بدران تهاجم مشروع الموازنة وتصفه بالتقليدي


جراسا -

قالت النائب ريم بدران انها لم تجد أي تغيير ذي قيمة في طريقه اعداد واخراج مشروع الموازنة العامة, عن أية موازنة سابقة مما ينبيء بأن ملحق أو ملاحق لهذه الموازنة سوف تصدر خلال هذا العام وبالتالي فإن خط سير موازنات الدولة سوف يبقى يراوح مكانه والنتيجة مزيد من العجز ومزيد من المديونية.

وعرضت بدران في كلمة لها حول مخالفات مشروع الموازنة وحصلت "جراسا نيوز على نسخة منها,  تطورات الموازنة العامة خلال الاعوام الخمس الماضية وما آلت اليه الأمور من ارتفاع نسبة العجز وانخفاض أسلوب الاعتماد على الذات وارتفاع حجم الدين العام ، وذلك بسبب ما اعتبرته غياب الرؤيه الصحيحة للأوضاع الاقتصادية عامة ولموازنة الحكومة خاصة.

واقترحت بدران تخفيض النفقات الجارية من أبواب معينة بمقدار 350 مليون دينار دون المساس بالنفقات الرأسمالية ، مما يعني تخفيض العجز والمديونية المتوقعة بهذا المقدار أيضاَ ، وذلك لإخراج أسلوب تقديم الموازنة عن النمط السائد الذي أدى الى هذه الأوضاع ، واغتناماً لفرصة سانحة للإصلاح المالي.

وتاليا نص كلمة النائب ريم بدران :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثمن للزملاء في اللجنة المالية لما بذلوه من جهود كبيرة في الدراسة والتمحيص والذي وردت نتائجها في تقرير اللجنة المرفوع لمجلسكم الكريم ، والذي أتفق معه في الكثير من التحليلات التي وصلوا اليها ، لكنني رأيت ان أوضح رأيي في الأرقام الواردة في كلا المشروعين المتعلقين بمشروع قانون الموازنة العامة ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية بشكل موحد حتى تكون الصورة واضحة بشكل شمولي، كما سأقدم لحضراتكم تحليلا علميا يبدأمنذ عام 2006 لأبين لكم توصياتي في نهاية التقرير والتي أطمح من حضراتكم الموافقة عليها.
كما تعلمون فإن موازنة الدولة تعتبر جزءً مهماً في الخطة الاقتصادية الحكومية لعام 2012 ، وبالتالي فإن البحث في مضمونها يخرج عن مفهوم الأرقام المحاسبية الى الأرقام الاقتصادية بمؤشراتها المختلفة التي تظهر الى أين نحن سائرون وفي أي اتجاه.
تلاحظون معالي الرئيس والزميلات والزملاء النواب أن الخطابات الحكومية المتعلقة بالموازنة العامة يكاد لا يخلو في أي منها عن ذكر عبارة ( السعي الى تحقيق مبدأ الاعتماد على الذات) ، ومن أهم مؤشرات تحقيق هذا المبدأ على أرض الواقع ان يتم تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية ، ولكن دعونا ونحن ننظر للمستقبل حول ماهية النسبة لعدد من السنوات الماضية لنرى مدى تحقيق هذا الهدف ، وفيما يلي الجداول التي توضح ذلك خلال السنوات 2006 – 2011 على النحو التالي :
نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية :
السنة النسبة
2006 101.5%
2007 96.9%
2008 97.8% ( من ضمن الإيرادات ثمن قطعة ارض في العقبة بمبلغ 355 مليون دينار وهي إيرادات غير متكررة)
2009 91.3%
2010 89.8%
2011/11 77.6%
 المصدر: نشرة وزارة المالية / العدد الحادي عشر


أما نسبة مساهمة الإيرادات المحلية في تغطية النفقات الجارية والرأسمالية فكانت كما يلي:
السنة النسبة
2006 80.9%
2007 79.1%
2008 80.6% ( ارتفعت قليلاً بسبب بيع ارض في العقبة)
2009 69.4%
2010 74.7% ( ارتفعت قليلاً بسبب انخفاض النفقات الرأسمالية بمبلغ 484 مليون دينار عما كانت عليه في عام 2009)
2011/11 67.9%
 المصدر: نشرة وزارة المالية / العدد الحادي عشر
من ناحية أخرى فإن ارتفاع نسبة عجز الموازنة العامة للحكومة المركزية لا زال في ازدياد عام بعد آخر وكما توضحه الأرقام التالية:
السنة نسبة العجز للناتج المحلي الإجمالي
2006 7%
2007 7.9%
2008 6.8% ( انخفضت بسبب ايراد غير متكرر وهو حصيلة بيع ارض في العقبة)
2009 10.7%
2010 7.7% ( انخفضت بسبب خفض النفقات الرأسمالية بمقدار 484 مليون دينار عن عام 2009 وإلا لكانت بنسبة 10.3%)
2011/موازنة 10.4%
 المصدر: نشرة وزارة المالية / العدد الحادي عشر

أما العجز في الموازنة العامة بالأرقام المطلقة قبل المنح فكانت كما يلي بملايين الدنانير :

السنة العجز
2006 748
2007 958
2008 1057 ( بدون ارض العقبة يبلغ العجز 1402 )
2009 1843
2010 1447 ( انخفض بسبب خفض النفقات الرأسمالية بمقدار 484 مليون دينار عن عام 2009 وإلا لكان العجز 1931مليون )
2011/موازنة 2184
2011/ 11 ش 1840
 المصدر: نشرة وزارة المالية / العدد الحادي عشر

ومما يثير الدهشة انه لا تكاد تخلو سنة من إصدار ملحق موازنة إلا نادراً كما تشير المعلومات التالية:

في عام 2007 تم إصدار ملحقين للموازنة
في عام 2008 تم إصدار ملحقين للموازنة
في عام 2010 تم إصدار ملحقين للموازنة
في عام 2011 تم إصدار ملحق للموازنة

وكلها جاءت لأسباب ناتجة إما عن عدم دقة التقديرات أو تجاوز المخصصات المرصودة بالموازنة مما أدى الى إصدار مثل هذه الملاحق.

معالي الرئيس
الزميلات والزملاء النواب،
لا يخفى عليكم الآثار السلبية للعجز السنوي المتراكم على حجم المديونية وفيما يلي تطور هذه المديونية:
السنة 2006 2007 2008 2009 2010 2011/ 11 شهر
دين داخلي 2479 3002 4911 5847 6576 7626
دين خارجي 4922 4965 3337 3546 4102 4002
المجموع 7401 7967 8248 9393 10678 11628
 المصدر: نشرة وزارة المالية / العدد الحادي عشر

هذا عدا عن مديونية المؤسسات المستقلة التي إذا أضيفت الى مديونية الحكومة المركزية فإن مجموع الدين العام حتى نهاية شهر 11/2011 قد بلغ 13.66 مليار دينار أو ما نسبته 64%.





معالي الرئيس
الزميلات والزملاء النواب،
كان لا بد من من تقديم هذه المعلومات لإنعاش الذاكرة الوطنية بتطورات الموازنة العامة وما آلت اليه الأمور من ارتفاع نسبة العجز وانخفاض أسلوب الاعتماد على الذات وارتفاع حجم الدين العام ، وذلك بسبب غياب الرؤيه الصحيحة للأوضاع الاقتصادية عامة ولموازنة الحكومة خاصة.
من هنا وبعد دراسة مشروع الموازنة للعام 2012 ، لم أجد أي تغيير ذي قيمة في طريقه الإعداد والإخراج عن أية موازنة سابقة مما ينبيء بأن ملحق أو ملاحق لهذه الموازنة سوف تصدر خلال هذا العام وبالتالي فإن خط سير موازنات الدولة سوف يبقى يراوح مكانه والنتيجة مزيد من العجز ومزيد من المديونية.
معالي الرئيس
الزميلات والزملاء النواب،
أما فيما يتعلق بمشروع الموازنة العامة لعام 2012 فأرجو أن ابين التالي:
أولاً : الموازنة العامة المجمعة للدولة
حيث أن الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية تشكلان معا الصورة الكلية لموازنة الدولة، فإنني سوف ألتزم في ملاحظاتي واستنتاجاتي أدناه بالتعامل مع الموازنة الموحدة، ليكون الحكم على الوضع المالي الكلي للمملكة شموليا وليس مجتزءاً. وبهذا الأسلوب فإنني أؤكد على مبادئ الشفافية والحاكمية في التعامل مع موازنة المملكة، والتي تشكل واحدة من أهم أوجه الدولة وسياساتها وأولوياتها.
لذلك أوصي بأن تجري تعديلات في المستقبل بهدف وضع تحليلات عند اصدار الموازنة العامة تكون شاملة لموازنات الوحدات الحكومية لتكون مؤشرا أكثر دقة وشمولية في عكس الوضع الاقتصادي.

ثانيا: الإيرادات الكلية العامة
1. بلغ مجموع الإيرادات المحلية الكلية في مشروع قانون الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية (5726) مليون دينار في حين أن حسابا دقيقا لها يظهر أنها (5625) مليون دينار أردني. ومن الواضح أن الفرق البالغ حوالي 101 مليون دينار ناتج عن إدخال رقم صافي اثر الدعم الحكومي للمؤسسات المستقلة والبالغ 273 مليون دينار مقابل فائض تلك المؤسسات البالغ 172 مليون دينار. وان صح هذا الاستنتاج فان في ذلك مخالفة لمعايير المحاسبة الدولية، وبالتالي يتوجب إعادة النظر في هذا الإجراء.




2. وإذا أضفنا رقم المنح الخارجية في مشروعي قانون الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية والبالغ 966 مليون دينار فإن إجمالي الإيرادات العامة المتوقعة لعام 2012 هو فعليا (6591) مليون دينار.

وبناء عليه، فان أرقام إعادة التقدير لعام 2011 تظهر أن النمو الاسمي المتوقع في الواردات الكلية في ظل المعطيات السابقة لن يتجاوز في أفضل الظروف نسبة 7,8%، وهو مخالف بقدر كبير للنسبة التي أعلن عنها من قبل الحكومة والبالغة 12,6%.

3. من المتوقع وفق أرقام موازنة الوحدات الحكومية أن ترتفع الإيرادات من (530) مليون دينار الى (882) مليون دينار، أي بنسبة (66%). ومن الواضح انه لا يمكن تحقيق هذه التقديرات في ضوء الخسائر الكبيرة لشركة الكهرباء الوطنية، علما بأن هذه الخسائر بلغت (836 مليون دينار) عام 2011 إلا إذا قامت الحكومة برفع أسعار الكهرباء بما مقداره (224 مليون دينار) ولا ندري إذا كان التعديل الأخير للتعرفة الكهربائية قد حقق ذلك.

4. هذا ولا بد من الالتزام بالقاعدة الدستورية بالامتناع عن تخصيص إيراد من مصدر معين لجهة معينة دون وجود نص قانوني وذلك عملاً بالمادة 115 من الدستور والتي تنص على أن "جميع ما يقبض من الضرائب وغيرها من واردات الدولة يجب أن يؤدى إلى الخزينة المالية وأن يدخل ضمن موازنة الدولة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ولا يخصص أي جزء من أموال الخزانة العامة ولا ينفق لأي غرض مهما كان نوعه إلا بقانون". ويقضي تطبيق هذه القاعدة بأن على جميع المؤسسات المدنية والعسكرية والهيئات المستقلة أن تورد تلك الإيرادات الى خزينة الدولة ما لم يوجد قانون يحكم طرق إنفاقها. كما يجب تطبيق هذه المادة على الأموال التي تقبضها الخزينة لحساب جهات محددة بموجب أحكام القانون وتوريدها اليها حسب الأصول .


ثالثاً: النفقات الكلية العامة:
بلغ مجموع النفقات العامة الجارية المجمعة في مشروعي الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية (6831) مليون دينار. أما النفقات الرأسمالية المجمعة فقد بلغت (1825) مليون دينار. وبذلك يكون مجموع النفقات الكلية العامة المجمعة لعام 2012 ما قدره (8656) مليون دينار. وعليه، فان مقارنة هذه الأرقام مع أرقام الإنفاق الموحد المعاد تقديرها لعام 2011 تظهر أن الزيادة في النفقات الكلية ستبلغ (330) مليون دينار، أي بزيادة نسبتها (4%). وهذه النسبة ليست مستبعدة وغير قابلة للتحقق فحسب، ولكنها تظهر الوضع الاقتصادي العام بصورة أفضل من واقعها. وبالمقارنة مع ما جرى خلال العام 2011، فقد تبين أن الأوضاع في المنطقة والأردن أدت الى انفلات زمام الإنفاق العام ليتجاوز (23%) عن أرقام (2010)، والتي قدر لها في قوانين الموازنة لعام (2011) بأنها سوف تنمو بنسبة 6(%) فقط.

ومما يؤكدالشكوك بأن نسبة النمو في الإنفاق الكلي سوف تتجاوز خلال عام 2012 نسبة الـ (4%) المقدرة هو إعلان الحكومة نفسها عن إعادة الهيكلة لرواتب الدولة، وإعادة النظر في رواتب التقاعد المدني والعسكري والتي تقدر كلفته بحوالي (155) مليون دينار. ولهذا فان النفقات سوف تنمو برقم اكبر بكثير من الـ (330) مليون دينار المتوقعة.كما لا بد من الإشارة الى وجود مستحقات كبيرة على الحكومة لم تؤخذ بالاعتبار ولم يوضع لها مخصصات تتلخص في مبالغ تستحق على وزارة الإشغال العامة والإسكان


لمشاريع قيد التنفيذ ، وكذلك على وزارة الصحة تتعلق بمستحقات للمستشفيات ومستودعات الأدوية، بالإضافة الى مبالغ على شركة الكهرباء الوطنية تستحق الى شركة مصفاة البترول. واستنتاجا مما سبق فإننا نعتقد أن الحكومة قد تلجأ لمعالجة الوضع الى ممارسة ما اعتادت عليه الحكومات المتعاقبة من إصدار ملاحق موازنة قبل الشروع بالإنفاق، أو بعده مما يشكل مخالفة لنصوص الدستور.
ومن الجدير بالذكر انه لا بد من تفعيل دور الموازنة العامة للدولة في خدمة أهداف التنمية الشاملة والمستدامة يقتضي الحفاظ على التوازن بين الإنفاق المدني والاجتماعي من ناحية والإنفاق العسكري من ناحية أخرى . ويلاحظ أن الإنفاق العسكري منذ 2005 قد تزايد بالأرقام المطلقة والأرقام النسبية، حيث ارتفع بين عامي 2005 و 2011 من 753 مليون دينار عام 2005 الى 1924 مليون دينار عام 2011 ، وارتفعت نسبته الى مجموع الموازنة العامة من 22% الى 30%.

وتفيد الأرقام الواردة في موازنتي 2005 و 2011 إن الإنفاق العسكري عام 2005 يقارب في حجمه النفقات الرأسمالية الإجمالية؛ أما في عام 2011 فقد ارتفع الإنفاق العسكري الى حوالي ضعفي النفقات الرأسمالية الإجمالية . ولا بد في هذا المجال من أخذ دراسة المركز الوطني لحقوق الإنسان بعين الاعتبار والتي صدرت مؤخراً ، حيث ذكرت أن نسبة الإنفاق على التعليم والصحة والعمل مجتمعة كانت 22% ، مقابل الإنفاق العسكري البالغ 21% خلال الفترة التي غطتها تلك الدراسة.
ولا بد من التأكيد في ضوء هذه الحقائق على ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الناجحة الأخرى، واخذ المعايير المطبقة فيها لتحديد نسب الإنفاق على الصحة والتعليم والبنى التحتية والإنفاق المدني والاجتماعي بشكل عام مقابل الإنفاق العسكري، وتصميم الموازنة على هذا الأساس.

رابعاً: خسائر المؤسسات والهيئات والشركات العامة التابعة للدولة
لم ألاحظ في الموازنة العامة للحكومة معالجة لخسائر وأعباء الشركات والهيئات التابعة لها والتي يفترض أن تدخل ضمن النفقات العامة باعتبارها مسؤولة عن تسديدها. وبالتالي أوصي بحصر جميع تلك الخسائر والأعباء المجمعة ومعالجتها حسب الأصول المحاسبية ، ولا يعفي الحكومة من أن معالجة هذه الخسائر سوف يتم مستقبلاً ( كما تشير معالجة اختلالات شركة الكهرباء الوطنية ) بحجة انه سوف تتضمن التعرفة إطفاء لهذه الخسائر على مدار السنوات القادمة.

خامساً:- العجز المالي العام الكلي
إن محصلة الأرقام المشار اليها أعلاه في مجال النفقات العامة الكلية والإيرادات العامة الكلية تظهر عجزا كليا عاما (يشمل الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية) يقارب (2065 مليون دينار) شاملا المنح الخارجية.

وبالتالي فان العجز الحقيقي الذي تشير اليه أرقام مشروعي الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية بعد استبعاد كل من المنح الخارجية للحكومة المركزية (870 مليون دينار) والمنح الخارجية للوحدات الحكومية البالغ (96 مليون دينار)، يصبح ذلك العجز (3031 مليون دينار)، أي بنسبة عجز تصل الى حوالي 13.6% من الناتج المحلي الإجمالي قبل المساعدات، وبنسبة تصل الى حوالي 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي بعد المساعدات.


وهذه نسب تقارب مثيلاتها التي سبقت برنامج التصحيح الاقتصادي عام 1989. أؤكد أن هذا الأمر يستدعي اللجوء الى برنامج وطني شامل متوسط المدى للإصلاح الاقتصادي ويتطلب أيضا خطة طوارئ اقتصادية للعامين القادمين دون أي تأخير.

سادساً: الدين العام
1. يظهر من تحليل أرقام الإيرادات والنفقات الكلية أن الإيرادات المحلية الكلية لا تغطي سوى 82,3% من النفقات الجارية، بل أن مجموع الإيرادات المحلية مضافا اليها المنح والمساعدات الخارجية البالغة (6591) مليون دينار لا تغطي سوى حوالي 96% من النفقات الجارية الكلية، والذي سيغطى بالاقتراض حتى بعد استيعاب كافة المنح والمساعدات للحكومة المركزية والوحدات الحكومية. وهذا التراجع في الأرقام يؤكد أن المملكة تعيش خارج امكانتها الذاتية، بل وخارج وعود المانحين والداعمين من الخارج. وهذا يعني أن الحكومة ستزيد اقتراضها حتى تغطي فروقات إنفاقها الجاري وتمول جميع أوجه الإنفاق الرأسمالي بغض النظر عن طبيعته.
2. ورد في خطاب الموازنة أن صافي الدين العام سيبلغ في نهاية عام 2011 حوالي (13260) مليون دينار. وبناءاً على الأرقام المشار اليها أعلاه فان إضافة رقم العجز العام الكلي بعد المساعدات سيجعل رصيد ذلك الدين يصل الى (15325) مليون دينار أردني، بنمو يصل الى حوالي 16%.

وإذا ما نسبنا الرقم المشار اليه أعلاه الى الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2012 فان نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي قبل المساعدات ستصل الى حوالي 70% على أقل تقدير وهو ما يشكل مخالفة صريحة لقانون الدين العام. أما نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي قبل المساعدات فسوف تصل الى نحو 74% على أقل تقدير وهو رقم يشكل بكل المقاييس خطورة كبيرة.

سابعا: الناتج المحلي الإجمالي
لم يرد في الموازنة شرح أو كيفية احتساب مبلغ الناتج المحلي الإجمالي سواء بالأسعار الثابتة أو الجارية لاستخراج بعض النتائج الأساسية كالعجز في الموازنة ونسبة الدين الداخلي والخارجي اليه. هذا مع العلم بأن وزارة المالية كانت في السابق تعلن إحصائيات كاملة عن الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية وسوق رأس المال ضمن خطاب الموازنة المقدم الى مجلس الأمة مما كان يعطي معلومات كاملة للمحللين والباحثين في هذه المجال .

ثامنا : خطر تباطؤ النمو
أشارت بيانات مشروعي الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية وبيان الحكومة أمام مجلس النواب الى أن الحكومة ستقوم بمراجعة 260 سلعة معفاة من ضريبة المبيعات رغبة في السعي نحو إصلاح الاختلالات. وبعبارة أخرى، فان الحكومة تنوي فرض ضرائب جديدة، إضافة الى نية الحكومة خفض الدعم عن المواد التموينية بمبلغ 270 مليون دينار وتخفيض المساعدات الاجتماعية حوالي 90 مليون



دينار. إن الحالات المشار اليها أعلاه وفي ظل السعي لزيادة إيرادات الحكومة بنسبة تصل 8% وزيادة النفقات بنسبة أقل من 4%، تشير بوضوح الى سياسات مالية عامة انكماشية يصعب تطبيقها ضمن الظرف الاقتصادي والحراك الاجتماعي الذي عكسته شعارات مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، وكذلك مناقشات مجلس النواب الموقر في جلسة الثقة. وعلى العكس، فان الحكومة في رأينا ستواجه بازدياد الطلبات لرفع الإنفاق خاصة وأن النمو الحقيقي المتوقع سيكون في حدود 5%،علماً بأن تقديرات النمو حسب آخر دراسة لصندوق النقد الدولي جاءت قريبة من هذه النسبة وهي 2.75% أو كما كان في عام 2011 على أفضل الأحوال.

تاسعا : الإصلاح الاقتصادي
من الواجب ان أشيد بما جاء في كتاب التكليف السامي لدولة السيد عون الخصاونة رئيس الوزراء والذي نص في احد بنوده ان على "الحكومة تنفيذ البرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمة ذلك تعزيز الاستقرار الاقتصادي، ورفع معدلات النمو، ومعالجة قضايا الفقر والبطالة وتحسين البيئة الاستثمارية ..."

وقد التزمت الحكومة في ردها على كتاب التكليف السامي بهذا الخصوص متعهدة "ببذل أقصى ما تستطيع بذله من جهد لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها بلدنا العزيز وفي مقدمتها الفقر والبطالة وستقوم الحكومة بتنفيذ البرامج التنموية والاجتماعية اللازمة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي ورفع معدلات النمو".

كما أنه ليس واضحا حتى اللحظة ماهية قرار قمة مجلس التعاون التي انعقدت في الرياض بتاريخ 20 كانون أول 2011 حول تخصيص مبلغ مليارين وخمسمائة مليون دولار أمريكي للأردن على مدار (5) سنوات قادمة لتنفق على التنمية في الأردن. ومن الواضح أن هذا القرار يساعد في تخفيف الأزمة المالية خاصة اذا ما ترافق مع برنامج تصحيح اقتصادي تتبناه الحكومة.

ولما كنت لا أرى في إعداد الموازنة برنامجا واضحا لتحقيق الرؤية الملكية السامية والتزاما حكوميا بها فإنني أرى ضرورة إعداد برنامج واضح المعالم للإصلاح الاقتصادي وإعادة احتساب هذه الموازنة على أساسه.

عاشرا : معايير المحاسبة الدولية
لما كان الاتحاد الدولي للمحاسبين قد أصدر معايير محاسبية دولية للقطاع العام عام 1998 كتلك الصادرة للقطاع الخاص، وحيث أن المجتمع الدولي بما فيه المانحين والمقرضين يتوقعون التزامنا بها، فإنني حرصا على تطبيق مبادئ الشفافية والالتزام بالمتطلبات الدولية أرى ضرورة اتخاذ قرار حكومي بتنفيذ برنامج التحول المحاسبي الحكومي الى المعايير الدولية بما في ذلك اعتماد مبدأ الاستحقاق بدلا من المبدأ النقدي الذي لا يظهر الالتزامات بشكل دقيق.

أحد عشر: السياسات المالية
يبدو ان الحكومة قد سارت في إعداد هذه الموازنة على نهج الحكومات السابقة دون الأخذ بعين الاعتبار خطورة تنامي العجز في الموازنة العامة والزيادة في المديونية مما يشكل خطرا على الأمن الاقتصادي الوطني. ولذلك لا بد من وضع برنامج وضوابط ثابتة ومحددة تؤدي


الى تخفيض العجز والدين العام وبشكل تلتزم به الحكومات المتعاقبة من خلال إصدار قوانين إلزامية لهذا الهدف اعتمادا على مبدأ الشمولية المستمرة للحكومات المتعاقبة.
ثاني عشر: الأجندة الوطنية
لما كان جلالة الملك المعظم قد اعتمد الأجندة الوطنية بعد الجهد والتكلفة الكبيرة في إعدادها في عام 2005 لتكون برنامجا وطنيا لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وأصبحت بذلك امر ملكيا لبرنامج وطني تلتزم به الحكومات حتى عام 2015 وأعتقد ان عدم الالتزام بها قد ساهم في ما آلت اليه الأمور اقتصاديا واجتماعيا.
من هنا علينا العودة الى هذه الأجندة وتفعيل تطبيقها مع الأخذ بالاعتبار التطورات التي تستوجبها الأوضاع الحالية.

معالي الرئيس
الزميلات والزملاء النواب،
ولما كان مشروع الموازنة سار على نهج الموازنات السابقة التي نوهت عنها في بداية حديثي ولا يرقى الى معالجة الاختلالات المالية الواضحة آنفاً من جهة والى ما تم تداوله مؤخراً حول عدم التأكد من الحصول على كامل المبلغ الموجود في الموازنة العامة كمساعدات من جهة أخرى وأن المبلغ غير المؤكد هو بحدود 350 مليون دينار ، مما دعا اللجنة المالية بطلب تخفيض النفقات بمقدار هذا المبلغ الا ان الحكومة ذكرت أنها سوف تستعيض عن هذا المبلغ بالحصول على قرض من البنك الدولي بمبلغ 250 مليون دولار، وبالتالي لا ضرورة لإجراء تغييرات في الموازنة.
إنني إذ أؤكد ان هناك فرق بين الحصول على تمويل بصورة مساعدات لتمويل جزء من النفقات وبين الحصول على تمويل بصورة قروض لهذه الغاية ، إذ أن ذلك سوف يؤدي الى زيادة العجز بعد المساعدات ، كذلك سيؤدي الى زيادة حجم المديونية وما يترتب عليها من ارتفاع الفوائد.
ولإخراج أسلوب تقديم الموازنة عن النمط السائد الذي أدى الى هذه الأوضاع ، واغتناماً لفرصة سانحة للإصلاح المالي ، فإنني أجد من المناسب كخطوة أولى لهذا الإصلاح بأن يتم تخفيض النفقات الجارية من أبواب معينة بمقدار 350 مليون دينار دون المساس بالنفقات الرأسمالية ، مما يعني تخفيض العجز والمديونية المتوقعة بهذا المقدار أيضاَ ، وبالتالي البدء بإعطاء مؤشرات جادة للمؤسسات المالية المختلفة في الداخل والخارج بأن المملكة بدأت خطواتها الأولية في الإصلاح الاقتصادي مما يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني ويساهم مساهمة جادة في تنمية البيئة الاستثمارية لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي لغايات خلق فرص عمل والتخفيف من ظاهرتي الفقر والبطالة، وبالتالي فإن موقفي من الموافقة على الموازنة من عدمه يعتمد على رد الحكومة حول هذا الطلب تخفيض النفقات كما جاء أعلاه.


معالي الرئيس
الزميلات والزملاء النواب،

لم أتوخ فيما قدمت سوى مصلحة الوطن والمواطن من أجل تحقيق الرؤى الملكية السامية لتصحيح المسار الاقتصادي بالشكل المطلوب ، وما موقفنا هذا إلا انطلاقاً من المسؤولية الدستورية والأخلاقية تجاه شعبنا المعطاء وتجاه الأجيال القادمة التي سوف تحاسبنا إن أحسنا أو أخطأنا واتمنى من الزميلات والزملاء الكرام وبعد هذا التوضيح الموافقة على توصيتي لمجلسكم الكريم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات