الحرية والعدالة والمساواة


الحرية: باتت قضية الحرية سواء على مستوى الفرد او مستوى الجماعات وحتى مستوى الدول محور الاهتمام في هذه الايام،صحيح ان كلمة الحرية كلمة سهلة، قد يقولها الفرد دون ان يعيها أو يعيشها بالفعل،فالقاتل والمخمور والسارق قد يبرر تصرفاته الخاطئة بإدعاءه أن ماقام به يقع في نطاق حريته فماذا تعني الحرية. فالحرية تعني تخليص الانسان من الأسر وضيق الحجر، وجواز تصرفه في كل حق من حقوقه الانسانية التي سوغها العقل وقضت بها اصول الاجتماع ، بحيث يكون الانسان مالكا لإرادته لا بهيمة تتحرك بإرادة سواه، وأن يكون مالكا لثمرة عمله لا حق لآخر بحرمانه منها،وأن يكون مالكا لأمنه لا سلطان يسلب منه ذلك،ومتى فقد الشخص واحدة من هذه الثلاث سلب منه معنى الحرية وصار كالحيوان يتعب ليأكل سواه ويشقى ليسعد غيره ويسعى ليموت هو ويحيا من عداه.
تحدث الانسان عن موضوع الحرية منذ بدايات تاريخه وفي كل العصور ، فقال عمر بن الخطاب \" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا\"، وقال جان جك روسو\"لاحياة للأمة بلا حرية ولا حياة للحرية بلا فضيلة\"، وقال جورج واشنطن\"إنه اسهل عليك أن تزحزح الجبال وتقذف بها بعيدا من ان تفلح في وضع اغلال العبودية في اعناق الذين يصرون على الحرية\"، ولكن للحرية معوقات، قال المنفلوطي\"يعيش الانسان رهين المحبسين، محبس نفسه ومحبس حكومته من المهد الى اللحد، وإن الانسان الذي يمد يده لطلب حريته ليس بمتسول ولا مستجد،وإنما هو يطلب حقا من حقوقه التي سلبته إياها المطامع البشرية، فإن ظفر بها فلا منة لمخلوق عليه، ولا يد لأحد عنده\".وحتى تكون الحرية سليمة ومصونة فإنها تقوم على دعامتين (القوة والحكمة)،والله سبحانه وتعالى خلق الانسان ومنحه حرية الاعتقاد والتعبير والتصرف،فكيف للانسان أن يسلب أخيه الانسان حريته وبالتالي يسلبه إرادته وآدميته؟

العدالة: تعد العدالة واحدة من أكثر الموضوعات قدسية وشيوعا في السلوك الاجتماعي،ويمكن للعدالة أن تتخذ وجوها متضاربة جدا حتى ضمن المجتمع الواحد،فأينما كان هناك أناس يريدون شيئا، ومتى كان هناك موارد يراد توزيعها، فإن العامل الجوهري المحرك لعملية اتخاذ القرار سيكون احد اوجه العدالة.
للعدالة سيادة على غيرها من المفاهيم المقاربة، كالحرية والمساواة، ذلك لأنها لا تقف عند حد معين.فقد يطالب الناس بمزيد من الحرية، وفجأة يتوقفون عند حد معين حتى لا تنقلب الحرية الى نقيضها، الا انهم لا يستطيعون التوقف عن محاولة ان يكونوا عادلين، ولا يستطيع اي مجتمع أن يصل الى درجة الاشباع في تحقيق العدل، لأنه لا يوجد حد للعدالة،فالعدالة هي الخير العام الذي يستطيع تنظيم العلاقة بين مفهومي الحرية والمساوة.
تعرف العدالة بأنها إعطاء كل شخص حقه حسب القانون المدني مع ضرورة احترام حقوق الآخرين. وهي بهذا المعنى تعارض مبدأ الانانية الساذج الذي يزعم لنفسه حق امتلاك كل شيئ، كما تعرف بكونها التقسيم الصحيح والدقيق للخيرات والثروات على الجميع عن طريق قاعدة النسبية. يترتب عن هذا التعريف أن العدالة توجد في وضعية متناقضة مع الحق،فالحق يختلف عن القانون لأنه يتحرك في مجال الإمكان والحرية، بينما القانون يتحرك في مجال الضرورة والاكراه. وقد جاءت ، ايات كثيرة في القرآن الكريم تأمر بالعدل وتحث عليه وتدعو الى التمسك به،قال تعالى\"إن الله يأمر بالعدل والاحسان\" ويقول ايضا\"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل\"، والعدل إسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته سبحانه.

المساواة: لا شك أن مبدأ المساواة بصفة عامة يعد أهم المبادئ الانسانية التي تحرص الأمم والشعوب على التمسك به ودعمه في مختلف نواحي الحياة،فلا ينبغي أن تقوم في المجتمع البشري اي فوارق نابعة من اختلاف الأصل او الجنس او الدين. يقول ابن منظور\"ان الاصل في عدم التساوي راجع الى أن الخير قليل في الناس ،فإذا تساووا في الشر ولم يكن بهم خير هلكوا\".
ويعتبر مبدأ المساواة من المبادئ العامة للقانون ويرتكز على اساس من الفلسفة السياسية للديمقراطية بإعتبار ان الحرية لا توجد ما لم تكن متاحة للجميع ، وتعرف المساوة اصطلاحا بأنها\"تماثل أمام القانون، وتكافؤ كامل إزاء الفرص،وتوازن بين الذين تفاوتت حظوظهم من الفرص المتاحة للجميع\"، ويتمثل معنى المساواة في القيمة الإنسانية المشتركة في الاعتقاد بأن الناس جميعا متساوون في طبيعتهم البشرية، وانه ليس هناك جماعة تفضل غيرها بحسب عنصرها الإنساني.
والمساواة سمة من سمات الاسلام، وأصل من اصوله، فالاسلام يقر ان الناس سواسية، وفي ظله تذوب فوارق الجنس واللون، وتتحطم صفة الحسب والجاه والسلطان، فلا تفاضل بينهم في انسانيتهم، وإنما التفاضل يرجع لأسباب اخرى.فالله سبحانه وتعالى خلق الناس بحسب فطرتهم متماثلين، وكذلك ولدتهم امهاتهم احرارا متكافئين، ولكن دخولهم في ملاحم الحياة الاجتماعية ينزع عنهم لباس التماثل والتساوي.
إن مأزق اللامساواة بين الاشخاص والطبقات والثقافات والدول هي التي تثير انزعاج الانسان من ذاته، وإن عار الفوارق الاجتماعية هو الذي سبب الاعراض عن القيم الاخلاقية، والنظر بإشمئزاز الى القوانين السياسية.

الحرية والعدالة والمساواة :هي الاقانيم الثلاثة والاركان الاساسية التي يشيد عليها صرح دولة المواطنة ، دولة القانون وسيادته، دولة المساءلة قرينة الصلاحيات ، دولة الصلاح والإصلاح وليس كيانات الفساد والإفساد، دولة تضم شعبا من المواطنين وليس تجمعا بشريا من الرعايا و البدون، دولة العدالة الاجتماعية والاقتصادية، ِدولة الشخص المناسب في المكان المناسب، وليس دولة توريث المناصب، دولة يعلو فيها القانون ولا يعلى عليه، دولة يسمع فيها اصوات الناصحين الصادقين وتكمم فيها افواة الحاقدين والمنافقين والمتملقين والفاسدين.إذا تحققت دولة المواطنة فمن اعطياتها اجيال من الشباب المتسلح بالإنتماء والولاء والاعتزاز بالأمة تاريخا وحضارة وثقافة ، فتكون الدولة منيعة وعصية وقادرة على التعامل مع التهديدات والتحديات الداخلية منها والخارجية من خلال التوظيف الصحيح لعناصر قوتها الوطنية والقومية.

Fayez_dwairi@hotmail.c0m



تعليقات القراء

فنيخر
الكاتب الكريم و المبجل
الدكتور:فايز الدويري

من مدونات الدوله العثمانيه
لرعاياها:
وهو منقوش على عملتها
ملاحظه:انا من هواة جمع العمله
لانها مؤشر حقيقي على اقتصاد الدوله و مدى قوتها الاجتماعيه و الفنيه(جمال الخط و النقش)ووزن العمله(كرم الدوله وووووووو,هواة العمله يدركون ذلك.

نرجع الى
شعار الدوله العثمانيه

"حريت,عدالت,مساوات"

مع عظيم مودتي
هذلول:طب ليش العرب
ثاروا
فنيخر
اسكت والا
29-01-2012 12:51 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات