ما هكذا تورد الإبل يا معالي الشيخ


الاستعانة بالشيخ الدكتور محمد القضاة وزير الرياضة والشباب للتدخل في إضراب المعلمين دليل على إفلاس الحكومة، وفشلها في إدارة الأزمة، وعزمها اللجوء إلى حلول عبثية تزيد الأمور تعقيداً.
وللشيخ أقول لا تقف في صف الظالم، ولا تضع نفسك في الصف المعادي للمعلمين، ولا نقبل أن نحل مشاكلنا فرادى شاكرين لك فزعتك، ولكنها مظلمة موحدة لـ100 ألف معلم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، فلا تحمل نفسك فوق طاقتها، ولا تركن إلى وعود حكومتك، فأنت تستند إلى حائط مائل، ووعود الحكومات خلَّب!
وأما قولك أن نجعل لله حصة في عملنا، فأنت تعلم أن كل عملنا لله، ولكن الله لا يقبل أن نظلم ويُفترى علينا، نشقى ونتعب ونقبض الفتات، وغيرنا لا صنعة ولا عمل ويقبض الألوف ويحظى بالتكريم والترفيع، وأربأ بك أيها الشيخ الكريم أن تكون من المطففين.
يا شيخ المعلمون لا يطلبون صدقة، وليسوا شحادين، كانت لهم علاوات مقررة قبل الهيكلة، فجاءت الهيكلة وجرفتها، فلا يطالبون إلا بإرجاعها كما كانت وبنفس النسب السابقة، وغير ذلك هو ظلم لا أظنك ترضاه، وليس من الكرامة أن نرضاه، ولا يقبل الله جل في علاه أن نرضاه.
يا شيخ انزل إلى المدارس وخاصة مدارس الذكور المكتظة بألوف الطلبة واستمع إلى المعلمين، وانظر كيف يعملون في أوضاع مزرية لا تليق بالبشر المكرمين من رب العالمين، تحسس مشاكل هؤلاء المعلمين، وادخل إلى قلوبهم، تجد أنهم أحرص الناس على الطلبة وعلى أمن البلد ومصالحه، ولكن طفح الكيل شيخ وبلغ السيل الزبى.
يا شيخ إن الأمم المحترمة لا تقبل لمعلميها إلا أن يكونوا في أعلى مرتبة، وأكرم منزلة، لا تتركهم يطالبون بعلاوات أو زيادات، ولكن تبادر وتسعى إلى رفعتهم وتلبية احتياجاتهم، وتوفير كل الأجواء المناسبة للقيام بعملهم على أكمل وجه، لأن بأيديهم نصف الحاضر وكل المستقبل، ولكن الأمم المتخلفة يا شيخ هي التي حولت معلميها إلى مواطنين من الدرجة العاشرة.
يا شيخ .. ليس للمعلم إلا الله ثم راتبه المتواضع، بينما ينعم غيره بالحوافز والمكافآت والعمل الإضافي والسفريات والإكراميات والعلاوات المختلفة وغيرها الكثير، فلم تعمى عيونكم عنهم، وتفتح وسعها على المعلمين؟! .. أحرام على بلابله الدوح ... حلال للطير من كل جنس؟!
يا شيخ قارن بين جامعي خدم معلماً حكومياً عشرة سنوات وبين زميله الجامعي في مؤسسة مستقلة، فسوف ترى عجباً عجاباً، وبوناً شاسعاً؛ ثرى وثريا، أرضاً وسماء، دنانير وألوف، شقة بائسة وفيلا، مواصلات عامة ومرسيدس، ملابس مستعملة وملابس ماركات عالمية، أمراض وعلل وصحة وتأمين شامل، ... فهل ترضى لأحد أخويك يا شيخ أن يعيش فقيراً محروماً، وللآخر أن يعيش مرفهاً منعماً؟!
يا شيخ تكلفة خبير تربوي أجنبي تافه لا تقل عن ألف دينار يومياً، فلم تستكثرون على المعلم راتب نصف يوم وهو يقدم أضعاف أضعافه، ويملك من الخبرة والكفاءة ومخافة الله أضعاف أضعافه؟!
أسألك بالله يا شيخ أن تسأل زملائك الوزراء هل يقبل أحد منهم أن يزوج ابنته معلماً؟ وهل سألت نفسك لم ينفر الناس بشكل عام من تزويج المعلم؟ لأنه إنسان مسحوق مهمش نتيجة سياسات حكومية مقصودة تهدف إلى تمييع الجيل وإفساده حتى يكون بلا فكر أو رأي أو موقف، جيل تابع ينقاد لكل ناعق!
يا شيخ لو كان عجز الميزانية يتوقف فقط على مطالب المعلمين فقط، فأنا نيابة عن كل معلمي المملكة أعلن تنازلنا عن مطالبنا، وأزيدك من الشعر بيتاً أننا على استعداد أن نتنازل عن رواتبنا كاملة إن تكفلت الحكومة بطعامنا وشرابنا ولباسنا ومسكننا وعلاجنا وتعليم أولادنا. ولكنك تعلم أن عجز الميزانية ضخم، لم يصنعه المعلمون، وإن كنت تنوي تخفيض عجز الميزانية فطالب باختصار عدد الوزارات إلى خمس عشرة وزارة فقط، وتسريح كل المستشارين في كل الوزارات والمؤسسات الرسمية، وتخفيض السفارات إلى الربع، والحد من السفرات الخارجية بكافة أشكالها وصورها ولكل المستويات إلا للضرورة القصوى وبعد موافقة ديوان المحاسبة، وتوقيف رحلات العلاج السياحية تماماً، واستغلال المرافق الرسمية للاجتماعات والاحتفالات والمؤتمرات بدلاً من فنادق الخمس نجوم، والتوقف عن الولائم الرسمية، والحد من الإنفاق العبثي، والتدقيق في العطاءات الحكومية والتأكد من مصداقيتها من لجنة خبراء، ... والقائمة تطول يا شيخ. وقبل كل ذلك إعادة الأموال المنهوبة من الفاسدين الذين يعرفهم كل الشعب الأردني، وتعرفهم أنت أيضاً!
يا شيخ نطقت بالصواب إذ قلت أن دمائنا حسينية وهمتنا حسينية، وقد ثار الحسين على الظلم في قلة في وجه السلطة بكل قوتها وجبروتها، وكل سلطة ظالمة، ونحن لا نريد أن نثور أو نقاوم أو نتمرد، وإنما نطالب بأن تعاد لنا حقوقنا وتحفظ لنا كرامتنا.
أين كان موقفك يا شيخ والمعلمون يصرخون من أجل نقابة غيبت، ومطالب أولية لا يختلف عليها اثنان. ارأيت كيف تعللت الحكومة بالمانع الدستوري وحاربت المعلمين، ولوحقوا في أمنهم وأرزاقهم، ثم جاءت حكومة أخرى أزالت المانع الدستوري وجاءت الفتوى بجواز النقابة. أرأيت أن الحكومات هي التي تعطي عندما تريد، وتمنع عندما تريد، تقرب من تريد، وتبعد من تريد، ترفع من تريد، وتنزل إلى الدرك الأسفل من تريد. أتعلم لماذا؟ لأنها لا مصداقية لها، ولا أمان لها، ولا عهد لها. فالنجاة النجاة منها يا شيخ قبل أن تعض أصابع الندم!
يا شيخ ... المعلمون لا يخربون البلد، ولا يسيئون للبلد، وإخلاصهم للبلد منثطع النظير، ووطنيتهم ليست محل اختبار أو تشكيك أو اتهام لا يشك بذلك إلا من به مس أو تلبسه شيطان رجيم، وهم قد أجبروا على ما فعلوا، فالحكومة همشتهم وأهانتهم وسرقتهم وتغولت عليهم. فلم يا شيخ تصطف مع الجلاد وتصرخ على الضحية، ومثلك يا شيخ كمثل من يناشد الخروف بين يدي الجزار أن يهدأ ويسكن حتى يذبح برفق ونعومة، ولا يطرطش ثياب الجزار!
يا شيخ من يسيء للوطن ويصنع له سمعة سيئة هي الحكومات التي تطنش المعلمين؛ أذن من طين وأذن من عجين، تستخف بالمعلمين ولا تلقي لهم بالاً، وتتطاول عليهم، فإذا رفعنا الصوت وصرخنا بالأنين اتهمنا بأننا نسيء للوطن ونزعج الآمنين، وتنسى وبل وتدافع عن من يغرس الرماح في ظهورنا، ما لكم يا تحكمون يا شيخ؟!
يا شيخ كلامك جميل ودعوتك كريمة، ولكنها ليست في محلها، والكلام في غير مكانة سباب، وهي تحسب عليك لا لك، وقد لاقت الاستياء من معظم المعلمين، لأن صوتك اختفى وصمت يوم محنتهم، وارتفع نصرة للحكومة يوم صمموا على انتزاع حقوقهم.
يا شيخ خذها من أخ لك لا يريد لك إلا الخير، لا توظف الدين لخدمة سياسات حكومية قاصرة، ولا تلعب بعواطف الناس الدينية، فاعتصام المعلمين مطلبي مهني من أجل حقوق مسروقة، والدين يطالبنا بأن نطالب بحقوقنا وأن لا نتنازل عنها إلا برضى نفس، وإلا نكن ظالمي أنفسنا وأسرنا وأطفالنا، ونحن قد نقبل أن نتنازل عن حقوقنا، ولكننا لا نملك أن نتنازل عن حقوق عيالنا في أموالنا، فهل تتحمل عنا يوم القيامة يا شيخ؟!
يا شيخ إن كنت عازماً على حل الأزمة بإخلاص وصدق وأحسبك كذلك، فانصح حكومتك أن تنصاع لمعلميها ومن علم طاقمها فك الحرف، فليس من العيب أن يستجيب التلميذ لمعلمه والطالب لاستاذه، والمريد لشيخه! وليتدخل العقلاء الحكماء للتوسط وإيجاد الحلول التي ترضي الطرفين.
يا شيخ ... هي خطوات محسوبة، وأعمال مرصودة، فلتكن دعوتك "اللهم احشرني مع المساكين" والمعلمون هم مساكين هذا العصر، فلتكن معهم، ولتكن لهم سنداً وعوناً، ولا تصدق ما تقوله الحكومة بشأن استحالة توفير ما يطلبه المعلمون، لانها لا تتوانى أن توفر ما يطلبه المتنفذون ولو على حسابي وحسابك وحساب كل الغلابى ولا تبالي. وانصح زميلك وزير التربية والتعليم أن لا يلوح بالحلول البديلة لأنه لا يملك شيئاً، ولو ملك لفعل من قبله من هو أشد منه قوة وبأساً، والحلول البديلة هي بدائل بائسة لا مشكلة مديرية واحدة إن حلت، ولتسأله إن كان يملك رواتب البدائل، فليعطها لأصحاب الحق المختلس وكفى الله المؤمنين الاضرابات والاعتصامات!
يا شيخ قل الحق، وكن مع أهل الحق، واصطف مع المظلومين، وانح بنفسك لا تصيبك سهامهم، فللمظلومين دعوة لا ترد، واحرص أن تكون لك لا عليك!
mosa2x@yahoo.com



تعليقات القراء

صهيب
بارك الله في البطن الذي حملك يا استاذ
والله انك ""فشيت غلي "
كلام رائع وانتقادئك في محله يا حر
08-02-2012 08:14 PM
معاذ الرعود
تحية لك استاذ موسى , ابدعت , ثم ابدعت
08-02-2012 10:51 PM
حابس المشاقبة
اشكرك اخ موسى على المقالة الرائعة المليئة بالعلم والمعرفة والنصيحة .....كما ازجي اجمل التحية والاكبار للمعلم الاردني الذي لا فضل لاحد فوق فضله والذي علم الوزير او الداعية او النائب او المفتي الذين كنت اتمنى ان يكونوا اوفياء لفضله لا متنكرين لصنيعة.

مؤكدا على ان المعلمين لا يدمرون البلد وانما هم وقود عزته وعنوان كرامته وصمان امانه.
08-02-2012 11:30 PM
عبد العظيم
ابدعت وجزاك الله خبراً
08-02-2012 11:31 PM
عمار
انت اخ موسى الصوت الحر والشريف للمعلمين
08-02-2012 11:32 PM
ديوان عشيرة الكفاوين
مع انني احترم وأقدر الشيخ محمد القضاة بس كلامك كله صحيح وبفش الغل ابدعت استاذ موسى وبارك الله في امثالك
09-02-2012 12:15 AM
Shareif Alsaideh
You are surely say word of gold Mr. Mosa.

Great thanks
09-02-2012 10:21 AM
معلم
بارك الله فيك أستاذي الفاضل وجزاك الله عنا كل الخير اوضحت وأوجدت فأبدعت....... ربنا على الظالم واتكالنا على الله !
معلم
09-02-2012 03:36 PM
حسام الصمادي
ابدعت يا استاذ موسى وكل الحب والاحترام للمعلمين الافاضل وأسأل الله ان يحقق مطالبكم جميعها
09-02-2012 03:49 PM
بشير زكي
استاذ موسى لقد كشفت زيف هذا الشخص ووضعت يدك على الجرح.واقول ..لو كان ...رحمه الله حيا فهل سيقبل ما قلته.ارجوك ان تعود الى رشدك وتعتذر للمعلين. وان تحافظ على السمعه الطيبه لوالدك وعلى الموروث الذي تركه لك.
09-02-2012 04:37 PM
م عمر الفناطسه
ابأ كلامي بالترحم على شيخنا الفاضل نوح القاة عليه الف رحمة ان شاءالله.

عزيزنا الاساذ الفاضل موسى بارك الله بك و سدد على طريق الخير خطاكم للدفاع عن كل مظلوم و جعل قلمكم في صف المظلومين دائما.

و كلامك هذا لا يختلف عليه اثنان.بارك الله بكم مرة اخرى.
09-02-2012 07:35 PM
مت قاعدا ابو محمد المومنى
رغم حسن الضن بنجل ....فقد اخطاء الشبل والله يسترويسامح -وابلغ الاستاذ موسى -والمعلم ضلم وقزم بسياسه دجاتاليه صلعاء وبشكل ممنهج ومدروس ولا اعلم اذا اصحاب الدوله والمعالى يذكرو من علمهم حرفا الا اذا كانو خريجين هارفرد فلا عتب ولا نصب-ويحكم كيف تحكمون؟؟؟
09-02-2012 08:44 PM
معلم
احترم معالي الوزير الدكتور محمد نوح القضاه وادعو الله ان يهديه ويرشده طريق الصواب
وانتي يا استاذي موسى نلت توفيق الله على هذا المقال القيم ونسال الله ان يجعله في حسناتك كنصرة للمظلوم
ان شاءالله
10-02-2012 01:05 AM
من يخسر عندما يكون الحاقد مسؤولا ؟
من يخسر عندما يكون الحاقد مسؤولا ؟


سعة الصدر صفة ضرورية لمن يعمل ويخدم في العمل العام ، سيما الحساس منه ، لان اساس السياسة والعمل فيها اختلاف الرؤى وتلاقحها ، وهي لا تفسد للود او للعمل قيمته بل تعطيه قيمة عليا تعزز المصداقية في وجدان الشعب وذاكرته ، لتكون النتيجة تعزيز منعة النظام السياسي وصلابته.
وهنا نتحدث عن صنفين من المسؤولين ؛ الاول متواضع دمث في خلقه ياسرك لنفسه وعمله ولمن يمثل ، والثاني متكبر حاقد ينفرك ويبعدك عن ذاته وعن النظام الذي يمثله .
دماثة الخلق وصفاء السريرة مغروسة في النفس السوية ، تجعلك اسير من تتعامل معه ، ولا غرابة في ذلك فالانسان بطبعه اسير الاحسان حتى قيل انه عبد الاحسان ..
والحقد وسوء الطوية طبع ملازم لمن يحمله لا ينفك عنه منذ ان تكونت شخصيته الى ان يصبح مسؤولا في موقع ما ، فتقع الطامة بحجم تلك المسؤولية ، وهو ينم عن شخصية ضعيفة مهزوزة ، تبعد النفس عن تقبلها ، حتى ولو تظاهر الحاقد بالهدوء والتدين والبساطة احيانا فهي اسلحة قد تكون ضرورية لممارسة عمله، فهو يصعب عليه المواجهة للمقابل ، فيلجأ الى تخزين المواقف مع من تعامل معهم من اقربائه او زملائه ، ليمارس الحقد عليهم عندما تحين فرصته ، عبر تصفية الحسابات باسلوب الخبث اوالتحتية اوعن طريق تحريض الاخرين على من يحقد عليه..
الامر قد يكون مستوعبا او من السهل احتوائه حين يكون الحاقد شخصا عاديا او مواطنا كبقية الاخرين ، فيصبح القرب اوالبعد منه بحجم خبث مواقفه وحجم الاساءة فيها ..
ولكن المصيبة الكبرى عندما يكون هذا الحاقد في موقع المسؤولية ، يتحمل مسؤولية عامة ، يفترض ان يقدم من خلالها خدمة للدولة او النظام السياسي ، سيما اذا كانت مسؤوليته بمستوى استخلاص النتائج والتوصيات في الصفوف الثانية او الثالثة في مؤسسة ما ، لان هذه المواقع بيدها حبك الوقائع وتنظيمها وخلاصة النتائج والتوصية للمدير او المسؤول الاكبر ، حيث يلجأ الى ممارسة حقده وتصفية حساباته بطريقة لا يدركها من يمارس عليه الحقد ، فتظهر النتائج على ايدي الاخرين ويكون هو (أي الحاقد) يقطف ثمار حقده وهو في موقع المتفرج الذي يتلذذ على ما اقترفته يداه ، ولكن السؤال الكبير على حساب من يصفي هذا الحاقد المسؤول عنفوانه نفسيته المدمرة ؟!
نعم على حساب الدولة والنظام السياسي الذي يفترض انه يسعى لخدمته ، وذلك عندما يستقطب العداوات للنظام وعندما يزيد بل ويوسع من حجم المعارضة له، من خلال استغلال صلاحيات وظيفته ليصفي حسابه على من يحقد عليهم من اقربائه او زملائه السابقين او جيرته وابناء حيه او..
خلاف الراي يثري المسيرة ، ويراقب الاداء للدولة، ويشكل متنفسا سياسيا تنصهر فيه الرؤى، لتشكل بوتقة تخدم النظام السياسي نفسه، وتحافظ عليه من خلال برامج الاصلاح التي تقدم، وتجري مناقشتها واقرارها حسب القناعات بها .
ولكن المسؤول الحاقد على ذلك القريب او الناشط يهمل ذلك كله ويبحث عن كلمة او عبارة او موقف او نشاط ، ليجعل من الحبة قبة ، تأويلا وتسطيحا وامعانا فيما يضمر في نفسه من اساءة وحقد، وليخسر من يخسر حتى ولو كانت الدولة او النظام السياسي الذي يخدمه ، ما دامت اسارير الحاقد تنفرج ويرتاح بها صدره ، لينتقل الى جولة اخرى ومع من هذه المرة ؟!
ولكن الخسارة تبقى وتتراكم على النظام نفسه دون ان يدركها احد ؟!




ما كتبه خبير الادارة د .واصل المومني قبل سنة يتوافق 100% مع هذا المقال الرائع


المتلونون، وقدرتهم على التلون
نحن نعرف أن الانتماء الحقيقي لهذا الوطن هو بذلٌ وعطاءٌ وصدقٌ وانتماء، ومنطلقاته التجرد من التصرفات الرخيصة والقيم الهابطة والسلوك المنحرف، لأن من أعلى مراتب الانتماء البذل الذي يصل إلى درجة الفداء والتضحية، والمنفعة فيه لا تعيق العمل الجاد، ولا تحرف السلوك، لأن المبدأ هو الأساس، وصاحب المبدأ لا تهزه الزوابع، ولا تغريه المراكز.
وعندما تختلط الأوراق وتهبط القيم يستطيع المنافقون أصاحب الألسنة المراوغة، والحركات التمثيلية، القدرة على تلوين الوجه والجلد أن يخدعوا الناس بألسنتهم ويوهموا الآخرين بسلوكهم والانبهار بهم، فتارة يتلونون بالدين، وتارة بالوطنية، وأخرى بالانتماء والإخلاص، فإذا كان الوضع يتطلب منهم البكاء يبكون، أو التودد يتوددون، أو الهدايا يرسلون، أو العنصرية يتعنصرون، أو الكذب يكذبون أو النميمة ينمّون، فهم يعتبرون اللصوصية دهاء والخدعة لباقة والكذب ذكاء، وأكل حقوق العباد مرجله، والخنوع والتذلل مصلحة.
نحن نعيش هذه الأيام مع من تحركهم المصلحة، وتوجههم المنافع ويحكمهم حب الذات والمادة، لديهم القدرة على التلون كالحرباء، يتقنون مهارة الثعلبة، ومقدرة القردة على التمثيل، ذئاب الأخلاق، ضباع الطباع، يميلون مع الريح حيث مالت، يهتفون ويصفقون للمنتصر، ليس لهم ذمم تحدد معالم هويتهم، أينما وجدوا الفرصة التي تحقق لهم أهواءهم ومصالحهم لبسوا ثوبها، وأظهروا الإخلاص لها همهم الوحيد الوصول.
يغتنمون الفرصة ليسرقوا قوت الآخرين، ويتسللوا إلى أهدافهم عن طريق التلون، يبيعون أخلاقهم بمصالحهم ومنافعهم، ويأبى الطبع اللئيم أن يفارق سلوكهم، وتظهر علامات الحقد على جلودهم وجوارحهم، التلون همهم الذي أعمى قلوبهم وأبصارهم.
ما أسوأ الأيام التي نعيش غاب عنا من لديهم القدرة على اكتشاف المتلونين، فقد استطاع المتلونون الممثلون أن يصلوا إلى مواقع كثيرة وحساسة، وأن يتسللوا إلى ثغورٍ خطرة وينمون ويتكاثرون ويُفرّخون في جميع المؤسسات والميادين حتى فسدت أجهزة عديدة بفضل عبثهم وتلونهم، وأفسدوا كل الجهود التي بذلت لتكوين مستقبل أفضل لهذه الأمة.
الوطن يحتاج منا في هذه المرحلة الولاء والانتماء والحذر كل الحذر من الذين يجيدون لعبة التلون على أغصان المصلحة ، والمنفعة، وحتى في الملابس البراقة، والكلمات المعسولة، ودموع التماسيح، والابتسامة الصفراء.
فأصحاب الولاء الصادق، والانتماء الصحيح لا يحبذون صناعة العبارات الكاذبة، ولا يجيدون التمثيل، همهم إظهار الحق والعدل والعمل الجاد، وتغيير الوضع الذي نعيش؛ لأنه أثقل المخلصون في هذه الأمة، ولا يملكون إلا الكلمة الموجعة على ألسنتهم، أو الاحتجاج على هؤلاء الممثلين، فإذا ما نام الناطور عن الثعالب وهي تقطف ثمار العنب؛ فلا بدّ للناطور من أن يصحو?Z يوماً.
حمى الله هذا الوطن العزيز من أذاهم، وشرورهم، وهيأ لولاة أمورنا القدرة على تقييم الرجال، ليبقى الأردن عزيزاً قوياً عصياً منيعاً.




الإدارة: بين الغربة والاغتراب
لا شك أننا نعيش في هذه الأيام أوقاتاً غير عادية في حقل الإدارة التربوية، إذ يشعر المرء بأننا وصلنا من نقطة تاريخية نحو الأسوأ، فعندما نجتاز حاجز الزمن ونلتقي مع الحقيقة وجهاً لوجه يبرز لنا معدن النقائض الإنسانية من كذب وغلٍ وحقدٍ ونرجسية، ويبدو أن الإنسان مهما حاول أن يغطي حقيقته بشتى الأغلفة والمظاهر الكاذبة فإنه في أعماقه يعرف كل شيء...، فالجبان مهزوم في أعماقه مهما حاول أن يخفي، والوصولي كذلك يكشفه سلوكه، وفي السنوات القليلة القادمة سنشهد الألم الذي سنتلمسه نتيجة الجراثيم التي م?Zصُلت بها أقنية الشخصنة، والمغالطة، والتشكيك، والعجز في اتخاذ القرارات، التي تسللت إلى أنسجة التفكير الواعي والإبداعي فلاثت وخربت القلوب والعقول، مما انعكس سلباً على المخرجات التعليمية برمتها، والحقيقة تؤكد أن هؤلاء هم مظهر المشكلة لأنهم أفرزوا هذه المرحلة بكل فقرها، وتناقضها، وعيوبها، وسلبياتها، ومهازلها.
إن عجز هذه الإدارات أو ما يُسمّون (بسماسرة التربية) عن الانسجام مع الواقع التربوي، واستيعاب مراحل التطوير التربوي، وحسن التصرف في اتخاذ القرارات، وطريقة التعامل مع التابعين، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، أحدث هوة عميقة من عدم الثقة بين كوادر مديريات التربية والميدان؛ مما ولّد التشكيك والتناحر، والتباغض والرفض بين العاملين، فضلاً عن محاربة المبدعين، والمتفوقين، والمخلصين لهذا الوطن العزيز ولقيادته، وتبديد جهودهم حسداً من عند أنفسهم، وإيصال المفسدين الذين يلجأون إلى الرشوة، وتبادل المنفعة عن طريق ما يسمونه بالتوريث في المراكز، الذي أصبح يتردد في بعض المديريات بصرف النظر عن المسلكيات الوظيفية، مما جعل كل فرد من العاملين يصل إلى مرحلة انعدام الثقة في هذه الإدارات، وتدنٍ في الأداء.
إن تدني الأخلاقيات بصفة عامة ، والانحراف القيمي المترجم بسلوكات منحرفة، وغياب الأمانة العلمية، والالتزام الأخلاقي، وانتشار التمييز والمحاباة، والنفاق، كل هذا ساعد على انتشار الفساد، وخير دليل على ذلك تعيين بعض المتنفذين، ومن تربطهم علاقات مع بعض المستفيدين للدفاع عن قراراتهم، وتعيينهم على حساب من هم أحق منهم وأجدر، فالقرار غير الرشيد يؤدي إلى السقوط الأخلاقي، وفقدان السلطة القيمية، وبالتالي إضعاف فاعلية النظام التربوي بأكمله، فالمشكلة مشكلة (أخلاق) فالمبادئ التي تأتي من خارج كيان الإنسان تفتح الباب على مصراعيه لحدوث التناقض المحزن بين ما تنادي به وما تفعله، فإذا ما اتخذ المدير قراراً فاسداً، فإن جميع العاملين يلاحظونه ويدركونه، مع أن القرار والصلاحيات بيد المدير لكنّه لم يتنبه إلى السقوط الأخلاقي، وبالتالي ينعكس بشكلٍ سلبي على العاملين، ويؤدي إلى عدم الطاعة، والاحترام المتبادل بينهم وبين المدير.
لقد نظر أفلاطون إلى التربية على أنها كيان عضوي متكامل يستند في قيامه وبقائه على التربية... فالرجل العادل الذي يبذل ما في وسعه ليعطي الدولة قدر ما يأخذ منها، لا أن يستغل موقعه ومنصبه ليأخذ كل شيء فلا يبقي ولا يذر، فإذا اختل العدل يبدأ الفساد ينتشر، وإن فساد النظم التربوية يقود إلى فساد النظم السياسية، لهذا أولت الولايات المتحدة الأمريكية واليابان التربية اهتماماً كبيراً، ففي عهد ريقان(1983) جاء تقرير اللجنة الوطنية المكلفة بدراسة التفوق والسبق في التعليم " امة معرضة للخطر" حول حتمية إصلاح التعليم في أمريكيا، فركزوا على القيادة الإدارية التي تمتلك فن التأثير بالتابعين، والتوازن بين بعدي العلاقات الإنسانية والإنتاج، واحترام قيمة الفرد، وتبني الموهوبين والمبدعين وتحفيزهم، فالمشكلة هي قضية امة تود أن تأخذ مكانتها في عالم شديد التنافس، ليس لديها من أداة لتحقيق ذلك إلا التربية، وأن التاريخ لا يرحم، ونتيجة لهذا الإصلاح تفوقت الولايات المتحدة الأمريكية على العالم سنة(1991).
وفي اليابان في عهد ( طوكو جاوا) تم التركيز على الطابع الأخلاقي في التربية – العدل- وحب الخير للآخرين- وحسن المعاملة- والأمانة والشرف- وتكامل الشخصية على اعتبار أن التعليم خدمة وطنية عامة، وواجبٌ قوميٌ مقدسٌ يتجاوز الفردية والفئوية، ويجسد عامل التوحيد الأهم لعقل الأمة وضميرها، لأن المستقبل البشري لا يحتمل تكرار الأخطاء.
ومن اللافت للانتباه أن المنظومة الفاسدة تضم عدداً من الأفراد داخل المؤسسة التربوية لغايات المنفعة الشخصية، وتخطط لفترة طويلة من الزمن بغرض الديمومة والبقاء للشلة، ففي بعض مديريات التربية والتعليم، تستأثر الشلة بالقرارات منذ التسعينيات من القرن المنصرم، ومن المؤسف أيضاً أن الإدارة العليا منذ زمن بعيد لا تمتلك معلومات كافية عن المفسدين، أو ضعف التواصل مع العاملين في الميدان، والاستماع إلى همومهم، والاكتفاء بالمعلومات الواردة إليهم من الإدارة الوسطى التي تتمترس حول العقاب، والتهديد، والوعيد، وقمع المعارضين لها، وعدم اكتراثهم بسبب خروجهم من طائلة المتابعة القانونية، والتساهل مع قراراتهم، أو الالتفاف عليها، وتركها مطلقة اليد تصنع ما يحلو لها، وتبيع نفسها لمن يدفع أكثر دون أي رقيب أو حسيب، فتحولت هذه الفئة إلى بؤر تضليل، لتتمكن من الاستمرار والبقاء.
ومن المطمئن وما نتلمسه من خلال حديث معالي وزير التربية والتعليم أنه وضع يده على جميع الاختلالات وبمنتهى الدقة والموضوعية والشفافية وبفترة زمنية قصيرة، وتحدث عن ذلك في الصحف الرسمية والتلفاز ونأمل معاليه إصلاح ما فسد وترميم ما هدم، فالتربية وكما قال: بحاجة ماسة إلى"التغيير والتجديد" وكل الأردنيين يُحيّون هذا التوجه الجريء والبناء لخدمة أبناء الوطن.
أعلم يقيناً أن الصدق مع الناس الذين لم يتعودوه أمر من الصعاب، لكنني تعلمت أن الساكت عن الخطأ مثل فاعله ، فلا بدّ من صيحة موجعةٍ تعيدهم إلى روعهم ورشدهم، لأن النظرة القاصرة والتحرك الأعرج والفهم المغلوط والغرور والأنانية القاتلة تعتريهم، وتسيطر على عقولهم.
وعلى أية حال، ينبغي دوماً أن نشد على أيدي العاملين والمعلمين المخلصين خدمة لهذا الوطن الحبيب تحت قيادته الهاشمية الواعية؛ لنبدأ معركة الحق ونطوي ظلمة الليل الذي نأخذ بأثقاله علينا منذ زمنٍ بعيد.


سيدي الكاتب : شكرا لك فهذا مقال رائع وواقعي جدا . وقد اختبرنا وجربنا وعانينا قبل سنة في مديرية تربية عجلون من مدير تربية حاقدا واناني وسادي ومصلحجي ومتلون ومتفرعن ومدعوم من امين عام سابق واخر حالي لوزارة التربية ، ولا يخاف الله ويقدم مصالحه الخاصة التافهة على مصالح الاخرين وعاث في مديرية تربية عجلون فسادا ودمرها واعادها الى الظلام لانه وصل الى هذا المنصب بالواسطة والمحسوبية والنفاق وبطرق ملتوية وخادعة رغم انه كان معلم اقل من ضعيف وامضى 11 سنة يتكسب خارج الوطن ولا زال موظفي مديرية تربية عجلون يعانون الامرين مما احدثه المذكور على الرغم من نقله وبسرعة الربق الى مديرية تربية اخرى ، لقد هدد امننا الوظيفي وعطل حركة الانتاج والابداع في مديرية تربية عجلون . ونشكر هذا الموقع الكريم على نشرهذا المقال. والحمد لله على .......
10-02-2012 03:39 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات