الإصلاح في ذكرى مولد رسول الإصلاح


يقول برنارد شو عن حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: "في رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها." ويقول أيضاً: "ما أحوج العالم الى محمد ليحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة."
هذه قناعة مفكر غربي غير مسلم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإيمانه المطلق بقدرته على حل مشكلات العالم بسهولة ويسر، فأين إيماننا نحن الذين نزعم الإسلام برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وثقتنا بأنها الخلاص وسفينة النجاة مما يلم بنا من خطوب ومشاكل وصعاب ما زالت تتلاطم منذ عقود دون أن تلوح في الأفق بارقة أمل، بل يزاد الظلام ظلاماً، وتتكاثف الأنواء، وتوشك العاصفة أن تقتلع كل شيء.
وقناعة برنارد شو بمحمد صلى الله عليه وسلم ليس مردها أنه نبي مؤيد فحسب، بل لأنه رجل وضحت أمامه الرؤية، رجل نظيف طاهر، رجل نقي من الأهواء والمصالح، رجل يمتلك الحكمة والفكر الصائب والقدرة على سبر الأمور، رجل يعالج كل مشكلة بقدرها وفي الوقت المناسب دون تأجيل أو ترحيل أو تهرب من المسؤولية، رجل لا يرى نفسه فوق غيره، لا يسابق أصحابه على مغنم، ويسبقهم إلى كل مغرم، رجل تعالى أن يحيط به نظم من الشعر أو نثر من الخطب.
ولو حاولنا أن نستفيد من أساليب ونهج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في حل مشكلاتنا المعاصرة لما أعجزنا ذلك، ولكن عقول من يزعمون الإصلاح تعفنت، وعزائمهم خائرة، ونياتهم فاسدة، وخطواتهم متعثرة، وقواهم خائرة.
الإصلاح وحل المشكلات لا يتطلب معجزة، ولا الاستعانة بالجن، ولا بالحجب والسحر، الإصلاح يتطلب فقط إرادة وقوة وعزيمة وإيدٍ نظيفة وقلوب مخلصة طاهرة، وهذه لا تتوفر في معظم من يطنطنون بالإصلاح صباحاً ومساءً، وأشبعونا شعارات وخطابات حتى يصدق فيهم القول "أشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل"!
محمد صلى الله عليه وسلم جاء برسالة ومنهج حياة يصلح للبشرية في كل زمان ومكان، ولكن يأبى الجهلة إلا التنكب لهدى محمد صلى الله عليه وسلم، ليركبوا أهوائهم، ويتبعوا شهواتهم، ويحققوا مصالحهم، لأنهم يعلمون أن هدى محمد صلى الله عليه وسلم يقضي على فسادهم ودناءة أنفسهم.
تتعاقب الحكومات حكومة إثر حكومة بل قل مصيبة وراء مصيبة، وكل حكومة تلعن أختها، وكلها دون استثناء تنادي بالإصلاح، وتريد الإصلاح، وستعمل على تحقيق الإصلاح، ومن أهم أولوياتها عملية الإصلاح، فتذهب كل حكومة وتترك وراءها فساداً جديداً، ويتراجع الإصلاح خطوات، فيدب اليأس في النفوس، ويزداد الإحباط، وتظلم الدنيا أمام الناس، لأن لا أمل في أن تتحسن الأحوال.
الإصلاح ليس مستحيلاً إن صدقت النوايا، وتولاه الرجال الثقات، ممن يتصفون بالأمانة والقوة، فالمشكلات واضحة، وأسبابها معروفة، وطرق المعالجة لا تخفى على أحد، فلم لا نجد أي خطوات في الاتجاه الصحيح؟!
لقد أصبح واضحاً أن الحكومات بأشكالها الظاهرة والمستترة قد اتخذت من دعاوى الإصلاح ملهاة تخدر بها المواطنين، تضييعاً للوقت، حتى يمل الناس، ويصيبهم الإحباط واليأس، فيكفوا وتتوقف مطالبهم بالإصلاح، لأن الإصلاح نقيض للإفساد، ولا يمكن أن يقوم بالإصلاح من تلوثت يداه بالفساد أو سكت على فساد أو شجع على فساد.
ولعل أكبر مثال على ذلك أكذوبة الهيكلة التي هوت على الموظفين كصفعة من العيار الثقيل، بعد أن أوهموا الموظفين بالأحلام والرواتب العادلة المنصفة، وأكملها وزير همام بأن الهيكلة لا تهدف لرفع الرواتب وإنما لإزالة التشوهات. أرأيتم أسخف من هذا التبرير ليدافع عن أكذوبة الهيكلة التي قضت على مصداقية الحكومة وقدرتها على تحقيق أي شيء إيجابي للمواطنين، ولم يجرؤ الوزير الهمام أن يعترف بأن الحكومة لم تستطع أن تقترب من أعشاش الدبابير، فخرجت بهيكلة مفرغة من محتواها إثمها أكبر من نفعها، سترحل الحكومة وربما حكومات قبل أن تعالج أثارها السلبية، وبدلاً من أن يطالب الشعب بالإصلاح، سيطالب من الآن فصاعداً بإصلاح ما أفسدته الهيكلة!
الاحتفال بمولد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، لا يكون بالكلمات الرنانة وذكر صفاته وقراءة سيرته فحسب، بل يكون بالتأسي به، والاقتداء بسنته، والسير على خطواته، والاستفادة من سيرته وأسأليبه وطرقه في معالجة المشكلات، وإذا كنا في وسط العواصف والأنواء والخطوب لا نعود إلى قائدنا العظيم ونبينا الحبيب وأعظم مصلح عرفته البشرية، فمتى إذن؟!
mosa2x@yahoo.com



تعليقات القراء

جخيدم
الكريم و المبجل

موسى ابو رياش

من كثر ما قريت عن

الفساد و عايشته

صرت اقدر اكتب

جمله

عنه

اما اصلاح\صلاح\صالح\صويلح

هاي الشغلات

كلها

روح قلب

عنبوط

فلنقعد

و لننتظر

مع عظيم مودتي و احترامي
05-02-2012 09:18 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات