الإخوان والهوية الوطنية الأردنية


لم يبد الخطاب الاخواني ببعديه الفكري والسياسي اهتماما يذكر بمسألة الهوية الوطنية الأردنية، وذلك له أسبابه، سواء لجهة طبيعة المرجعيات الدينية والفكرية للجماعة، أو لجهة مراعاة التكوين الاجتماعي لها ، إضافة إلى طبيعة تجربتها التنظيمية ،التي أبقت على الالتحام التنظيمي قائما حتى وقت قريب بين جناحيها الأردني والفلسطيني . ومن هنا لم تعن الجماعة على الاطلاق ببلورة الهوية الوطنية الأردنية بوصفها هوية نضالية ينبغي تعزيزها إلى جانب الهوية الوطنية الفلسطينية في مواجهة الادعاءات والمخاطر والبرامج الصهيونية، التي تهدد كلتا الهويتين. ولم تحفل الهوية الوطنية الأردنية داخل أطر الجماعة التربوية والتثقيفية والإعلامية والسياسية والنقابية والطلابية بأي اهتمام يذكر، بل جرى التعامل مع من يحاول إبرازها داخل الجماعة بوصفه مثيرا للفتنة أو لشكل من أشكال الثقافة الجاهلية،أما الهوية الفلسطينية فلم يجر التعاطي معها ببعدها الوطني النضالي ،وإنما بوصفها هوية شعب مسلم يواجه عدوانا واحتلالا.
وفي ظل جدل الهوية الدائر عبر عقود في الأردن ،فإن الجماعة بقيت تنأى بنفسها عن هذه المواجهات الفكرية والسياسية ، مفضلة البقاء في المساحة الرمادية ،التي تعلي من شأن الرابطه الدينية بين شعوب الأمة،والتي تنظر للأردن باعتباره " أرض الحشد والرباط" ،المعني بنصرة قضية فلسطين المسلمة،هذه العموميات سمحت للجماعة بالإفلات من وضع النقاط على الحروف فيما يخص تعقيدات العلاقة الأردنية – الفلسطينية . وفي السياق ذاته بقي الموقف الاخواني منشغلا بالحديث إعلاميا عن حق العودة، فيما هو عمليا يرسخ نهج التوطين عبر الموقف والسلوك .
وجاء موقف الجماعة الرافض لقرار فك الارتباط الاداري والقانوني مفضلا للمصالح التنظيمية على حساب المصالح الوطنية الأردنية -الفلسطينية في بلورة الهوية الوطنية الفلسطينية ، وحماية الهوية الوطنية الأردنية ، ودعم إقامة الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني،ومحاصرة الطروحات الصهيونية حول الخيار الأردني والوطن البديل والدولة البديلة . وتبين أن هذه المخاطر الصهيونية المهددة للهويتين لم تستفز الجماعة ولم تلجئها إلى بلورة تصور فكري - سياسي عملي ينطلق من محددات الواقع ، ويتطلع لمعالجة إختلالاته، ،ويواجه المخاطر المعلنة والخفية .
أما اليوم وفي ظل الضغوط المتصاعدة لإعادة ترسيم المشهد وفقا لخيارات التوطين ، لا نجد سوى تشكيكا إخوانيا بما يسميه المراقب العام "فزاعة الوطن البديل"! ولم نسمع رفضا إخوانيا للضغوط والمطالبات والمواقف الأمريكية المنادية بالتجنيس المكثف . والمدهش أنه في ظل كل التعقيدات والهواجس المعلومة جيدا إخوانيا جاء البيان الأول لشباب24 آذار ذي النقاط الثمان مؤكدا في بنده الثالث على ما سمي (الكثافة السكانية) . كما يجيء التبني الاخواني اليوم للمطالبة بالملكية الدستورية والحكومة المنتخبة في هذه السياقات المثيرة. ولم تأت المقاربات الإصلاحية السياسية التي تقدمها الجماعة في العموم مراعية للخصوصية الأردنية و جدل الهوية وتحدياتها ؟
ما دفعني لهذه المقاربة هو قول الدكتور رحيل غرايبه : "الإصلاح قادم لا محالة, ذلك الإصلاح الحقيقي الذي يحافظ على هوية الأردن الوطنية وروح الانتماء للمشروع العربي النهضوي الكبير " ؛ فللمرة الأولى أقرأ كلاما إخوانيا حول الهوية الوطنية الأردنية !! لكن المعضلة تكمن في كيف نوفق هذا الكلام مع مجمل الخطاب والسلوك العام للجماعة ،إضافة إلى جهلنا بالرؤية الاخوانية إن وجدت لقضية الهوية الوطنية الأردنية بعيدا عن العموميات والتنظير والشعارات،كما أن من حقنا الشعور بأن التطمينات الإخوانية حول رؤيتهم الاصلاحية المحافظة على الهوية الوطنية الأردنية تجيء لتؤكد المخاوف لا لتنفيها .



تعليقات القراء

فنيخر
الكاتب الكريم
د.بسام البطوش
لقد مللت من التعليق على مصطلحات:
الهويه\الانتماء\الوطنيه....
و سواء كان موضوع هذه القضايا مع الاخوان المسلمان او خيرهم من الاخوه
فهي:

لقد طرقت موضوعا شائكا


في الغرب اجهدوه بحثا


الهويه:كلمه تجريديه

Abstract Expression

ومن الصعب تحديد مفهومها

لذا تريث

و لقد تم تشكيل لجان و ليس لجنه و عده مرات و على مستويات عاليه
لتحديد مفهومها

مع عظيم مودتي و احترامي
جراسا و المحرر الكريم
شكرا


31-01-2012 11:17 AM
اردني محافظ على الهويتين
القرار يجب ان يكون بيد الشعب الاردني فقط للأنه المتضرر الوحيد والكل مستفيدون من عدم تعريف وابراز الهويه الاردنيه
31-01-2012 11:20 AM
عبدالقادر
د بسام الله يعطيك العافية لا تطلب من الاخوان ما لم تفعله الحكومة والدولة بشكل عام واغفلته او تركته قصدا فالدولة هي التي من المفترض ان تحدد معالم الهوية الوطنية وتسعى لتثبيتها وبثها والتغني بها ...نحن نعيش بلا هوية والاخوان كما ذكرت يذكرونا بهويتنا ومرجعتينا الاسلامية دون التطرق لشيء قد يفضي الى جدل شائك وهو عين العقل ...
31-01-2012 02:40 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات