شـرق وغـرب


ظروف عجيبة غريبة هي الأيام التي بدأنا بها هذا العام الجديد ، وليالي كالحة السواد ، دامية ، تساقطت بها أوراق وأوراق لشباب وشابات وأطفال هنا وهناك ، كما تساقطت فيها أوراق الامبراطوريات الاستعمارية في خريف أطماعها ، واندثرت رؤى الطامعين بخيرات العرب وثرواتهم في ضباب غابات افريقيا وصحاري البوادي العربية الممتدة ، ولم تعد بضائعهم وإن رخصت أثمانها تسوق إلا في عالم المعدومين والجياع ، تلاشى بريقها ، و ستلفظها الشعوب عاجلاً أم آجلاً ، كما لفظت جيوش الغزاة المحتلين ، لكن المعركة الفاصلة لم تحسم بعد ، فهم أسياد الكر والفر ، في معارك \" المصير المجهول \" وحلقات المجابهات تزداد سخونة ، ونقاط التوتر ترتفع حرارتها ، وتنخفض درجاتها تبعاً للظروف .
والقنفذ دائماً بإنتظار لحظات التوثب لينقض على الفريسة ، وليبسط من جديد نفوذه ، ويضع قدمه الحديدي على أول طريق منير ليقطع شعاعه ، ولكن دون جدوى ، فالقطار السريع تجاوز كل المحطات ، ولم تعد الأفكار التقليدية قادرة على تجاوز حدود الجدران التي شيدتها الشعوب ، عبر معاناة وصمت لسنين تلو سنين ، ترى متى تعلن الهدنة ويستسلم بعدما ظهر المارد العربي ؟؟؟ ويبرهن قبل فوات الأوان أنه غير منهجه في التعامل مع قضايا الشعوب ، وأنه أصبح يؤمن بحق المساواة ، والتفاعل الحضاري ، وتبادل الخبرات والأفكار بما يخدم الإنسانية، ويعلن موت \" المارد المتجبر \" ؟؟ ولكن الطامعين لا بد أن يكتشفوا طريقة جديدة لبث السموم وسط مناخات العالم النقي ، فالعبقرية لديهم لابد أن تتفتق لخلق طرق جديدة تؤدي بالنتيجة إلى تحقيق ماكان يحققونه والعرب في سُباتٍ عميق ... فهؤلاء \" المستغربون \" و \" المستشرقون \" ، والذين فتحت لهم الجامعات أبوابها على مصراعيها خارج أوطانهم بأعدادٍ وافرة من أصقاع العالم تلقوا العلم على أيدي خبراء ضمن أصول ومنهج وتفكير وفق رؤيا خاصة ، واختيار الموضوعات والدراسات حسب حاجة الدول التي درسوا فيها ، بما يحقق توفير المعطيات المطلوبة ، ليتخرجوا محققين بذلك حالة نزوح فكري معاكس ، ويأتون بمناهج وأفكار وقيم ، بحيث يصبحوا \" الخريجون \" إلى منظرين لمناهج الغرب أو الشرق وأفكاره وقيمه ، والمثل الذي يحتذى به ، وكل ما هو عربي متخلف ورجعي وتقليدي ، ويأنف هؤلاء من متابعة الفكر السائد في بلده ، وينظر إلى إعلامه – وإن كان مستقلاً أو حكومياً – نظرة خاصة ، ويقرأ تحاليل ومعالجات الصحف الأخرى فهي مثاله وحجته في تناول قضاياه المصيرية ، في ضوء تحليلاتها يحدد موقفه من قضايا بلده التي يعيش فيها ، أو العالم المحيط به ... فهو مسلوب الإرادة الفكرية ، وانتزع من جذوره ولم يعد قادراً على ترك مساحة لرؤيا أخرى قادرة على تمييز الألوان ... وكل ما هو قادم هو البراق ، ومقهى وسط البلد لا يعنيه ... وتلك الآثار والمتاحف لا شيء أمام معبد أو حديقة زارها أيام غربته ... وتتضاعف يوماً بعد يوم الهوة الفاصلة بينه وبين مجتمعه وتكبر وتزداد كل يوم حدة ، وكلما نمت براعم الإبداع في بلده وأينعت ...
منطلقاته التي أنتهجها أحادية الجانب ، و لا تبصر غير الرياح الباردة البعيدة الإنطلاق ... كثيرون منهم يشعرون أنهم غرباء في أوطانهم فيقررون الرحيل من حيث أتوا .. ومن هناك يبدأ بعضهم بتصدير معتقدات وتسميات غريبة عن لغة بلدانهم ... ويصبحوا حالمين متسكعين رافعين شعار – المعارضة – في كل شيء ... لأنهم هم منقذوا الأمة ، وشهداء من أجل العدالة والانسانية لأناس يدعون أنهم يحبوهم حباً جماً ... ولكنهم دوماً لم يحبوهم !!.



تعليقات القراء

شمال و
شمال و جنوب
وهيك
بنكون
تعلمنا
الجهات الاربعه
يا حلوين
وخلص درسنا اليوم يا حلوين
09-02-2012 09:41 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات