ارحموا اردننا الحبيب


لقد تابعنا في الأيام الأخيرة الماضية سلسلة من الحوادث وكم هائل من التعليقات التي تناولت مقابلة الأمير الحسن مع التلفزيون الأردني بعد غياب طويل. ولا يخفى على أي متابع أن التصريحات قد أسيء فهمها، كما تعمدت بعض الجهات والمواقع الالكترونية إخراج الحديث من سياقه ليصور وكأنه اهانة للشعب الأردني.
في هذا الصدد، أود الإشارة إلى بعض النقاط الهامة والتي لا بد لنا من التوقف عندها، وذلك حتى لا يتعدى أحد على حرية الرأي والتعبير لأي مواطن أردني ولا يساء استخدام هذا الحق أيضا. من يتابع نشاطات الأمير الحسن وانخراطه في الدعوة إلى الاصلاح ليس فقط في الأردن وانما على صعيد الوطن العربي أيضا لا يصدق بأنه يدعو إلى حرية التعبير والرأي في كل المحافل ومن ثم يغضب من انتقاد لكلامه على الهواء، فهذا يناقض المبادئ التي يدعو إليها الأمير الحسن ويعمل من خلال المبادرات التي يرأسها على ترويجها وتطبيقها بكل الوسائل المتاحة.
أعتقد جازمة بأن الأمير الحسن لا يستنكر العنف الذي مورس باسمه وباسم العائلة المالكة فقط وانما فهو يرحب بالنقد البناء، كما يشهد له العديد من الصحافيين الذين تعاملوا معه مباشرة. وأتفق في هذا الصدد مع الرأي القائل بأن الحكومة مسؤولة عن التحقيق في أي حادثة عنف يتعرض له أي مواطن بسبب رأيه أو نشاطه السياسي، ولكنني أيضا أدعو إلى توخي الحذر قبل اطلاق الاتهامات جزافا، فلا يعقل أن يشار إلى أن هذا العنف هو بداية "لحملة التنخيل" التي توعد بها الأمير.
ألا ينتبه المعترضون على كلمة "التنخيل" إلى أنها أخرجت تماما من سياقها وفسرت وكأن الأمير يدعو إلى التوقف عن ممارسة النشاط السياسي؟ كيف يكون هذا رأيه وهو يخصص جزءا يسيرا من وقته في البحث في الربيع العربي والتعليق على حراك الشعوب المحقة في مطالبها؟ كيف يدعو إلى التوقف عن المطالبة بحقوق، كما فهمها المعترضون، وهو لا يزال يدعو في كل مناسبة إلى انشاء محكمة حقوق انسان عربية لتكون ملجأ كل مواطن عربي تنتهك حقوقه؟
أتفهم تماما غضب الناس من الإحباط المتراكم، ولكن ذلك لا يجب أن يدفعنا باتجاه تحميل الكلام العفوي الذي صدر منه تعليقا على أحد المشاركين في الاعتصام من ذوي اللحى الطويلة، حيث مازحه قائلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهذا المظهر!
أما مقولة الآباء والأجداد والتي استنفرت العديد من الناس الذين راحوا يردون بغضب لإثبات تاريخ وهوية ضاربة في القدم، فلا أجد مبررا للاستنفار، كون هذا التاريخ محفور في ذاكرة الأردنيين، ولم يتعرض الأمير في كلامه لهذا التاريخ، بل دافع عن تاريخ آبائه وأجداده أمام اتهامات قلة من الأفراد الذي يعرفهم الأردنيون والذين باتوا يشككون في شرعية الحكم الهاشمي في الشهور الأخيرة، فكلام الأمير لم يكن إلا دفاع عن العائلة الهاشمية أمام اتهامات هؤلاء ولم يقصد منها التهكم أو اهانة الأردنيين، فلا يعقل أن يقدم الأمير على هذا الفعل وهو الذي خدم هذا الشعب لعقود طويلة ويساند حقه في الحياة الكريمة والكرامة الانسانية! أما وقد ضاق النظر، فلننظر إلى الأمر على أنه مجرد دفاع عن النفس ضد الاعتداء الذي يعرفه المتابعون، فمن منا يقبل التشهير بعائلته وآبائه وأجداده من دون أن يحظى بفرصة الرد؟
تبقى مقولة "الضيف الوسخ" والتي لربما أسيء فهمها. في مجتمع كمجتمعنا، يكثر الناس الذين يصطادون بالماء العكر، ويكثر الذين يريدون أن يحصلوا على عبارة ليؤججوا الانقسام في المجتمع، فسرعان ما تم تفسير العبارة على أنها تهاجم المكونات المختلفة من الشعب الأردني! من خلال المقابلة، يتبين لنا بأن الأمير قصد الحديث عن قدرة الأردن على احتمال الموجات المتتالية من الهجرات من ناحية الموارد الاقتصادية وليس من ناحية الأخلاق الأردنية والشهامة والنخوة التي يشهد لها القاصي والداني، فالأردن فعليا يعاني نقصا في الموارد المائية والاقتصادية، ولكنه يمتلك نخوة قل نظيرها في العالم العربي!
أنا لا أدافع عن شخص الأمير لأنني لست مخولة بالدفاع عنه، ولكنني فقط أردت توضيح بعض النقاط من وجهة نظري الشخصية، حيث وجدت بأنها أصبحت قضية خطيرة، فنحن أمام تغيير سياق الكلام ومن ثم بناء رواية كاملة بناء على هذا الفهم الخاطئ.

حياة حتر حدادين



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات