المثقفون بين جديد العرب وقديمهم


طريق الديمقراطية لن يكون سهلا في العالم العربي. الأشواك كثيرة ، وكذلك الحفر والمطبات والالتواءات.لكن هذا الطريق سيسلك في النهاية حتى لو استغرق الأمر عقودا،لأنه لا خيار سوى الديمقراطية للنهوض والتقدم.ثمة صراع محتدم في العالم العربي بين جديد يتشكل ، وقديم متكلس ، ومتحجر. الجديد يولد في مخاض صعب ممهورا بالدم ، وسيحتاج الى سنوات حتى يستقر وينمو ، ويبدأ خطواته الأولى على طريق الألف ميل . أما القديم ممثلا بالاستبداد ، فهو في حالة استنفار قصوى ، ويبذل جهودا يائسة لاغلاق الأبواب والنوافذ والمسامات أمام رياح التغيير ، أو حرف هذه الرياح عن مساراتها . وفي سبيل الاستمساك بمواقعه ، وتأمين استمراره ، لا يتورع القديم عن ارتكاب جرائم القتل بالجملة ، وسفك الدم بغزارة . أما تزوير الحقائق ، والتواري خلف "نظرية المؤامرة" فهما صناعته، مع العلم أن وجوده واستمراره ، هما المؤامرة على الحاضر والمستقبل.

في مشهد الصراع بين القديم والجديد ، يبدو المثقفون متلددين ، حائرين في أكثر من موقف واتجاه. ثمة مثقفون لم يدابروا روح العصر وبوصلته ، وانحازوا لرسالة الثقافة ونبل مقاصدها في تأييد مطالب الأغلبية بالديمقراطية والكرامة. هؤلاء بغض النظر عن أعدادهم سينصفهم التاريخ ، وستذكرهم الأجيال . وثمة من اختاروا موقف "اللاموقف" ريثما ينقشع الضباب ، وتتضح الرؤية. أما الفضيحة فهي ظاهرة للعيان جلية ، في مواقف من يحسبون على الثقافة ، لكنهم انحازوا الى الاستبداد بحجة الممانعة والمقاومة ، وكأن الممانعة والمقاومة لا تسيران على قدمين ، ولا تتنفسان الا بالاستبداد . هؤلاء في موقف يدعو الى الرثاء ، وستبوء مواقفهم بالخسران ، لأنهم ببساطة يقبعون في الجانب المظلم من التاريخ . وهم في كتاباتهم وتصريحاتهم هذه الأيام ، يلتقطون اقتباسا من هنا وهناك ، ويتلقطون مقولات ينتزعونها من بطون الكتب والقصاصات في دفاعهم المتهافت عن الاستبداد ، وتبرير جرائمه . وبلغ عمى البصر، وفقدان البصيرة ببعض هؤلاء أن يراهن على ما يحلو لهم تسميته بالمشروع الايراني . ويتغاضون عن حقيقة هذا المشروع ، وأفعاله المشينة في العراق ، كما يتعامى هؤلاء عن "ولاية الفقيه" التي يقوم عليها "هذا المشروع" في شؤون الحكم والسياسة ، مع العلم أن "هذه النظرية" في الجوهر والمضمون ، من أسوأ أشكال الاستبداد والتوتاليتارية في التاريخ.

الثقافة والمثقف ، دور قبل أي شيء آخر . لذا أعتقد أن ما يشهده العالم من تحولات ، وما تمور به الساحة العربية من أحداث وتطورات ، تستدعي مفهوما جديدا للمثقف.حتى الكوجيتو الغرامشي الشهير حول "المثقف العضوي" ، أصبح بحاجة الى اعادة نظر ، في عصر شهد ويشهد تحولات كبرى ، استصحبتها انزياحات وتداخلات في الفواصل والمفاهيم بين الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية .ما جرى ويجري في العالم العربي كشف الأقنعة عن روابط وهيئات ثقافية وعن مثقفين هم في الحقيقة واجهات لأحزاب وقوى سياسية متكلسة فكريا ، وأصبحت من الماضي . وهذا ينسحب على الثقافة والمثقفين في الأردن . فأي مثقف هذا الذي يتعامى عن قتل المتظاهرين يوميا بالعشرات ، ويبرر للاستبداد فظائعه؟!. وهل يعقل أن يحسب على الثقافة والمثقفين من يدعي المطالبة بالاصلاح والديمقراطية في مكان ، وينظر اليهما بمنظار "المؤامرة" في مكان آخر؟!!!.



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم

د.عبدالله الطوالبه

1.(حتى لو استغرق الأمر عقودا)

احتاجت فرنساالى 100 عام لجني ثمار ثورتها الاجتماعيه.

2.في رساله قدمت في مؤتمر ثقافي في الغرب(لا تسعفني الذاكره بالمكان او الزمان)

بعنوان:

"نفاق الطبقه المثقفه"

وهو اشد سوءا من نفاق العامه

مع عظيم مودتي و احترامي

و الشكر لجراسا
09-01-2012 11:53 AM
هذلول
المحرر الكريم

اين تعليقي
09-01-2012 12:13 PM
هذلول
الكاتب الكريم

د.عبدالله الطوالبه

1.( حتى لو استغرق الأمر عقودا)

احتاجت فرنساالى 100 عام لجني ثمار ثورتها الاجتماعيه.

2.(مواقف من يحسبون على الثقافة)

في ورقه قدمت في مؤتمر ثقافي في الغرب:

بعنوان:

"نفاق الطبقه المثقفه"

وهو اسوأ من نفاق العامه

مع عظيم احترامي و مودتي

09-01-2012 12:32 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات