غزوة اللحية وأسلمة وزارة الداخلية!


آفة المجتمع المصري الآن إسلام المظهر الذي يهتم بالشكل لا بالمضمون والجوهر. إسلام يتمسك بالفروع والقشور لا بالأصل والجذور، فبعد غزوة الصناديق التي أوحت للعالم أن مصر تخوض حرب ضد كفار قريش وغزوة البكينى التي تركت انطباع لدي العالم أن الزي الرسمي لنساء مصر هو البكينى ولا ترتدي المرأة في مصر غيره تذهب به إلي الجامعة والعمل والسوق! يبدو أن مصر مقبلة علي غزوة اللحية!

تلك الدعوة التي أطلقها عدداً من الضباط الملتحين ولاقت تأيداً ودعماً من الجماعات الأسلامية وتحدث عنها بعض المسؤولين في تلك الجماعات وكأنها ـ مسألة حياة أو موت. فهل الحياة في مصر أصبحت وردية إلي هذا الحد وتم حل المشكلات وتخطينا الصعاب والأزمات وانتعش الاقتصاد وتم ضبط الأسعار وتطوير التعليم وتحسين الرعاية الصحية وتوظيف العاطلين وعاد الأمن والأمان......... إلخ. ولم يتبقي إلا مشكلة إطلاق اللحي وتغير العلم والنشيد الوطني!

اتجاهات ومحاولات لأسلمة وزارة الداخلية وفرض سيطرة الإسلاميين عليها وأول القصيد تبني مطلب إطلاق اللحية وكأن بإطلاق الضباط لحاهم سينصلح حال وزارة الداخلية؟ مطلب غريب ووجهة نظر عجيبة وتفكير يشوبه القصور والسطحية. فإذا كان هذا المطلب نابع من حرص هؤلاء الضباط والجماعات الإسلامية علي إتباع السنة وتطبيقها فهناك من السنن ما يحتاجها المجتمع أكثر من سنة إطلاق اللحية، مثل الاقتداء بسنة الحبيب علية الصلاة والسلام في التعامل بشكل يحقق العدل والمساواة والمحافظة علي حقوق الإنسان وغيرها من السنن والمبادئ والتعاليم النبوية الشريفة التي تهتم بالجوهر.

أما إطلاق اللحية ومع أهميتها كسنة! مسألة تخضع للحرية الشخصية. لكن ما الفائدة التي ستعود علي المواطن من إطلاق الضباط لحاهم وسلوكهم لم يطرأ عليه تغير؟ هل اللحية مظهر إسلامي قاصر فقط علي المسلمين؟ هل اللحية هي ما تميز المسلم عن أصحاب الديانات الأخري؟ فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يطلق القساوسة لحاهم وكذلك حاخامات اليهود. إذا الذي يفرق المسلم عن غيره ليست اللحية وإنما الأخلاق والأفعال النابعة من التعاليم الجوهرية للإسلام.

هل هيكلة وزارة الداخلية يكمن في إطلاق الضباط لحاهم؟! إن كنتم تبتغون الإصلاح الحقيقي من أجل أن يكون هناك ضابط يطبق شرع الله ويتبع سنة رسوله فهذا لن يأتي عن طريق الدعوة إلي إطلاق اللحي ولكن يأتي ذلك عن طريق تدريس السنة وبعضاً من علوم القرآن وسير الصحابة لطلاب أكاديمية الشرطة بجانب العلوم الشرطية والقانونية حتي يتخرج ضابط مسلم يعرف جوهر دينة و طريقة تطبيق القانون دون إهدار كرامة المواطن. وأن يتم إخضاع الضباط الحاليين لدورات نفسية وتربوية وأخلاقية لإعادة تأهيلهم وتنمية قدراتهم علي التعامل الآدمي مع المواطن بما يليق ومصر الثورة.

أخشي أن يكون تأيد وتبني الجماعات الإسلامية دعوة إطلاق الضباط لحاهم نابعاً من عقدتهم التي تكونت اتجاه ضباط الداخلية فجميعا ًنعرف أن قبل 25 يناير كان يتم القبض واعتقال أي شخص يطلق لحيته بدعوة انتماءه للجماعات المحظورة كما كانت تسمي وقتها. أخشي أن يكون التأييد والدعم نوع من أنواع الانتقام المستتر الذي تلجأ إليه هذه الجماعات وكأن لسان حالهم يقول للضباط ((ها نحن الآن نفرض عليكم ما كنتم تحرمونه علينا وتعتقلونا بسببه))!! للأسف الحقيقة أن الكثير من أعضاء هذه الجماعات يعاني من عقدة الاعتقال والتعذيب والاضطهاد نتيجة للمشكلات الأمنية التي واجهوها مع ضباط الداخلية سابقاً.

وفي إطار الجهود الحثيثة للجماعات بهدف إسلمة وزارة الداخلية تسعي الجماعة إلي زرع رجال لها داخل الوزارة. فقد نشرت الصحف منذ أيام خبراً يعتبر كارثة وعودة إلي نقطة الصفر وانتكاسة للثورة مضمون الخبر ((أن الجماعة اقترحت على وزير الداخلية حصة من تعيينات جهاز الشرطة قوامها ثلاثة آلاف فرد وأمين شرطة)) خبراً جعل الأسئلة تتزاحم برأسي وأعتقد هذا حال كل من قرأ الخبر! لماذا تحاول الجماعات الإسلامية السيطرة علي وزارة الداخلية دون سواها من الوزارات؟ ما الدور الذي سيقوم به ال ثلاثة آلاف فرد وأمين شرطة؟هل انتمائهم سيكون للإخوان أم للقانون والداخلية أم للشعب؟! وهل سيعتبر الثلاثة آلاف فرد وأمين شرطة الذراع اللأمني لهذه الجماعات داخل الوزارة؟! أو ليس الثلاثة آلاف فرد وأمين شرطة يعتبروا بمثابة جواسيس لهذه الجماعة داخل الوزارة؟!

طلب الجماعة أن يكون لها كوتة في تعيينات الداخلية أمر مثير للشك والريبة وانتكاسة للممارسة السياسية والديمقراطية ما يحدث من الجماعة يعتبر سيراً علي خطي الحزب الوطني الذي كان يسخر وزارة الداخلية لخدمة أهدافه ورجالة فقد اتخذ الحزب الوطني من الداخلية ذراع قذر لإذلال الشعب والتنكيل بـه. وجاء رد الوزير علي المطلب والوعد بالدراسة غير مبشر!! هذا المطلب والرد المخزي لوزير الداخلية سيفتح الباب أمام الأحزاب الأخري للمطالبة بأن يكون لها كوتة مماثلة وهكذا تتمزق الداخلية لتصبح عبارة عن ميليشيات موالية للأحزاب والجماعات!!

الوزارات السياديه يجب أن تظل وزارات مستقلة بعيده عن مرمي الصراعات السياسية والمؤمرات الحزبية وأهواء الجماعات الإسلامية وليبقي انتماء هذه الوزارات للشعب والوطن فقط.
اوعاد الدسوقي
كاتبة و إعلامية
awaad99@gmail.com



تعليقات القراء

ام الدنيا
مع الاسف

الله يرحم ايم الرئيس حسني مبارك كانت مصر بتجنن .
21-02-2012 05:59 PM
توضيح
.....
رد من المحرر:
نعتذر...
21-02-2012 07:04 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات