04-03-2012 12:34 AM
اخشى
(إن تفعيل آليات مكافحة التهرب الضريبي وتطوير أساليبه، )



المبجل

د.عادل القطاونه

اخشى ان يؤدي

"التفعيل"

الى امور

ليست

في الحسبان
04-03-2012 07:28 AM
من مدونات
من مدونات

طفله في الروضه

"الكل ينادونني:شيخه بنت شيخه"

وهذا

يزعجني

و يؤثرعلى محصلة تعلمي

وينرفزي

ولا يساعدني

في التركيز

على دراستي
04-03-2012 07:31 AM
فارس النهار العبادي
لقد أجملت فأبدعت كل الاحترام لك ولأفكارك النيرة في الحوانب الاقتصادية
كتبة شاملة رصينة ذات أبعاد حيوية
04-03-2012 09:26 AM
محمد الرواشدة
والله انك صادق في كل كلمة
تهرب ضريبي عند كثير من الشركات وبالملايين وما حدا داري :
وتنوعت حالات التهرب الضريبي وارتفعت تكلفة التحصيل الضريبي وتباينت حالات الإجتهاد في كثير من قضايا الضرائب وتساقطت العديد من القضايا الضريبية في المحاكم !! قابل ذلك إنخفاض في حجم الإستثمارات وغلاء في المعيشة !!
كتابة واقعية ومنطقية
04-03-2012 09:34 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات