هكذا يحقن المواطن الأردني بالفساد - الحلقة الأولى


بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على حبيبي الأول و على آله و صحبه أجمعين و بعد:

قال تعالى: } ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) {آل عمران:104 (
و قال تعالى: } يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) {المائدة:105(

صار الكل في مجتمعنا يتحدث عن الفساد و كأنه شبح جاء من بعيد و ظهر فجأة ليهاجمنا.. فهل هو حقاً كذلك؟ كيف ظهر الفساد في مجتمعنا؟ و هل الفساد مرض له أعراض واضحة نستطيع من خلالها تشخيص المصاب؟ هل الفساد مقتصر فيمن احترفوا السياسة؟ أم في أشخاص من علية القوم؟ أم أن لدينا نسيج مجتمعي يفسد شيئاً فشيئاً؟

للأســف أقــول: نحن نتغذى يومياً بوجبات فساد طوعاً أو كرهاً، و قد انتشر الفساد في كل حي و قرية، فليس الفساد صفقة تسرقها أو شركة تفلسها أو مشروع وهمي تستولي على مخصصاته فقط!
فالكذب فساد، و الغش فساد، و الفتنة فساد، و الغيبة فساد، و التبلي على هذا و ذاك فساد، و الظلم فساد، و الإسراف فساد، و النفاق فساد...
بأشد اختصار .. كل ما يغضب الله فساد.

لذلك أقول .. الفساد في معظم ما حولنا، الفساد ممارسة يومية، بل و يغرس فينا منذ الطفولة إلى المدرسة ثم الجامعة ثم بيئة العمل و حتى الممات، فإما أن يجد في أنفسنا بيئة خصبة ينمو فيها و يترعرع أو أن يجد صخراً يمنعه من التغلغل و النفاذ.

و لأظهر البينة على ما ادعيت سأكتفي في حلقتي الأولى هذه بالحديث عن مرحلة الطفولة و كيف تصل حقن الفساد فيها للأطفال، و سأقدم حلقات أخرى إن شاء الله لأتحدث عن فساد المدرسة و الجامعة و العمل.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: )) ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه..)) فما من اتصال للأطفال مع المجتمع إلا عن طريق الأبوين، فهل حقاً الأبوين الذين يحرصان على تربية أبنائهم على الصفات و الأخلاق الحميدة يساهمون في زرع الفساد في أبناءهم؟

الجواب في أحيان كثيرة –و للأسف – نــعــم!

الكثير من حقن الفساد تزرع في الأبناء من قبل الأبوين دون قصد منهم غالباً، و إليك عزيزي القارئ على سبيل المثال لا الحصر بعض هذه الحقن:

- حقنة الكذب: من أبسط الأمثلة عليها و التي كثيراً ما نشاهدها حين يبدأ هاتف الأب أو الأم بالرنين و المتصل شخص غير مرغوب الحديث معه لسبب أو لآخر، فيعطوا الجوال لطفلهم ليقول للمتصل أن الأم نائمة أو أن الأب نسي الجوال و خرج أو ... الخ من هذه الأعذار.. فيزرعون بذلك بذرة الكذب في ابنهم متناسين أنهم كانوا البارحة يحذرون ابنهم من الكذب و أنه حرام و أن الشخص الجيد لا يكذب أبداً!
- حقنة البذائة: و أمثلتها كثيرة في مجتمعنا، سواءً رن شخص في وقت متأخر من الليل ليقول أن الرقم خطأ أو حين يتحدث الأب مع شركة الهواتف الخلوية ليسألهم عن سبب اقتطاع دينار الجامعات أو الاشتراك الشهري أو حين تحاول الأم المشاركة ببرنامج مسابقات تلفزيونية و غيرها.. و بعد انتهاء المكالمة دون الوصول للهدف المرجو تبدأ الشتائم على الشخص أو الشركة أو حتى الحكومة و الإبن يستمع و يخزن، فتكون نقطة حبر سوداء أخرى على صفحة طفلهم التي كانت بيضاء.
- حقنة الغيبة: فما من جلسة بين الأب و أصدقائه أو الأم و جاراتها – الا من رحم ربي- إلا و يطاف بها على أهل الحي جميعاً و ربما الوزراء والنواب فيطعنون هذا و يقذفون هذا و يسيئون إلى تلك و يهاجمون ذاك و الابن يستمع و يتلقى و يتعلم فنون مهاجمة الغائبين وينسجم و هو يراقب والديه يأكلون لحوم الناس و لعله يتساءل: لماذا الحديث دوماً عن الأشخاص الغائبين!

لا أحب قراءة المقالات الطويلة، ولذا لن أطيل في مقالتي بذكر الكثير من الحقن الأخرى التي تشكل مطعوم الفساد في مرحلة الطفولة، كحقنة الغش و التبذير و الغل و الحقد و السخرية من الآخرين وغيرها، و لكني أذكر الجميع أن الإصلاح يبدأ من النفس أولاً ثم من الأسرة ثانياً، و قبل أن نشير بأصابعنا إلى هذا و ذاك فلننظر لأنفسنا و نصلحها ثم نطالب الآخرين بالإصلاح، و لننشئ جيلاً قادراً على مجابهة الفساد و الفاسدين بدلا من تخريج فاسدين لا يجيدون إلا الحديث عن الفساد.. و للحديث بقية.



تعليقات القراء

مُتابع1
الكاتب المحترم
مالك المومني
حُسن اختيار العنوان جزء هام من جودة المقال
وتضمينك المقال الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة سبب آخر
ولكنّي وهذا موضوع شخصي حافظت عليه من الصغر
لا أحب الحُقن
وعند بعض الأخوة اذا ارادوا ذمّ شخص
قالوا عنه ( حُقنة )
شكرا لك
01-02-2012 07:32 AM
فنيخر
المبجل
متابع1
لا اله الا الله
انك تخيفني
تماما
مثل :عنبوط
لقدقرأت العنوان وهممت بالتعليق:
بنفس فحوى تعليقك الكريم
"انا اخاف الابر و الحقن"
وطول(و عرظ(بالظاء) كمان,
حياتي ,لم أأخذ
لا ابره ولا حقنه
ويتشنج جسمي
عند رؤية اي منهما

مع عظيم مودتي

هلاحظهمن هذلول
الكاتب المبجل
الاستاذ:مالك المومني
لقد بدأ احد الكتاب الكرام مقالا بعنوان"الاردن... انجازات عظمى ح 1
ولا ازال انتظر الحلقه الثانيه
اياك ان تفعل فعلته
و تذكر صفات المنا...

مع عظيم مودة فنيخر
01-02-2012 09:28 AM
مالك المومني - كاتب المقال
أشكركما على المتابعة و التعليق، أبعد الله عنا حقن الفساد، و رزقنا مطاعيم التقوى و الاستقامة و النزاهة.. أما بخصوص باقي الحلقات.. أعانني الله على نشرها و أعوذ بالله من النفاق و المنافقين
كل الحب والاحترام
01-02-2012 01:49 PM
فنيخر و هذلول
البجل و الكريم
مالك المومني
كل التقدير و الاحترام
على الرد
فهذا يدل على:
طيب اصلك و سمو خلقك
01-02-2012 02:04 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات