تعقيبا على سمو الامير الحسن بن طلال


لطالما اثار سمو الامير الحسن اعجابي .. ومن المؤسف انه خارج معادلة التغيير حتى هذه اللحظة بالرغم من كل الامكانات الفكرية الهائلة والشخصية الكارزمية لسموه وقدرته على التأثير في الرأي العام على اكثر من مستوى .. محليا .. اقليميا .. دوليا .. ولربما كان الحسن من الملك ما كان العباس من علي بحوار الخوارج فعلى رسول الله وال البيت الصلاة والسلام ..

يا سادتي الكرام المفكرون ثلاثة .. متنور يجري ولا يجرى معه وهم ندرة مثل سمو الامير الحسن بن طلال .. ومبصر يخوض وسط المعمعة وهم قلة .. وأعمى لا تستحي ان تصفعه والامثلة كثيرة ..

ما أشار اليه سموه في حديثه في برنامج ستون دقيقة يقدم عدة رسائل ومضامين مهمة منها ما هو على مستوى الامة ومنها ما هو على مستوى الاقليم ومنها ما هو على مستوى الاردن لدرجة التنخيل ..

من اهم الرسائل غير المباشرة والتي انتقلت لحالة المباشرة التي كان سمو الامير يحاول ايصالها خلال الفترة الماضية هي تماسك ال البيت في الاردن كمرجعية حكم ضمن اطار وعقد اجتماعي يقوم على مبدأ المشروعية وعلى رأسها الانجاز من خلال مؤسسات الدولة باعتبار ان المسؤولية جماعية ومدنية ومؤسسية ..

ومن الرسائل الاساسية اعادة تقييم لمرحلة كاملة فيما سمي عرفا بالربيع العربي واعادة ضبط المصطلحات باعادة توصيف الحالة كتغيير لا اصلاح لأن العبرة بنتائج الامور لا بالشعارات او ما يريده الانسان ..

ومن الرسائل القيمة الواردة الدعوة للانتقال من حراك هلامي ذات نمط انحدر من حراك مطلبي لحراك تطلبي لنقله الى حراك محدد الاطار متعلق بالتنمية والحرية ذات نمط عملي يركز على الانسان ..

ومن الرسائل المنتجة تقديرات الموقف الذكية والبحث في انماط الاحتجاج وترتيب الاثر على حالة حراك بحاجة لغربال سمو الامير لتوضيح دعوات المراهقة والهرطقة السياسية وبيان اثرها على المستوى الامني والسياسي للدولة والتي تؤدي لا محالة لضرب الاستقرار ..

لا أدري فيما اذا كنا سنصل لحالة ردة سياسية تتبعها ردة اجتماعية وفكرية .. فالدور الوظيفي لتنظيم الاخوان المسلمين مثلا يقوم على فكرة وثنية متمثلة بربط الدين باشخاص الدين سيستمر من خمسة الى عشر سنوات وستكون نتائجها كارثية على كامل الامة العربية والاسلامية ..

فالدور الوظيفي للهلال الاخواني الذي سيتشكل في دول الطوق سيخدم اغراضا متعلقة بيهودية الدولة العبرية باعتبار ان الكيان الصهيوني لا يستطيع العيش بمعزل عن محيطه ، وطالما كان المحيط ديني فسيعطي ذلك المشروعية لانتقال "اسرائيل" الدولة من علمانية البناء الرسمي ليهودية الوصف والطابع في جميع المفاصل ..

اما حروب الانابة فسيقودها الهلال الاخواني بمواجهة الهلال الشيعي بالنيابة عن امريكا بمواجهة ايران التي توظف المذهبية في خدمة اغراضها السياسية ومصالحها الاستراتيجية تحت الوصف والتفعيل المذهبي ( سني – شيعي ) والذي نحن في غنى عنه ..

اما الحراك الثوري الشعبي والشبابي فلا تستطيع أية جهة احتواءه بما يضمن سلامة امدادات النفط والمحافظة على الكيان الصهيوني كدولة آمنة في محيط مضطرب مثلما يستطيع تقديمه الهلال الاخواني في دول الطوق .. وما الاعترافات المتتالية بالمعاهدات الدولية من كامب ديفيد واوسلو ووادي عربة والتعهد بالمحافظة عليها وما عمليات التطبيع السياسي للغنوشي وغيره منا ببعيد ..

ولعل اسوأ ما سينتج من اثار خاصة بالهلال الاخواني عند تمكنهم من الوصول للحكم في دولة مثل الاردن هو انتهاء المعارضة الفعالة للأبد لعدم وجود المعارضة البديلة المؤهلة سياسيا كتنظيم ومع تكرار امتدادهم الافقي والعامودي في مؤسسات الدولة فسنصل حتما لنتيجة واحدة هي ( حكم الحزب الواحد ) والدخول في ديكتاتورية ديمقراطية فريدة النوع قد تحتاج لثورة على النظام ومطالبة باسقاطه بدل اصلاحه ..

ولا ننسى هنا ان السياسات الاردنية التي لطالما قامت على مبدأ توازن القوى والوسطية والاعتدال وايجاد البديل ستنتهي مما سيشكل اخلالا بها .. وحتما سنفتقد الى التوازن الموجود ما بين فكرة السلام الرسمي والرفض الشعبي للكيان الصهيويني كعدو فعلي او محتمل باعتبار الهلال الاخواني الذي تعهد بالحفاظ على المعاهدات الدولية كما هي انما هو خيار الاغلبية ..

اما اسوأ امر هو تجذير سايكس بيكو باسم الدين من خلال هذا الهلال وما ارهاصات الموجود الا دليل على المضمون .. ففي كل البلدان التي استطاع تنظيم الاخوان الوصول فيها لسدة الحكم لم يقم برفع أي شعار وحدوي عروبي او اسلامي حتى على مستوى الشعار ولا اقول التطبيق الفعلي بالرغم من انه تنظيم ممتد ..

اما ما هو أسوأ من كل ما سبق على الاطلاق فستجد الشعوب بعد مرور اقل من عشر سنوات انهم كانوا ضحية لتنظيم ديني لم يقدم لهم أي شيء يحقق الحرية والعدالة والتنمية وان ما حصل هو استفراد تدريجي بالسلطة وسيحاكي ذلك الردة التي عاشتها اوروبا في العصور الوسطى نتيجة تزعم الكنيسة وسيادتها في الحياة على حساب الحياة مما سيؤدي حتما لجنوح الشعوب بقوة للتخلص من هذا التنظيم اما بصندوق الاقتراع او بصندوق الموتى ..

ومؤدى ذلك كله ان الشعوب ستصل لقناعات غير حقيقية عن التجربة الاسلامية في الحكم وسيطلق على الاسلام كلمة ووصف الفشل وانه لا يصلح لقيادة البشرية مما سيؤدي الى ردة قيمية وفكرية واجتماعية كبرى بالرغم من فكرة جدلية الدولة في الاسلام باعتباره لا يؤطر ولا يتم توصيفه او وضعه في حدود ولم تكن الدولة غاية الاسلام اصلا في يوم من الايام بل هي جزء فرعي منه .. ودليل ذلك انهيار ما سمي بالخلافة وبقاء الدين بكل اركانه ..

ما يحصل على مستوى العالم العربي خطير جدا بحاجة لاعادة تقييم من مفكرين مثل سمو الامير لاننا حتى الان لم نشاهد اطارا لمشروع قومي عروبي اسلامي بل اننا نتجه صوب كارثة محققة بقيادة تنظيم ممتد مثل الاخوان والذي قد يصاب بحالة عدم تكيف اجتماعي فيلجأ للتطرف فعلا وقولا بعد ان تلفظه المجتمعات بعد عدة سنوات وقد يلجأ الى تكفيرها مما سيخلق حالة صراع اشد دموية مما نشاهد الان ..

ولا أدري فيما اذا كانت هنالك بدائل غربية لتنظيم الاخوان قد يطرحها علينا شخص ملتحي اخر ويقدم لنا نموذجا جديدا بأسم الدين وبدعم غربي اكبر ما هو حاصل بعدما قدم لنا الغرب نموذجه الحضاري من خلال اصحاب اللحى ولم نستطع حتى هذه اللحظة تقديم شيء لانفسنا وعجزت جميع الانظمة الا ما رحم الله عن تقديم شيء منتج لشعوبها لانها تفتقر الى القيم الانسانية والضوابط الاخلاقية ابتداءا ..

وسؤالي الذي لا زلت ابحث له عن اجابة واتوجه به لسمو الامير المفكر ما هو البديل ؟؟ وبعيدا عن حسابات السعودة هل في استرداد ال البيت الولاية السياسية والدينية في الشام والعراق كمشروع ذو مرجعية عروبية اسلامية كقادة لا ملوك هو المخرج من عنق الزجاجة وجزء من حتمية حركة التاريخ ؟؟ باختصار أين هو مشروعنا ؟؟

المحامي بشير المومني
basheerlawyer@yahoo.com




تعليقات القراء

حسن الحسينات
تحليل جميل شكلا وكنه يقود إلى استنتاجات تفضي إلى خيالات بعيدة الهدف المقصود بكلام سمو الامير فقد أغفل التحليل ما يلي: أولا أن الإصلاح ضرورة مطلقة بعد حالة الفشل والتعثر المزمن الذي نعيش. ثانيا يوهم هذا التحليل أن الإمتداد المحتمل للإخوان/ الإتجاه الإسلامي عبر الحدود المطنعة خطير وأن.... القطرية بكل أبعادها أفضل منه!. ثالثا لا يفرق التحليل بين التيار الإسلامي المتنور الذي يقبل بتداول السلطة ويرفع شعارات قيمية عالية .....
18-02-2012 12:29 PM
حسن الحسينات
اعتقد أن هناك الكثير من الجنوح نحو التخويف غير البرر من التغيير رغم بؤس الواقع الذي لم يعد يحتمل واعتقد أن هناك ظلم عندما نطلب من التيار الإسلامي رفع شعار الحرب قبل التمكن في الوقت الذي نتلمس رضى الغرب ونبحث عن أي عامل مشترك يمكن أن نعبر من خلاله عن شراكتنا مع اسرائيل. اعتقد ان الربيع العربي أو ضرورة مواجهة الواقع المرير تفضي بنا إلى شرعية واحدة ممكنة الا وهي شرعية العدالةوالنظافة المطلقة ومحاكمة الماضي والحاضر لصالح المستقبل (2)
18-02-2012 12:40 PM
منخل
بدك تنخيل .... وبعدها بصير وزير عدل وتعديل
18-02-2012 02:22 PM
ابو المناخل
فعلا مقال .. على المنخل.... يا ابو منقل ... اسف ابو منخل
18-02-2012 05:28 PM
د. محمد الشريف الكليب الشريدة
كنت اتمنى على سمو الامير لو كان حديثه غير الذي سمعناه. كثيراً ما تابعت احاديث سموه مع القنوات الفضائيه العالميه وهي تحمل ما تحمله من القوة والقدره على التحليل والاستشراف. إلا انه لم يكن موفقاً بالكامل هذه المره وبدااكثر ضبابيه في تحليله للواقع الاردني الذي نعيش في خضم الربيع الاردني؟ هل يعود سبب ذلك الى عنص الصدمة لعودة سموه للظهور عبر القناه الاعلاميه الاردنيه الرسمية، فهول المفاجئة وطبيعة المحاور والتسارع المتلاحق للاحداث الاردنيه الداخليه وبعد الكثيرين من اصدقائه المحليين عنه عكست ظهوراً غير موفق لسموه في هذه الحواريه. راجياً سموه ان يعذرني في اجتهادي هذا، مع خالص الحب له وللعائله الهاشميه.
18-02-2012 08:31 PM
شو يا
شو يا ايها المحامي المبجل

لو انك

تركز

عالمحاماه

مش احسن؟؟؟؟؟؟
19-02-2012 04:26 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات