الاقتصاد والمعرفة


في كلماتي هذه دعوة للتخلص من الاقطاعيين ومصاصي الدماء اللذين حولوا المواطن ركيزة البناء في المجتمع الى عامل مغترب داخل وطنه باحثا لاهثا عن قوت يومه وحاجة عياله وبيته , جُلَّ وقته في العمل مقابل دنانير معدودة بالكاد تكفيه حتى نصف الشهر ثم يبدأ معاناة البحث عن دنانير معدودة يُسكت بها جوع نفسه واطفاله حتى مجيء الراتب الملعون .
حيث شكلت طبقة البرجوازيين برجا عاجيا التقرب من اسواره ممنوع فانتجت هذه الطبقة مع كل اسف سخطا اجتماعيا ولـدَ قهرا واحباطا وخوفا على مستقبل الوطن والمواطن وتمخض عن كل ذلك استهتار بمنظومة القوانين واصبح الاذعان للنصوص القانونية يقوم على الخوف لا الاحترام . فتم خرق القانون تارة او الالتفاف على نصوصه وايجاد الاعذار والحجج للخروج عن قواعده الآمرة والعامة والملزمة فاصبحت النصوص القانونية جامدة عاجزة عن ضبط ايقاع المجتمع الذي اخذ بالترنح امام تغول الفقر وشح الموارد ونوم الظمير .
فظهرت نتائج مخيبة نتج عنها انتشار السرقات والاعتداء على المال العام والرشاوى , فمن كل عشر بيوت في الاردن هناك بيت للاسف يسرق الكهرباء والماء وعند مناقشتهم في ذلك يقولون هذا مال عام يجوز سرقته مع ان حكم سرقة المال العام اشد من سرقة المال الخاص .
مظاهر اقتصادية ومعرفية كثيرة جعلت هناك حراك سلبي داخل طبقات المجتمع الثلاث , رغبنا في ذلك ام لا . حيث شكلت الطبقة الوسطى في المجتمع الاردني صمام امان لمجتمعنا حافظت على استمراريته على ايقاع وطني وارضية صلبة منذ نهاية السبعينات وحتى عام 1989 وهو عام الشؤم الذي اعلن الحرب على هذه الطبقة فاصابها في مقتل انهكها وجعلها تتأرجح فانتقل منها من انتقل للطبقة البرجوازية وهم قِلة والباقي عانوا مرارة السقوط إن جازت التسمية , نعم سنين عجاف جعلت المواطن بكل أسف لاهثا بين محال بيع الخضروات ومحال بيع الدجاج والمؤسسات الاستهلاكية واحيانا يُعرج على بائع الملابس , وبدا الكثير من افراد هذه الطبقة يلجأون الى ترحيل ازماتهم وتفريغها ’ ترحيلها بالاستدانة واستجرار القروض من مؤسسات انتشرت تحت مسميات شتى , وتفريغها باللهو السلبي فانتشرت ثقافة الكوفي شوب والذي جمع فلذات اكبادنا وركائز بناء المجتمع , يلهثون خلف الاراجيل يفرغون جيوبهم وهمومهم هناك فأ ثرت هذه الاماكن على الصحة العامة وعلى الدخل الفردي , واوجدت طبقة مُلاك مترفة مترعة على حساب المواطن وصحته , طبقة تبني فرحها على تفريغ كبت الاخرين وغناها على فقرهم .
وبالمقابل بدات تتشكل في بعض القرى ـ وللاسف ـ عصابات مصغرة لسرقة المركبات الخاصة والعامة , ينامون نهارا ويروعون المجتمع ليلا , يسرقون في الليل ويعودن لمفاوضة الضحية على مبلغ مالي , حتى وصل بهم الامر لسرقة مركبات الدولة . حتى ان اغطية المناهل واسلاك الهاتف لم تسلم في شوراعنا فاعتدينا على مجتمعنا وحاربناه حمل نفر مِنّا مناشير كهرباء لقطع الاخشاب ليلا وبيعها نهارا نستدفيء على حرق الوطن ونبني غنانا على فقره .
نعم ولـَدَ الفقر والعوز قهر اجتماعي انعكست مظاهره على مجتمعنا من عنف مجتمعي تسرب الى ابناءنا في مدارسهم وجامعاتهم حتى ان الواحد منا يودع فلذة كبده على امل ان يلقاه من طلقة طائشة او سكين نافذة . والقصة مؤلمة في الجانب المعرفي الذي شكل سلوك شريرا في اكثر مظاهره . فاستبدلنا التسامح والمحبة والقيم بالعبوس والتحفز للانتقام.
تخبط واضح في ظل انتشار العنف المجتمعي وافرازات الربيع العربي الذي غزانا انتج صراعا تعددت وجوهه والخاسر الاكبر هو الوطن , خسارة في الاقتصاد والسلوك , ووقف المجتمع حائرا تائها متخبطا امام هذا السيل الجارف من امراض مجتمعية انتشرت .
ووقفت المبادرات الوطنية عاجزة وضع الحلول لعجزها عن تشخيص المرض واحيانا التقاعس عن تقديم العلاج , وهذا ادى بنا للوقوف وقتا طويلا في عنق الزجاجة عبورنا صعب ورجوعنا للاسف سهل . مبادرات قائمة على الهبات والفزعات والعواطف . استعجلنا طرحها كما استعجلنا قطف نتائجها ومازلنا في بداية الطريق . نبدا المبادرة ثم نخرج منها وكأنها حلم او كابوس نفيق منه ونبدا من جديد والعلم الحديث ربط ربطا مباشرا بين مرض الزهايمر وبين كثرة الاحلام في النوم .
وقفنا في حيرة وذهول امام تقدم الامم الاخرى فاستوردنا كل شيء , حالنا كحال العاشق الهيمان الذي سيطر على عقله الحب فانتشى طربا لاسم الحبيب . والحبيب تزوج وبقي منتظرا على الاطلال . اهملنا جانب المعرفة وفشلنا في الاقتصاد تعددت اسباب الفشل وتقلصت الحلول , غاب عنا المختص وكأن الوطن قاحل بالعقول . استوردنا مسدسدات الخرز والعاب الاطفال والمشروبات الروحية والسجائر وعجزنا عن استيراد المعرفة .التنظير كثير والعمل للاسف قليل .
وعليه لابد من الاهتمام بالمعرفة التي تركز على العلم والثقافة والتربية الوطنية لايجاد مجتمع خلاق متحضر ينتقل بدولتنا الحبيبة الى دولة عصرية , يحترم افرادها القانون ويتساوون امامه , احترام مبني على القناعة لا الخوف , والعقول الاردنية في الداخل والخارج ليست عاجزة عن وضع الحلول ومتابعة ديموميتها واستمرارها .
واخيرا الاقتصاد بحاجة الى جهد وطني لانه احد مرتكزات الوطن المهمة , بنهوضه تنهض الدول , ولابد لذلك من مبادرة وطنية تنتج بعد حوار معرفي مختص معمق لنتجاوز ازمتنا . ولنخرج بتوصيات عملية مرنة قابلة للتطبيق والمراقبة .
ولنرفع شعارا ...
ان المركب واحد والبحر متلاطم لذا فكلنا شركاء في تحمل المسؤولية من اجل النهوض الذاتي بالاعتماد على النفس دون الالتفات الى المساعدات الدولية والاستدانة من الخارج , لنؤمن للاجيال القادمة مستقبلهم , ولنحقق ارادة عربية حرة في الاعتماد على الذات , ولنحمل على عاتقنا بناء الوطن شعارا في الصدور مترجما في السواعد والعقول . فنحن نستحق مكانة اسمى وارفع بانساننا وكرامتنا وقيادتنا وشعبنا المرابط الطهور .
وعلى الوعد نلتقي في رؤية اخرى من اجل الوطن .
مسكونة بهم الوطن
جدتكو طعيسه
عمان في 23/1/2012



تعليقات القراء

فنيخر
الكاتب الكريم

(ان المركب واحد والبحر متلاطم)

نفسي اعرف

ليش البحر متلاطم بس عنا

(بتروح عالغرب وعالصين ما حدا بسولف مثل هالسوالف)
23-01-2012 10:55 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات