النصح الثمين .. في خطاب العلامة الحلبي للمعلمين(3 )


نعم .. بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالتربية والتعليم
هو الأساس في " إصلاح الناس "
وما عداه ( وسواسٌ خنّاس ) !!

إن الحمد لله تعالى ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } ‏
{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
إن عصب الحياة للأمة هو منهج التربية القائم فيها ؛ وهو ما يرتكز - أساساً - على المصادر التي يستقي منها قيمه وضوابطه وأحكامه ؛ فإن توافقت و تناسقت ؛ كان الفلاح والصلاح الذي يرفد ُ المجتمعات بأسباب رفعتها ، وعلو شأنها ، ويحفظ عليها شملها ، فإذا تخلفت وتناقصت ؛ جنحت من جادّة الطريق إلى بؤر ٍمن الرزايا ونغص العيش ، وتكالبت على النشء والشباب – خاصة – مخالبُ الانحراف والطيش .

هذا ؛ وإن من أجلّ أركان التربية – وكذلك التعليم - هو كنه ُ أو جوهرُ العلاقة بين المربي – سواءٌ كان أباً أو معلماً – وبين متعاطي التربية من الأولاد والتلاميذ ؛ مع النظر إلى الأخير كنفس ٍ آدمية ؛ يدفعها طبعُها إلى مخالطة ما يعتريها من مؤثرات ؛ أو يطرأ عليها من محدثات ؛ بما يدخل في تكوينها غالباً ، ويوجه سلوك صاحبها قلباً وقالباً .

فإذا سلم لنا هذا الركن ؛ فمن اليسير إصلاح ُ الأنفس بإذن بارئها ؛ وكذا إنشاؤها على الاستقامة ؛ وإنماؤها على حسن الطبائع ؛ وإعمارُها بمكارم الأخلاق والفضائل ، فنكون – حينئذ ٍ – قد أحسنّا الصنعة ؛ وأصبنا النّجعة ؛ بما يحفظ على المربي مقامه وقدْره ؛ وعلى المتربي نفسه وعقله .
فإن أتاه الخلل ُ ، واستشرى به الزلل ، وطغى عليه الدجل ؛ كان الوهن والشلل ؛ وبقدر ما توافد من هذه الآفات ؛ وتوافر من هذه المُلمات ، حتى يحيق به الفساد ؛ ويقعد له سوء المآل بالمرصاد ، فلا نجني من التربية إلا سوء المنقلب ؛ ولا يُغني عنا التعليم من الجهل إلا التعب .

والمتدبر – اليوم – في أحوال التربية يكاد أن يتفطرَ قلبه ، ويطيشَ عقله ؛ لما يرى من الهوّة السحيقة التي تردّى فيها قوام تلك التربية ، وكذا اختلال نظمها وأطوارها ، واختلاف أصولها و صورها ، حتى لقد شاهت ملامُحها ، وتاهت مقاصدُها ؛ وغدا بيننا وبين ( الجيل الجديد ) سدٌّ عنيد ؛ مثلُه كمثل الطوْد العتيد ؛ يزيد المسافة بعداً ، والحلَّ عُقدا ، فكان أن ماجت بهم نوازل ( التطور العلمي ) المذهل ، وهاجت عليهم غوائل الشهوات ودائها المعل ّ المعطّل .

ولمّا كانت النفس هي محل ّ الدوافع والصراع ، والتطوير والتغيير ، كان لزاماً على أيّ منهج تربوي إحكام السيطرة على أحوالها ، والعناية بأهوالها ، والاهتمام بأهوائها ، وسياستها على نحو ٍ يقيها الأسقام والأوهام ، ولا يكون ذلك المنهج محكماً رصيناً رزيناً إلا إذا كان من لدن لطيفٍ خبيرٍ .

واللهُ - جل ّ وعلا – إذ خلق النفس { ونفسٍ وما سوّاها } ؛ فهو العالم بخفاياها وأعراضها ؛ { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } ، وهو الخبير بما يصلحها ؛ وبما يُبرئها – على وجه اليقين - من العلل التي تعتريها { يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور } ، ولذلك ؛ كان ابن القيم – رحمه الله تعالى – يقول : " أعط ِ النفس باريها " .
وإن من أعظم ما جاء به النبيّ صلى الله عليه وسلم يتعلق – أساساً - بتربية النفوس وتهذيبها وتأديبها ؛ فقال - فيما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم - : " إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق " : أخلاق العبد مع ربّه ، وأخلاق العبد مع نفسه ومع الناس .. فكان أن تربى على يديه رجال ٌ لم – ولن – يعرف التاريخ ُ أمثالهم ولا أشباهاً لهم .

أقول هذا – ترصداً – لمن راح ينقب – في جانب التربية و(علم النفس ) – بين ركام العلوم عند الملل والأمم الأخرى ، و والله ِ ! ما استخرج شيئاً فيه نفع وفائدة ؛ إلا وفي كتاب الله – جل وعلا - وسنة نبيّه – صلى الله عليه وسلم – أفضلُ منه ، أو مثلُه وزيادة ، فلا يُعقل أن شرع { خير أمة أخرجت للناس } يفتقر – في جانب التربية و( علم النفس ) على الأخص – إلى علوم الغير؛ فهذا يكون نقصاً فيه ؛ وحاشاه من شرع ؛ قال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ، روى الإمام أحمد والشيخان عن طارق بن شهاب قال : جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين ؛ إنكم تقرؤون آية ً في كتابكم ؛ لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ، قال : وأي ُّ آية ؟ قال : قوله : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } فقال عمر : والله ؛ إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم : عشية عرفة في يوم جمعة .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم شيئين ؛ لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " [ رواه الحاكم من حديث أبي هريرة وصححه الإمام الألباني ] .
وتركُ هذين الشيئين العظيمين هو – بعينه – الانحراف عن الطريق المستقيم ، والانجراف مع الهوى ؛ ذاك ( المسلك ) السقيم ؛ قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : " لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ؛ فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ " .

لقد أدرك العلماء الربانيون من أهل السنة هذا الأصل ؛ فعكفوا على كتاب الله والسنة فنهلوا منهما ما شغلوا به الدنيا ، وإني – والله ! – ليتملكني الذهول حين أطالع مصنفات ومؤلفات ابن القيم – مثلاً - ، فهذا العالم تبحّر في النفس الآدمية وغاص أعماقها ، فاستخرج أسرارها واستجلى آفاقها ، تألق في كشف أدوائها فأحسن وأجاد ، و تأنّق في وصف دوائها فألسن وأفاد ، جمع في التربية و ( علم النفس ) ما يعزّ نظيره ؛ إذ يعجبك استقراؤه وتقريره ، ويُعجزك تفسيرُه ، ويواطئه على الأمر – إذا صدّره – معارضُه ونصيرُه .
بَيْد أنّ استنباط علوم التربية و ( النفس ) ، وبيان أحكامها ، وتفصيل أركانها ، وتأصيل قواعدها بالارتكاز على مصادر التشريع ؛ يحتاج اليوم إلى علماء معتبرين ، يلتزمون منهجاً متزنا ً ذا وسائل فاعلة ، وأساليب مبتكرة ؛ تلتفت إلى التغيرات المادية الطارئة على المجتمع المسلم ، والدعوة – بعد هذا - إلى إعمال النصوص الشرعية في جميع جوانب ( العملية التربوية والتعليمية ){ بالحكمة والموعظة الحسنة } ؛ وحينئذٍ – فقط - نكون قد بدأنا ( الإصلاح ) الذي أراده الله - جل ّ وعلا - لعباده .
ولِما تقدّم قال شيخنا العلامة الحلبي في خطابه للمعلمين : " إن بيان الأحكام الشرعية المترتبة على الناحية التربوية والتعليمية من جهة ما يجب على معلمي المدارس نحو طلبتهم – أداءً أو امتناعا – هو الأصل والأساس في إصلاح المجتمع والناس: كما قال – تعالى – { ... وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } .

وابتداءً، فإني أعلم – جيدا – أن الاسم القديم – في بلادنا – لـ " وزارة التربية والتعليم هو (وزارة المعارف) وكلمة (المعارف) – وحدها – ها هنا – لا تعطي البعد التربوي المطلوب من الدور التعليمي المرغوب، فلقد أحسن – جدا – إذن – من غير تلك التسمية القديمة: (وزارة المعارف) إلى هذه التسمية الحالية: (وزارة التربية والتعليم) وأحسن أكثر في تقديم (التربية) على (التعليم) لما تتضمنه من معنىً أخلاقيٍّ دقيق ونهج سلوكيٍّ أنيق. " انتهى

فأما المعلم الكريم ؛ فحريٌّ به الاعتناءُ بهذا الجانب العظيم ؛ وهو تقديم التربية على التعليم ؛ ومثلُه الأب ُ في بيته ، والعالم ُ مع طلابه ، والحاكم ُ مع رعيّته .

لقد أغفلنا وأهملنا – نحن المعلمين إلا من رحم الله - في مدارسنا هذا الشِّقَّ فحدث الشَّقُّ ؛ فكان ما تراه اليوم عند الطلاب من مشكلات ٍ سلوكيةٍ في غاية التعقيد ؛ وانظر إلى علاقة المعلم بالطالب اليوم ؛ تعلمْ في أيِّ طريقٍ تسير الأمور ؛ لقد وُضعت الخطط والبرامج ، وعُقدت المؤتمرات والندوات من أجل تحسين البيئة النفسية والاجتماعية في مدارسنا ؛ وجعلها آمنة ً خاليةً من العنف والإساءَة ؛ وخاصةً ذلك الموجه نحو الطلاب ؛ وكانت – ولا زالت - أهداف هذه البرامج تسير باتجاه خفض نسبة العنف المدرسي شيئاً قليلاً فقط ؛ لا القضاء عليه ؛ ولكن ... .

يجب الإدراك أنّه لم يبقَ لنا – بفقد التربية - في مدارسنا سوى التعليم مع ما فيه من خلل وعلل ؛ ما يحتِّم علينا إعادة النظر والتفكر في ( واقعنا !! ) ؛ ولا يكون هذا – أبداً - إلا من خلال المعرفة الدقيقة بالأحكام الشرعية ؛ التي تضبط ُ عملنا كمربين ومعلمين ؛ وليس أقدر على بيان تلك الأحكام من العلماء ِ الربّانيين ، الملتزمين للكتاب والسنّة بفهم سلف الأمة .

ومنهج التربية له مفهوم ٌ أوسع ، ومدلول ٌ أنفع ؛ وهو ما يتعلق – أصلاً - بإرشاد الناس ؛ وتعليمهم ما يضرهم وينفعهم ، وما فيه صلاح أنفسهم ورشدهم ، وتوجيههم نحو إتباع الفضائل وترك الرذائل ؛ وغير ذلك مما جاء به ديننا الحنيف وفيه سعادة الناس في الدنيا
وهذا يتطلب - اليوم - عودتَنا إلى ( المحجة البيضاء ) التي تركنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولا شيئاً غيره ؛ قال رسول الله عليه السلام : " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيًا ، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد " . والحديث صححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى.
فسبيل النجاة أن نكون على ما كان عليه النبيٌّ صلى الله عليه وسلّم وأصحابُه ؛ فإن بدّلنا وأحدثنا وابتدعنا وابتعدنا ؛ فالشرُّ كلُّه والهلاك ، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث : " .. وخير الهدي هدي محمد ، وشرّ الأمور محدثاتها ، وكلّ بدعة ضلالة " .

والنبيُّ الأعظمُ - عليه الصلاة والسلام - مبلِّغٌ عن ربِّ العزة ،{ وما ينطق عن الهوى } ، وكل شيء أخبرنا بأنه سيقع ؛ فلا بدَّ من وقوعه ؛ فحصل اختلاف ٌ كثير ، وامتدت إلى صفاء " المحجة البيضاء " يدُ التبديل و التحريف ، والتشويه والتزييف ؛ سواءٌ كان من أعداء الدين ، أو من أهله ؛ من ( المبتدعة ) و ( أهل الكلام والفلسفة ) وغيرهم من ( الفرق ) الضّالة التي أبلغنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم .

فانبرى العلماءُ من أهل السنة والجماعة في كل عصر ٍ يذبّون عن الدين والسنة (انتحال المبطلين وتأويل الغالين ) ، ويردون على أهل البدع والأهواء والكلام ؛ وكان هذا من ( الأولويات ) ؛ قال يحيى بن يحيى – وهو شيخ البخاري ومسلم - : " الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله " فقال محمد بن يحيى الذهلي ( الراوي عن يحيى بن يحيى ) : الرجل ينفق ماله ويتعب نقسه ويجاهد ؛ فهذا أفضل منه ؟ قال : " نعم بكثير " .
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام :" المتبع للسنة كالقابض على الجمر ، وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله " .
وكان ابن القيم يقول : " والجهاد بالحجة واللسان مقدَّم على الجهاد بالسيف والسِنان " .

وإنه لما قام علماء أهل السنة - أو ما يعرفون بعلماء الدعوة السلفية - في هذا الزمان بحمل لواء السنة وتصفية الإسلام من الشوائب التي علقت به على مرّ السنين ؛ ثم تربية الناس – بعد ذلك – عليه - وهو ما يعرف بمنهج ( التصفية والتربية ) والذي برز في تأصيله هنا في بلدنا الأردن الإمامُ المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني وتلاميذه الكبار ومنهم شيخنا العلامة الحلبي - أقول : لمّا قام علماء أهل السنة بحمل لواء التصفية ؛ ارتجف المبطلون والمعطّلون ؛ من الحزبيين والحركيين ؛ وراحوا يرمون أولئك العلماء بأوصاف تلبّس على العامة ؛ وتدفع بالشباب المسلم للإعراض عن ( مشايخ السلفية ) ؛ فقالوا { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} :
( هؤلاء يخذّلون ويخدرون الناس عن الثورات والجهاد !! )
( إلى متى سنبقى قابعين – يقصدون : خانعين – بين الكتب الصفراء والمخطوطات) ؛ يقصدون : تحقيق كتب الحديث ؛ وتنقيح كتب المتقدمين من أهل العلم ومصنفاتهم .
( هؤلاء بعيدون عن فقه الواقع !! ) ؛ وقد قيلت هذه العبارة - مؤخراً – عن شيخنا العلامة الحلبي بعد خطابه ونُصحه للمعلمين بشأن إضرابهم ! .

( علماء جامدون )
والأدهى : أنهم قالوا عن أولئك العلماء – يدفعهم وسواسٌ خنّاس - : ( هؤلاء علماء الحيض والنفاس ) ؛ بنيّة الانتقاص ، أليس هذا هو – بعينه – ( الإفلاس ) ؟!
هذا يقال عن علماء أهل السنة اليوم ، ليس (الشيوعيون ) من قاله ، ولا ( الليبراليون ) ولا ( البعثيون ) ولا ( العلمانيون ) ؛ وإنما قاله ( إخوان – لنا - مسلمون ) ؛ وإلى الله الشكوى عمّا يصفون .

واسمع أخي .. ثمّ قارن واحكم :
تكلم واصل بن عطاء يوماً – وهو من المعتزلة – فقال عمرو بن عبيد : ( ألا تسمعون ؟ ما كلام الحسن ( يعني : البصري ) وابن سيرين إلا خرقة حيض ٍ ملقاة ؟! ) .
وقال واحدٌ من أهل البدع – مفضلاً علم الكلام على الفقه - : ( إنّ علم الشافعي وأبي حنيفة جملته لا يخرج عن سراويل امرأة ) ؛ يريد أن يقول : ( إنّ علمهما لا يخرج عن أحكام الحيض والنفاس ) !!!
قال الإمام الشاطبي في كتابه ( الاعتصام ) – وقد ذكر هذه الأقوال عن أهل البدع والكلام - : " هذا كلام هؤلاء الزائغين ؛ قاتلهم الله " .
قال الشيخ عبد المالك الجزائري قي كتابه ( مدارك النظر في السياسة ) – وقد أورد تلك الآثار عن أهل الشّنار - : " فماذا يقول الشاطبي لو أدرك أهل زماننا من الحركيين والحزبيين وهم يتفكهون بأعراض أهل العلم ورثة الأنبياء ؟ ( ولكل قوم ٍ وارث ) " .
قلت ُ : سبحان الله ! ما أقرب اليوم للأمس !
وإذا عجبتَ ! فالعجبُ من هؤلاء القوم – إذ تخرج هذه الكلمات من أفواههم – أنه ما نبت فيهم عالم ٌ واحد ٌ طوال هذه السنين التي مرّت منذ تأسيس أحزابهم ( !! ) ، وإنْ كان ثمة علم عند أحدهم ؛ فلخدمة الحزب !! ، وتحريك النّاس مع الحزب هنا وهناك عبر ( فضائية معتبرة !!).
فاحذر أخي – حفظك الله تعالى – من أمثال أولئك ؛ أن يصدّوك َ عن سبيل العلماء من أهل السنة بدعاوى هم – أنفسهم – يعلمون زورها ؛ والله – عز وجل – يقول : { وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } .
وسأتكلم في الجزء القادم – إن شاء الله ُ تعالى – عن وصف ( المعلم ) ؛ وردّ شبهة ( أن علماء السلفية – في قضيّة المعلمين - ينصرون الظالم على المظلوم ، وأنهم علماء سلاطين ) .

أسأل الله العظيم ربَّ العرش الكريم ؛ أن يطهّر قلوبنا من الرياء والنفاق وقول الزّور ؛ وأن لا يجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين



تعليقات القراء

مشتاقة للجنة
بارك الله فيك أخي الكاتب وأحسن إليك وأرجو لك مزيداً من التوقيق ، لقد أتحفتنا بهذا العلم النافع ، وعرفتنا بحقائق كانت غائبة عن أذهاننا ، وأقول صراحة : لم نكن نتوقع أن في بلدنا كاتب يملك هذا الأسلوب المتميز في الطرح وهذه اللغة القوية والبلاغة .
وإلى مزيد من التقدم بإذن الله
25-02-2012 03:53 PM
سؤال؟
حراك المعلمين للمطالبة بحقوقهم مستمر منذ عامين وبدون اضرابات او اعتصامات، لماذا لم يظهر الشيخ الحلبي رأيه في عدم وفاء الحكومة لحقوق المعلمين طوال الفترة الماضية(14 سنة منذ اقرار علاوة المعلمين) ، لماذا لم يتحدث ....عند اضراب الاطباء والممرضين والمتقاعدين وتحدث فقط عندما اضرب المعلمون؟.؟؟ رحم الله من جب الغيبة عن نفسه....
25-02-2012 04:16 PM
سعيد نواصره
وفيك ِ بارك الله أختي الكريمة .
كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إذا مدحه أحدٌ قال : " اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، واغفر لي مالا يعلمون ، واجعلني خيراً مما يظنّون "
25-02-2012 05:05 PM
سعيد نواصره
إلى أخي في الله صاحب تعليق 2 :

شيخنا العلامة الحلبي لم يدخل في تفاصيل قضية المعلمين مع الحكومة ولم يرد ذلك ، الذي يتكلم فيه أمر بعيد وهو كيفية المطالبة بالحقوق والوسائل المشروعة في هذا والآثار المترتبة عليها ،ونصيحة لإخوانه المعلمين هذا أولاً .
ثانياً : مذهب مشايخنا - وعلى رأسهم الإمام الألباني - في المظاهرات والإضرابات معروف للجميع ، وقد ألف شيخنا العلامة الحلبي رسالة في حكم المظاهرات والإضرابات بشكل عام ( عند الأطباء والممرضين والعاملين والموظفين وغيرهم ) فبل أن تظهر قضية المعلمين بزمن طويل .
فهو في خطابه الأخير لنا - نحن المعلمين - كان يوجه نصيحة عمامة لكل الأردنيين انطلاقاً من قاعدة أصولية عظيمة وهي : ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) واستناداً على حديث نبينا صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " .
وأما لماذا بم يتكلم في الحكومة فهذا له تفصيل وتأصيل في الجزء القادم من المقالة بإذن الله .
وبارك الله فيك على اهتمامك
25-02-2012 06:06 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات