( ادفع ) الشرّ .. !!


إن الحمد لله تعالى ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } ‏
{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

إنّ التصدي للحديث في ( الحوادث ) أو الأمور العامة والمسائل الهامة للمسلمين ؛ هو من خصائص ( أهل العلم المجتهدين ) ؛ الذين يتصفون بصفات تجد تفصيلها في كتب الجهابذة الأصوليين ؛ وهم المقصود ون في قوله تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ، وليس هنا محل إيراد تلك الصفات؛ لكنّي أكتفي بكلام قيّم للإمام المتبحر ابن قيّم الجوزية – رحمه الله تعالى – في كتابه الفذّ ( إعلام الموقعين ) حيث قال : " العالم بكتاب الله وسنّة رسوله وأقوال الصحابة فهو المجتهد في النوازل ؛ فهذا النوع الذي يسوغ لهم الإفتاء ويسوغ استفتاؤهم " .
ونحن اليوم نعيش واقعاً مضطرباً عجيباً ؛ وزمناً خَرباً غريباً ؛ الفتن فيه كثيرة ، والمحن وفيرة !؛ ما من ساعة تمرّ إلا وفيها الدواهي والبلايا وأمَرّ ؛ ( فورات ومظاهرات ) ، ( انقلابات و ثورات ) ، ( إضرابات واعتصامات) ، وغير ذلك من المُلمات ، لكن ّ الطّامات : أن كثر المحلّلون ؛ البعض – على استحياءٍ – يمنع ، وآخرون ( يُحلّون !! ) ، وبعيداً عنهم هناك متحمّسون ؛ ومن بالسياسة هم مهووسون !!
فأين العلماء المتفرسون والفقهاء المتمرسون ؟ !
هم – بفضل الله تعالى – موجودون ؛ لكن لا أحد يسمع !! لسان حالهم يقول :
فما الناس بالناس الذين عهدتهم ولا الدار بالدار التي كنت أعرف

يدمي القلب أن ترى الناس اليوم في ( دارنا ) ووطننا عن أهل العلم معرضين ؛ غير راضين ، ثم تراهم إلى الحزبيين والثوريين والمحركين والمحرضين راكضين ، يقلبون بين ( الفضائحيات !! ) لعلهم يجدون ضالتهم من ( الحماس ) و ( الإثارة ) ، أو من يكشف عن الحقائق ( الستارة ) ، أو ما يروحون به عن قلوبهم بعد ذلك العناء !! أو كان ثمة خسارة !
ولهم شرّ سلف ..
روى أبو نُعيم – رحمه الله تعالى – في كتابه ( حِلية الأولياء ) عن رجل من أشجع قال : " سمع الناس بالمدائن أن سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) في المسجد ، فأتوه فجعلوا يثوبون إليه حتى اجتمع إليه نحو من ألف ، قال : فقام فجعل يقول : اجلسوا ، اجلسوا ، فلما جلس فتح سورة يوسف يقرؤها ، فجعلوا يتصدعون ويذهبون حتى بقي في نحو من مئة ، فغضب وقال : الزخرف من القول أردتم ؟ ! ثم قرأت كتاب الله عليكم ذهبتم ؟! "
فسبحان الله ! ماذا أرادوا من صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحدّثهم غير القرآن والسنة ؟!
هل انصرفوا عنه لأن كلامه كان بعيداً عن (الواقع ) ؟! أو بعبارة أخرى : ليس له علاقة ب ( فقه الواقع ) ؟
أم أرادوا سماع كلام حماسي في ( السياسة ) ؟!!
وأيّاً كانت الإجابة ؛ فالمصيبة واحدة : أنهم أعرضوا عن عالم ٍ ؛ وأيّ عالم ؟
فليس غريباً أن يعرض الناس اليوم عن العلماء الذين هم دون سلمان الفارسي – رضي الله تعالى عنه - ولا يسمعون لهم !!
مناي من الدنيا علوم ٌ أبثها وانشرها في كل باد ٍ وحاضر
دعاء إلى القرآن والسنة التي تناسى رجالٌ ذكرها في المحاضر
وقد أبدلوها بالجرائد تارة وتلفازهم رأس الشرور المناكر
وليست هذه مسألتنا ؛ وإنما أتكلم عمن ركب موجة ( الحماس ) من ( أصحاب اللحى ) أو من ( الثوريين ) ؛ أولئك الذين لا يذرون ( أنصاف الفرص !! ) لتهييج الناس وتحريشهم وتحريضهم ( !! ) دون أدنى مراعاة للضوابط الشرعية التي أصّلها أهل العلم المعتبرون ؛ ودون التفات للمآلات التي يمكن حدوثها بسبب هذه – أو تلكم – المقالات .
واعلموا – هدانا وإياكم الله - أن شأن الكلمة عظيم ، وأثرها جسيم ، فإن صَدرت رُصدت ؛ فإذا هيجت الناس – وفيهم الرعاع والغوغاء – نبتت الفتن في القلوب ، وادلهمت الخطوب ؛ رحم الله من قال : " الخروج بالكلمة أشد من الخروج بالسلاح ... واستغلال وسائل الإعلام والاتصال للتنفير والتحميس والتشديد يربي الفتنة في القلوب " .

وأي قضية أو مسألة تمس ( المواطنين ) : المال أو العيال أو العمال ، أو تتعلق بالغلاء أو ( الكهرباء ) ؛ يجب فيها – وجوباً بيّناً لا ريب فيه - أن تردّ إلى العلماء ؛ لا إلى أحد سواهم من الدخلاء !! ؛ وإلا صار الأمر خبط عشواء ، وفتنة دهماء .
والنار أولها شرارة ثم تكون جحيماً !!
فاسمعوا وعوا أيها العقلاء ؛ وادفعوا الشرّ العظيم ؛ ولو- إن لزم الأمر – بتحمّل شرّ أهون منه ، كفاكم الله تعالى شرَّ الفتن والبلاء .
والله – جلّ وعلا – من وراء القصد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات