الانتخابات الامريكية واليهود


هل فكرت يوماً لماذا يستميت ويتسابق المرشحون للانتخابات الأمريكية على إرضاء وكسب ود يهود الداخل (اليهود الأمريكيين) ويهود الخارج (إسرائيل والشتات)؟ هذا ما سنوضحه بإيجاز في مقالنا هذا إن شاء الله.
هاجر اليهود إلى أمريكا عبر ثلاث مراحل: المرحلة الأولى هجرة اليهود السفارديم من أسبانيا والبرتغال، والثانية هجرة اليهود الألمان بعد 1840م، ثم الهجرة الكبرى من أوربا الشرقية بعد عام 1880م، ثم تكاثر اليهود في أمريكا حتى وصل عددهم عام 1920م ثلاثة ملايين ونصف المليون، ومنذ ذلك الوقت بدأ اليهود بتأسيس الجمعيات الأخوية والوكالات الاجتماعية والمعابد والمدارس وقاموا بتطوير المنظمات الصهيونية من أجل السعي لتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ولعبوا دورا أساسيا في تغذية الصهيونية السياسية منذ ظهورها, فكان مثلاً عدد المعابد اليهودية في عهد الرئيس الأمريكي "جورج واشنطن" خمسة معابد أما اليوم فقد تجاوز عددها الثلاثة آلاف معبد.
لقد بدأ اليهود في أمريكا على الهامش، وعوملوا كما لو كانوا عبئاً على حدائق نيويورك وشوارعها، ولكن ما أنجزوه خلال قرن يمثل انقلاباً, فقد حرص اليهود في أمريكا على تأسيس ما يسمى (البلاط اليهودي) ويقصد به (ذوو الثراء والنفوذ الذين لهم تأثير كبير)، كما فعلوا في أوربا من قبل.
إن تأثير اليهود في السياسة الأمريكية يتم عن طريقين: أحدهما: وجود يهود في الإدارة الأمريكية. والطريق الثاني: التأثير على شخص الرئيس من خلال انتخابات الرئاسة. وقد جرت العادة في البيت الأبيض -مقر إقامة الرؤساء الأمريكيين- أن يُعيّن شخص ذو وزن سياسي غالبا ما يكون يهوديا ومهمته أن يكون حلقة اتصال بين الرئيس الأمريكي وزعماء الجالية اليهودية الأمريكية ويُطلق عليه لقب (حامل الحقيبة اليهودية) وهذا الشخص يلعب دوراً كبيراً في القرارات السياسية التي يتخذها الرئيس الأمريكي وخاصة فيما يتعلق بيهود أمريكا أو دولة إسرائيل.
إن عدد اليهود الأمريكيين لا يتجاوز 5% من عدد سكان أمريكا -تأتي الولايات المتحدة بعد إسرائيل في عدد اليهود-, لكن معظم يهود أمريكا يتركزون في عدد قليل من المدن الكبرى المزدحمة بالسكان, وبخاصة في مدينة نيويورك وولاية كاليفورنيا, وأهمية هذا التركيز تظهر إذا ما ربطناه بالنظام الانتخابي في أمريكا, الذي يبرز أهمية الفوز بالولايات المزدحمة بالسكان, وذلك على اعتبار ان نيويورك وكاليفورنيا وبنسلفانيا والينوي وماساشوستس وأوهايو تتحكم جميعا في أكثر من نصف الأصوات الانتخابية من مجموع الأصوات اللازمة للفوز بانتخابات الرئاسة, ومن المعتقد ان 75% من اليهود الأمريكان يقطنون هذه الولايات الست, في الوقت الذي يتركز فيه 40% من مجموعهم في مدينة نيويورك وحدها. هذا عدا عن النفوذ الذي أحرزته المؤسسات الصهيونية المترابطة في الولايات المتحدة فاليهود الأمريكان ينفقون أموالاً طائلة في الدعاية الانتخابية مما يجعلهم يلعبون دوراً خطيراً في انتخابات الكونجرس والرئاسة, فهم ينفقون مئات الملايين لإنجاح مرشحهم وهذا هو السر في تملق الساسة والرؤساء الأمريكيين للصهيونيين منذ رئاسة ولسون حتى الوقت الحاضر.
يسيطر يهود أمريكا الآن على قسم ضخم من الميادين السياسية والصناعية والاقتصادية والمصرفية والعقارات وشئون الهجرة والتعليم, ويشكل اليهود اليوم نسبة عالية من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب, ويعتبرون من أهم قواعد السياسة اليهودية المنظمة في الولايات المتحدة والتي يرتكز عليها النشاط الداعم للدولة اليهودية العنصرية, وقد تمكنوا من المحافظة على المساعدات المالية والعسكرية للدولة اليهودية العنصرية في فلسطين وزيادتها, وأصبحوا هيئة تشريعية مستقلة داخل الهيئة التشريعية الأمريكية, مما مكنهم من المجابهة والتصدي لأي إدارة أمريكية تحاول الضغط على الدولة اليهودية العنصرية.
يشكل يهود أمريكا أكثر من 25% من عدد الكتاب والمحررين ومقدمي البرامج في أكثر وسائل الإعلام الأمريكية المرئية والمسموعة والمقروءة من شبكات أخبار ومجلات إخبارية أسبوعية وصحف يومية رئيسية مثل "نيويورك تايمز", و"لوس أنجلوس تايمز", "واشنطن بوست", "وول إستريت جرنال". وهناك أكثر من 50% من اليهود من مالكي وسائل الترفيه والاتصالات والكمبيوتر. ويسيطر اليهود تماما على مؤسسات غسل الأدمغة والتلاعب بالوجدان "صناعة السينما" في هوليوود, فجميع الموظفين الكبار في الاستوديوهات الرئيسية وكبار المنتجين هم من اليهود, مما منحهم قوة سياسية كبيرة بالإضافة إلى قوتهم الإعلامية التي استغلوها في دعم ومناصرة المرشحين اليهود أو المؤيدين لهم.
رغم كون اليهود أقلية في أمريكا، غير انهم من أكثر الأقليات تنظيما, فيضم المجتمع الأمريكي اليوم أكثر من 300 منظمة يهودية كبيرة وعدداً ضخماً من المنظمات المحلية التي تمارس العديد من الأنشطة الداعمة لليهود, وتجمع التبرعات لصالح الدولة اليهودية العنصرية, وتضغط على صانعي القرار لزيادة الدعم والمساندة للدولة اليهودية العنصرية, ومن أهم تلك المنظمات: منظمة "بناي بريث" (أبناء الميثاق) وهي أكبر منظمة يهودية في العالم, ويتفرع منها "عصبة التحالف ضد ألافتراء", وهي تحارب ضد التمييز العنصري والديني ضد اليهود, ولجنة الشئوون العامة الأمريكية الإسرائيلية "آيباك" (والتي تعتبر الذراع الضاغط للمجتمع اليهودي ومن ابرز اهتماماتها دعم المرشحين في الانتخابات للوصول إلى أكبر عدد من المقاعد في الكونجرس وهي المنظمة الوحيدة المسجلة رسميا في الكونغرس الأمريكي على هيئة لوبي فيما يختص بالتشريعات التي تمس إسرائيل، وهي غير معفاة من الضرائب، ولا تقبل أي تمويل من الحكومة الإسرائيلية حتى لا تسجل في وزارة العدل الأمريكية على أنها وكالة أجنبية، ويشغل منصب رئيسها عادة رجل ثري وذو نفوذ ويتمتع باحترام المؤسسة اليهودية الأمريكية وينتمي إليها). ومنظمة إعادة التأهيل عبر التدريب وهي تدير الآن شبكة من المدارس المهنية على نطاق عالمي وخاصة في الدولة اليهودية العنصرية, ومنظمة ضبط تقارير الشرق الأوسط في أمريكا, ومجلس الاتحادات اليهودية, ولجنة العلاقات الاجتماعية, وجمعية مساعدة المهاجر اليهودي, وإتحاد الطوائف اليهودية الأمريكية, والنداء اليهودي المتحد للإعانة عبر البحار. وجميع هذه الجمعيات تعمل على وحدة الشعب اليهودي ومركزية إسرائيل في الحياة اليهودية, وتجميع الشعب اليهودي في إسرائيل عن طريق الهجرة, والمحافظة على هوية الشعب اليهودي بتنمية التعليم اليهودي والعبراني والقيم الروحية والثقافية, وحماية الحقوق اليهودية في كل مكان.
إن اليهود الأمريكيين يعون جيداً ان إسرائيل لا تستطيع البقاء بدون استمرار الدعم الأمريكي اللامحدود لها, واليهود الأمريكيين الآن ليسوا أقلية في أمريكا بل أصبحوا جزءاً من الأكثرية، وهم الأكثر قبولاً في أمريكا ولديهم نمو مستمر, ورؤساء الولايات المتحدة يجتمعون بشكل منتظم مع القيادات اليهودية، حتى ان حجم المساعدات الأمريكية الخارجية المرسلة كل سنة إلى إسرائيل وصل إلى 3 مليارات دولار، أي أن الشعب الأمريكي يدفع (الخمس) من المساعدة الخارجية فقط لإسرائيل التي لا تتجاوز 5 ملايين نسمة.
كما ان هناك عوامل أخرى تفسر تحيز المسؤولين الأمريكيين لليهود داخل أمريكا وخارجها, فثمة بعض الأمريكيين الذين يؤمنون بإخلاص بما جاء في الإنجيل من عودة اليهود إلى أرض الميعاد وأنه لكي يعود المسيح إلى الدنيا لا بد من إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وبغير هذا الوطن لن يعود المسيح. بالإضافة إلى أن الماسونيون الذين يحكمون أمريكا فعلياً يعملون مع الصهيونية من اجل قدوم أعور الدجال.. كما أن الرأي العام الأمريكي قد تشبع باعتقادات مردها إلى العقيدة البروتستانتية والتي تملي عليه الإيمان بضرورة حماية الكيان الصهيوني لأن ذلك علامة على قرب ظهور المسيح عليه السلام. وكذلك هناك مناداة العالم الجديد لمحاربة اللاسامية وكسب التعاطف مع المحرقة اليهودية (الهولوكوست). ومن الأسباب أيضاً التي تدفع الأمريكيين إلى التحيز إلى اليهود هو تخوف بعضهم من توجه اليهود في كافة أصقاع العالم للإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية في حال أوصدت أبواب فلسطين في وجوههم.
بهذا الولاء الحميم بين اليهود والصليبيين تتحد مواقف الولايات المتحدة الأمريكية مع الكيان الصهيوني ضد مصالح الأمة الإسلامية، وبه تنتهك حرماتها وكرامتها، وتستباح دماء أبناءها، وتغتصب أرضها، وتسلب حقوقها، وصدق الله العظيم إذ قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال عزّ وجل: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا).



تعليقات القراء

المبجل و الباحث
........
رد من المحرر:
نعتذر........
20-02-2012 04:02 PM
كل
كل الشكر و التقدير

للباحث و الكاتب

الكريم و المبجل

هيثم المومني

لاثرائه لقرائه

بهذا المقال
20-02-2012 04:19 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات