ديمقراطية (الرجال الهلايم)


(الرجال الهلايم) عند البدو هم سقط الرجال أو من هم دون الرجال مرتبة فيقبلون لأنفسهم ما لا يقبله الرجال. و في ميادين الحق يتمايز الرجال وتتكشف معادنهم فيميط ميدان الجهاد اللثام عن خور الناس ويعلي أهل الإقدام. وميدان الكرم يُريك كيف أن بعض الناس يمضي حياته ساجدا لدرهم أو دينار بينما آخرون ينفقون ولا يخشون الفقر. وحائط الجيرة يشرح لك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن فقالوا من يا رسول الله ؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه) وفي رواية: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) وهكذا...
بعض (الرجال الهلايم) قد لا يُطرق بابه في العام مرة وقد تمر السنون ولا يدعى إلى وليمة بل قد ينحصر نشاطه الاجتماعي ولفترة زمنية طويلة في نطاق ضيق جدا؛ فلا يتحدث إلا مع أطفاله وزوجته وزملائه في العمل لكن.. ما أن يبدأ التحضير لـ(عرس الديمقراطية) حتى تظهر أهمية أبي فلان وتنشط خلايا النفاق ويروج سوق الهلايم حيث يساق العشرات منهم إلى صناديق الانتخاب بثمن بخس منه المعجل وكثير منه مؤجل.
في مواسم الديمقراطية يُستشار (أبو فلان) وكان من قبل بالكاد يُسمِع صوتَه نفسَه ويُقدّم (أبو فلان) وكان من قبل يَستجدي السلام والتحية.
يرن هاتف أبي فلان وكان من قبل يتفقده في اليوم الواحد مرات ومرات لعل احد اتصل به ولم يسمعه.
في مواسم النفاق الديمقراطي يظهر على شاشة تلفون (أبي فلان) أرقام خاصة وكان من قبل لا يقرأ إلا اسم (المرا) و( أم المرا) و(أخت المرا) و يسمع: (بدنا خبز) و(ما تنسى فوط للولد) واليوم يقال له:(حضورك ضروري) و(بدونك ترى ما رح نتحرك يا أبا فلان)
رجال لكنهم هلايم..
في الديمقراطية صوت واحد من (الرجال الهلايم) يساوي تماما صوت عالم رباني. هكذا هي الديمقراطية تركيبة هابطة من القيم والمبادئ الفاسدة: نفاق,وصولية،تسلق،خداع،غش،وعود كاذبة.
إذا الديمقراطية تتناقض مع مبادئ الدين الإسلامي والحق أنها بحد ذاتها دين.
وصدق من قال: (إن الديمقراطية تعد الأصوات ولا تزنها في حين إن الإسلام لا يعد الأصوات إلا بعد إن يزنها)
فصوت واحدة من البغايا لا يختلف عن صوت أي عفيفة.
وصوت جاسوس وعميل لسفارة أجنبية يعدل صوت مجاهد.
وصوت منافق كصوت صادق.
وصوت فاسق يماثل صوت عدل.
فالديمقراطية تعلي أصوات أهل الخسة.
ولقائل أن يقول: الديمقراطية لا تعلي أصواتهم وإنما تساويهم بالآخرين ونقول لا..بل ترفعهم وترفع قدرهم ومكانتهم حتى يصلوا لدرجة أهل العلم وأهل الخير والفلاح والإيمان والتقوى وحينها ينتهي الاختلاف ويذوب الفرق ويوزن الجميع بميزان واحد؛ يستوي فيه العالم والجاهل والوضيع والشريف والفاسق والتقي والرجل والمرأة...بل يستوي فيه الكافر والمؤمن. الله جل جلاله يقول: ‏﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ ويقول تعالى‏ ( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) والديمقراطية تقول: كلهم سواسية.
لو قدر انه في إحدى المجالس العادية سأل سائل عن حكم شرعي، وهب أن السؤال كان حول الربا أو حول علاقة المسلم بالكافر و المبتدع أو حول الموقف الذي يجب أن يلتزمه الناس من كتاب ما أو من سلطة معينة وكان في الحضور عالم من علماء المسلمين.
فمن سيتصدى للجواب؟
بل إلى من ستتجه الأنظار ابتداءً؟
هل سيلتفت الناس إلى غير هذا العالم؟
لو كان في المجلس غيره من أصحاب الألقاب العالية في الدنيا وحقيقتهم مجرد هلايم مثقفة، كباشا في الجيش أو بريفسور في الكيمياء أو محلل في العلاقات الدولية.. فان الناس قطعا سينتظرون الجواب من العالم ومن العالم فقط. فما بال الأمر يختلف في المجالس النيابية حيث يجيب عن الأسئلة السابقة نصرَاني مُثَلِث، وشيوعي ملحد، ورويبضة فاسق، ووطني لا لون له ولا طعم ولا رائحة يميل حيث مالت الريح، وجاهل لا يميز بين شعر بطنه وشعر عانته.
في المجالس النيابية يُناقش كل شيء. بل من حق الديمقراطية أن تستطيل على كل شيء ولو كان الأمر على اقل تقدير نظريا. فتمنع ما تشاء وتبيح ما تشاء.فأمعن النظر يا هداك الله في حقها في منع ما تشاء كيف انه يساوي التحريم في الشريعة، وإباحة ما تشاء كيف انه يساوي التحليل في دين الله. وبالمثال يتضح المقال، فنقول: في بلاد المسلمين الخمّارات وأماكن الزنا والنساء العاريات ومعاقل الربا ودور التجسس وأقبية التعذيب التي تفتن المسلمين عن دينهم نقول كل هذه المحرمات أو المكفرات موجودة ومحلَّلة أي ليست ممنوعة. فبالله عليكم كل ما سبق هل يخالف القانون ؟ الجواب قطعا لا، فهي مشروعة بموجب القانون. ولو عرض ما سبق على عالم لقال من فوره بحرمته إن كان مجرد حرام وبكفره إن كان كفرا.
هنا أقول: جواب العالم أليس من باب الفتيا؟ ثم أليست الفتيا محصورة في ثلة طيبة من علماء الأمة وطلاب العلم الذين امتلكوا من المؤهلات وأدوات المعرفة ما خولهم القيام بذلك؟ إذا كان الجواب نعم ولن يكون إلا كذلك فان النصراني والشيوعي والرويبضة، والوطني ، والجاهل حلّوا محل العلماء وطلاب العلم. والمجالس النيابية حلت محل مجالس العلم ودور الإفتاء. والقانون الوضعي حل محل الشريعة الغراء.
وأس ما سبق وعنوانه أن (الرجال الهلايم) هم مصدر الأمر والنهي لا الله.
وليس لك بعد ذلك أن تعجب من انقلاب الموازين وانفلات الأمور.
ليس لك أن تعجب إن سُجنتَ بسبب تربيتك لابنك وأخذك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (واضربوهم عليها لعشر ).
ليس لك أن تعجب إن رأيت ابن عمومتك يقاتل جنبا إلى جنب مع الأمريكان ضد أهل الإيمان ومفت بالأجرة يقول له لا حرج.
ليس لك أن تعجب إن رأيت ابنة جارك وقد أدخلت معها إلى بيتها رجلا أجنبي.
ليس لك أن تعجب إن رأيت على شاشة التلفاز امرأة شبه عارية والمذيع يقدمها للمشاهدين على أنها من أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وليس لك أن تعجب إن طلبك نصراني للمحاكمة لأنك رفضت أن يبيع الخمر في متجرك المؤجر له.
لا تعجب أبدا فما دمت قد قبلت بالهلايم أربابا وشركاء من دون الله فعليك أن تتحمل النتائج.
نعم أرباب لان الله جل جلاله يقول ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)(التوبة /31). وهؤلاء القوم الذين جاء ذكرهم في السياق القرآني ما سجدوا ولا ركعوا للرهبان والأحبار وإنما احلوا لهم الحرام وحرموا لهم الحلال فأطاعوهم في ذلك فتلك عبادتهم إياهم كما في الحديث الذي يروي قصة إسلام عدي بن حاتم الطائي.
ونعم شركاء في التشريع لقوله جل جلاله (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى /21). وأهل الديمقراطي يسمون مجالسها تشريعية وأعضاءها مشرعين. والله المستعان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات