سيـدي المُعلّــم : دعني أُقبّلك بيْن عَينيْك


سيدي المعلّم : سلامٌ عليك أيها الرّمز يا من تَخرج من بيتكَ كلّ صباح ممشوقاً كالسيف القاطع ، متلألئاً كالنجم الساطع رغم الليل الثقيل الذي بِتّه متقلّباً وكأنك على جمر الغضا ، تأكلك الأفكار على ابنك "أحمد" الذي ذكّرك عند وجبة العشاء بأنه يريد رسوم الجامعة 500 دينار ومطلوبة منه خلال أسبوع ، فتهزّ رأسك لتقول : تِكْرمْ، وفي الجلسة نفسها تُذكّرك "ميسون" وهي على أبواب التخرّج برسوم آخر فصل دراسي عليها (600 دينار) وبأنّها تريد شراء ملابس وحاجات أخرى ب 300 دينار(لمناسبة تخرجها) ، ولا تُمهلك كي تأخذ نَفَساً بسيطاً يُعيد إليك بعض من حيويّتك، وتضحك ببراءة وبعاطفةٍ أنثويّة دافئة " الله يخلّيك يا بابا ما تفشّلني !!!"، وتهزّ برأسك مُبتسماً : تكرمي حبيبتي ، وأم العيال تضحك وتنظر إليك بإعجاب شديد: الله يرزقك يا أبو أحمد ويجبر بخاطرك مِثِل ما بتجبر بخاطرنا!!!
سيدي المعلم : سلام عليك أيها الرمز وأنت تخرج من بيتك كل صباح ممشوقا كالسهم إلى هدفك النبيل ، سلام عليك وأنت تهرول مُسرعا لتحضر طابور الصباح لتقف إلى جانب سارية العلم وتهتف مع طلابك نشيد الوطن ، سلام عليك وأنت تدخل إلى الصف مُلقياً بهمومك الكبيرة حِرصاً منك على أن تظهر كبيرا أمام طلابك ( مُحبّيك ومريديك) .
سيدي المعلم : سلام عليك أيها الرمز المعلم المُيسّر وأنت تمسح بيدك على رأس طالب نسي مصروفه اليومي (أو ليس لديه أصلاً مصروف) وتُدخل يدك في جيبك ، لتُخرج منها قطعة نقدية (هي كل ما لديك) كنت تنوي أن تشتري بها ما يسدّ رمقك !!! ، سلام عليك وأن تناوب يومك متجوّلاً بين الطلاّب تتحسّس مشاكلهم ، تضحك مع هذا وتواسي هذا وتجامل ذاك وتشدّ من إزر ذاك، سلام عليك وأنت تغوص بين كومة من الدفاتر والأوراق تحرص على إعادتها لطلاّبك في الوقت المّحدد ، سلام عليك وأنت تعصر دماغك وأعصابك أثناء التحضير اليومي لكل درس ولكلّ حصّة، سلام عليك وأنت مسئول مباشر أما الله وأمام المدير والموجّه والزملاء عن تربية صفّ من الصفوف ( فيه أشقياء كُثُر)،سلام عليك أيهاالسلام الذي تحملّ همّ طلاّبك قياماً وقعودا وعلى جنبيك ( وأنت المُحق: أليس هذا عبادة؟؟!!!) .
سيدي المعلّم : أيها الطود الشامخ ، سلام عليك أيها الدافئ الحنون ،أيها النبع الصافي العذب الرقراق ، سلام عليك وأنت تعمل بصمتٍ وبعطاءٍ وافر ، سلام عليك يا من خرّجت وتخرّج الأمير والوزير والطبيب والقاضي والمعلّم والمهندس والحرفي ، سلام عليك وأنت تزرع فينا معاني العطاء والولاء والانتماء .
سيدي المعلّم : وأقسم بالفجر والضحى والعصر وبالله العلي العظيم وبكل أوقاته وأوليائه ومكونات مُلكه "" أنّنا نُحبّك "" نعم :" نُحبك" ، وما دُمتَ بخير وقوة فالأمة بخير ومنعة ، وبخلاف ذلك على الدّنيا السلام !!! .
سيدي المعلّم : اسمح لي أن أقبلّك بين عينيك وعلى وجنتيك لأقول لك : أنت من تصنع الأجيال ، على كل الأجيال أن تردّ لك الجميل ، ولن تستطيع ، لأنّك ببساطة : راعي الأولّه (كما في المثل ) ، أو راعي الأولى ، فأنت إن شاء الله من """ السابقون السابقون """ أو""" من أصحاب اليمين""" إن شاء الله وما كنتَ يوماً من ""أصحاب الشمال"".
سيدي المعلّم :"يُجبرْ بخاْطَرك مِثِلْ ما جَبَرْت بخاطَرْنا" نحن أهلك ومحبيك ومريديك ، نعم يجبر بخاطرك مثل ماجبرت بخاطرنا وعُدتَ إلى مكانك ومكانتك الكبيرة التي تليق بك وتفخر، ونسيت كل ما هو مطلوب منك لـ " أحمد " و"ميسون" وأم العيال ، وفاتورة الكهرباء وفاتورة الماء و......، بارك الله فيك لأنّك لبيت نداء الوطن والواجب،فأنت خير من يقّدر الظرف بل تتلمذنا على يديك كيف يمكن أن"أضيء شمعة بدلاً من أن ألعن الظلام."
وآخر دعوانا : اللهم أحفظ بلدنا وقيادتنا ومعلمينا وسائر بلاد العرب والمسلمين من كل سوء ، والحمد لله ربّ العالمين.



تعليقات القراء

نعيم البوايزة
اشكرك د . خليف , كلامك يخرج من الصميم , يروي الحال اليومي للمعلم وهو يتلذذ بأن قدم ويقدم المزيد من الجهد لينير الدرب ومنبعة الاخلاص لوجه الله وهذا حال جميع المخلصين امثالك مع شكري العميق مرة اخرى .
23-02-2012 07:07 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات